من الأمور التي يمكن وصفها «بخصوصية المجتمع» دون عسف مصطلح «الخصوصية» لمنع الحقوق، أن الثقافة السائدة قائمة على «وعظ الآخر»، وهذا ما يجعل أي مشكلة تصبح «كرة نار» ترمى من جهة على جهة أخرى؛ لتقذف لجهة ثالثة، وهكذا، إذ أن «الوعظ» عملية سهلة جدا ويمكن «لسجين» بعد خروجه، أن يقوم بهذا الدور «مقابل مرتب»، فيخبرك ما هو صواب وما هو خطأ. حتى وزاراتنا إذ تقوم بدور الواعظ، فتجد وزارة تعظ جهة أخرى لتهرب من المسؤولية، فترمي المشكلة «كرة النار» على جهة أخرى. آخر مشكلة «كرة نار» رميت من جهة لأخرى، كانت على يد «مسؤول» بإدارة التعليم في منطقة القصيم، إذ أكد أن التعصب الرياضي تفشى في المجتمع، وأنه لا يمكن القضاء عليه من جذوره واستئصاله إلا من خلال الإعلام عامة والبرامج الرياضية خاصة، وكانت المناسبة التي فرضت على «المسؤول» تقديم الوعظ، غياب طالب عن المدرسة «هربا من السخرية عليه بسبب هزيمة فريقه». الحق يقال: لا أعرف كيف يمكن لك تعديل أعوجاج شجرة من خلال ما تنتجه، أعني كيف يمكن حل المشكلة من جذورها واستئصاله من خلال الإعلام؟ فغالبية الإعلاميين المتعصبين قبل أن يصلوا للإعلام كانوا بيد وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي لمدة 16 عاما، ولم يحدثهم أحد عن قبح التعصب «القبلي والمذاهبي»، وأن الدين ضده، وأن القرآن الكريم يؤكده، فانتماء «أبو لهب» لقبيلة الرسول صلى الله عليه وسلم، لم يمنحه قيمة مختلفة عن الآخرين، لأن القيمة يكتسبها الإنسان مما يفعله من خير أو شر. بقي أن أقول: لا أدافع هنا عن الإعلام وأرمي الكرة باتجاه آخر، ولكن حين تزرع النبتة باتجاه التسامح وضد التعصب، ويخلق التعليم غالبية ضد التعصب، إذ ذاك إن لم يوظف الإعلام من الغالبية المتسامحة والمعادية للتعصب والتطرف، وأصر على توظيف الأقلية المتطرفة، يمكن لنا رمي «كرة النار» عليه، لأنه سيصبح المتهم الأول في زرع التعصب.