يختزن أقدم بائع السمن والعسل والطحين والزيوت في الحجون العديد من الحكايات عن تجارة السمن البلدي والتي ظلت عالقة في ذهنه حتى وقتنا الحاضر، حيث ورث المهنة من أجداده التي ظلت تعمل في هذه المهنة منذ أكثر من 100 عام. مهنة الأجداد يقول العم علي سالمين بأن هذه المهنة ورثها عن أبيه الذي ورثها هو أيضًا من جدة وهذه المهنة لابد لصاحبها أن يتحلّى بالأمانة، ويكون لدى الناس ثقة لما يقوم ببيعه نظرًا لما حصل للمهنة بعد دخول المتلاعبين والباحثين عن الربح على حساب جودة المهنة، مشيرًا بأن السمن البلدي اختفى وبائعته قليلون جدًّا، حيث غزا السوق أنواع عديدة من السمن الصناعي، ومناطق المملكة تشتهر بسمنها. فهناك سمن الشمال، وسمن الجنوب، وسمن نجد، لكن أجود أنواع السمن يأتي من الشفا في الطائف، وهذا معروف لدى جميع تجار السمن البلدي بمكة مشيرًا بأن هناك نوعين من السمن الأبيض الخالي من الأبازير، والسمن الأخضر المضاف له أنواع مختلفة من الأبازير والبهارات؛ ليعطيه طعمًا ورائحة أكثر، ولونًا مختلفًا، والأبيض في هذه الأوقات نادر وجوده، وهناك العديد من الزيوت كزيت السمن، والزيتون، والخروع، والنارجين، واللوز، والخس، والجرجير، والصبار، وزيت اللوز الحلو الذي يستخدم للأطفال المصابين بالقشور. 60 بائعا فقط وقال بأن مكة كانت تحتضن في السابق أكثر من 60 محلاً لبيع السمن البلدي في سوق المعلا، ومع مرور الوقت بدأ أعداد التجار في تقلّص حتى لم يبقَ سوى محلي الذي بقي الوحيد الذي يبيع السمن البلدي حتى وقتنا الحاضر. مؤكدًا في الوقت نفسه بأن زبائن زمان يختلفون عن زبائن الحاضر، القدماء كانوا حريصون على تناول كل ما هو طبيعي؛ لذلك لا تجد الأمراض الذي ظهرت الآن منتشرة بين الناس كالسكر والضغط والكولسترول وغيرها من الأمراض التي انتشرت بسبب الكيماويات، وكان الناس يحرصون على تناول السمن الطبيعي ليعوض الطاقة التي يفقدها خاصة أن معظم الأعمال في ذلك الوقت مهنية وحرفية تحتاج إلى بذل مجهود. والسمن والعسل يعوضان الجسم عما فقده الجسم. والسمن البلدي يظهر من قيمته، وكل سمن كلّما كانت جودته أعلى غلا سعره. مقياس الموازين وعن طرق حساب اوزان السمن والعسل أوضح العم علي بأنه في السابق كانوا يبيعون السمن بالأوقية، حيث كانت تشترى من البلدية هذا قبل أن نعرف الكيلو، وعندما تغير مقياس الموازين وأصبحت بالكيلو تغيرت طريقة الحساب، وأصبحت بالكيلو. وشاركه فهد لبان أحد زبائن المحل منذ أكثر من 30 عامًا، حيث حدثنا بأن سمن البلدي لا تجده إلاَّ في محل العم علي الوحيد الذي بقي من المحلات القديمة التي كانت موجودة في سوق المعلا، مبينًا بأن السمن المغشوش قد غزا السوق بدليل أسعاره الزهيدة.