يستيقظ سوق باب مكة يوميا على أصوات الباعة والمشترين وأزيز السيارات وتشكل هذا المزيج يوميا طقس في ردهات هذا السوق والذي خلع حلته القديمة واستبدلها بحراك جديد. ويعد سوق باب مكة أحد أشهر أسواق جدة القديمة، وفي الماضي انطلق منه العديد من تجار جدة المعروفين وكان يضم في ردهاته العديد من محال بيع العسل والسمن والحبوب، ولكن ما لبثت هذه الأنشطة أن تغيرت وحلت محلها تجارة الخردوات والعطور التي أصبحت سمه لهذا السوق. وقال عبدالله النجار أحد كبار السن العاملين في السوق أن باب مكة كان حتى وقت قريب سوقا لباعة السمن والعسل البري الذي كان يجلبه أبناء البادية من القرى المجاورة لجدة لبيعه، وكانوا يحملون العسل في قرب من الجلود يطلق عليها اسم «العكاك» جمع «عكة» أو يبيعونه للتجار المتخصصين في هذه التجارة آنذاك. وأضاف بقوله «كان السوق قديما مشهورا ببيع الأغنام وفي جانب منه توجد دكاكين بائعي الحبوب، كالأرز والقمح والذرة والشعير والبن و الهيل وغيرها. وفي جانب، آخر منه توجد بعض المطاعم الشعبية التي تبيع الرأس المندي و الكبدة والتقاطيع والسمك المقلي، وبعد ذلك أضيفت لها محال لبيع الأجبان والمخللات والعيش البلدي. هكذا كانت صورة السوق في عهد مضى وفي فترة ربما لا تزيد عشرين سنة مضت، أما في الراهن فقد تبدل حال السوق واختفت الكثير من سماته الماضية، وأصبح موقعا لبيع الأواني المنزلية، والبلاستيك، الخردوات التقليدية، والملابس الرخيصة. وقال جميل باريان البائع في محل لبيع السمن والعسل إن الكثير من ماضي السوق اندثر ولم يعد على ما هو عليه من قبل .. ولم يعد في سوق باب مكة من بيع السمن البري والعسل إلا دكاكين معدودة على أصابع اليدين. فيما يلمح العم علي سعيد أحد البائعين في السوق أن الكثيرين من تجار السوق الذين اشتهر بهم، واشتهروا به لم يحافظ أبناؤهم على تجارة الآباء فبعضهم انتقل إلى الأسواق الحديثة. وبعضهم حول تجارته إلى أشياء أخرى تتناسب مع طلب الناس في الوقت الحاضر. وأضاف السوق لم يعد يحمل من ماضيه إلا الاسم فقط، حيث تحولت إلى تجارة الأواني والحلويات والملابس وهجره باعة السمن والعسل. وأوضح تجار في السوق أن الإقبال على السوق قل كثيرا عما كان عليه في السابق بعد انتشار الأسواق الحديثة في مختلف أنحاء جدة .. وصعوبة وجود المواقف في سوق باب مكة .. مما يجعل الناس تردد كثيرا في المجيء إلى السوق. وأكد تجار أن الأسواق الحديثة قد سحبت الكثير من الزبائن من أسواق البلد .. وأن اعتمادهم الأساسي حاليا على تجارة الجملة مع التجار والزبائن الذين يأتون إليهم من خارج جدة.