منذ أن أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في يوليو من العام الماضي استئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، وتحديد مدة تسعة أشهر لإنجاز الاتفاق النهائي، تحت إشرافه وبرعايته المباشرة، مازالت عملية السلام تراوح مكانها، رغم جولاته المكوكية، وتعيينه الدبلوماسي المخضرم مارتن إنديك مبعوثا دائما ومقيما في المنطقة. ولم يتبق من فترة الأشهر التسعة سوى شهرين، ولا تزال المفاوضات في بداياتها بعد كل هذه الفترة التي تنتهي في أبريل المقبل، فلا تقدم أحرز في المفاوضات بين عريقات وليفني، ولا اتفاق تحقق، وكل ما يجري الحديث عنه حتى الآن مجرد عرض مقترحات من كيري تحت مسمى «اتفاق إطار «، ترفضه إسرائيل وتتحفظ على العديد من نقاطه القيادة الفلسطينية. في الوقت ذاته، فإن الحكومة الإسرائيلية تحرق كل أوراق كيري، بإصرارها على المزيد من الاستيطان في القدس والضفة الغربية، بل ويتعرض كيري نفسه لهجمة من المسؤولين الإسرائيليين وقوى اليمين في حكومة نتنياهو، من أجل إفشال مهمته وابتزاز الجانب الفلسطيني للرضوخ للمزيد من التنازلات، فإسرائيل حتى الآن ترفض وضع أية حلول لقضايا الوضع النهائي وخاصة اللاجئين والقدس والاستيطان، وكل ما تبحث عنه وتطالب به هو الحجج الأمنية، مع حدود آمنة تبقي قواتها في غور الأردن، وبقاء المستوطنات في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وفي ظل هذه الظروف المعقدة، تبدو مهمة كيري عاجزة عن عقد اتفاق للسلام، وأن الوزير الأمريكي ذاهب للفشل مثل سابقيه في حل القضية الفلسطينية. الفشل الذي يلاقيه كيري في فلسطين، يبدو أنه يلاحقه في سوريا، فبعد الفشل والتراجع الأمريكي إزاء الحسم مع النظام السوري، وعدم توجيه الضربة العسكرية لقواته، من أجل وقف مجازره ضد شعبه، والاكتفاء بمصادرة المخزون الكيماوي وإتلافه، والانتقال للبحث عن حل سياسي للمعضلة السورية، والاتفاق مع موسكو من أجل عقد مؤتمر جنيف الثاني، والذي لم يحرز أي تقدم في جولته الأولى، بسبب تعنت النظام ورفضه تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر جنيف الأول، بتشكيل هيئة حكم انتقالية لا يكون لبشار الأسد أي دور فيها. إن صمت المجتمع الدولي وعلى رأسه الولاياتالمتحدة على استخدام الأسد للبراميل المتفجرة في قتل السوريين، وعدم القدرة حتى الآن على حماية شعب يواجه أكبر مأساة إنسانية عرفتها البشرية، يؤكد أن هذا النظام العالمي يسير في فشل جديد يمتد من فلسطين إلى سوريا.