عندما غاب منهج الوسطية والاعتدال عند بعض الدول والأقاليم، ظهرت شريعة الغاب وانتشر التخريب والتفجير والتدمير والإرهاب بأسلوب رخيص وبأسماء مستعارة تروج للإرهاب المسلح وقتل الأنفس المعصومة وسفك الدماء البريئة وتدمير الحجر والبشر والشجر مستغلين طاقة الشباب وحماسهم وعقول البسطاء من الناس بالكذب على الله ورسوله بتحريف النصوص تارة وبخطب منبرية ومواعظ حماسية وأقوال منمقة تارة أخرى. وإن تعجب فعجب لهؤلاء السماسرة الذين يسوقون للشباب السخافة والسراب، بأنهم جعلوا طريقتهم هي الطريقة المثلى، وحجروا الحق على فكرهم وحيدا فردا، بينما الإسلام جاء بنور التسامح والتعايش، ونبذ العنف والكراهية، فعاشت مجتمعات بعاداتها وتقاليدها وثقافاتها المختلفة في ظله كالجسد الواحد. لكن جاء هذا الفكر العفن يعصف بهذه اللوحة الجميلة، ويشتت الآراء ويشق الصف في تنازع عميق يصاحبه نزيف دموي، ولا يخفى على أحد بأن المملكة قد عانت من هذه الفئة الضالة التي شنت على المملكة هجمات إرهابية تعددت في أشكالها وصورها لكن بفضل الله ثم بسبب الخبرة التراكمية للقيادة استطاعت المملكة تقدم تجربة رائدة في التصدي لظاهرة الإرهاب، حيث قامت هذه التجربة عبر جهود كبيرة مبنية على أسس علمية عميقة، كإشراك المواطن في محاربة الفكر الضال، وبناء قلاع تعليم وتحصين فكري للشباب و للمجتمع، من خلال برامج توعية عبر وسائل الإعلام المختلفة، وتعريف بالرسالة الأمنية وإيضاح ما يمليه الواجب الوطني لكل مواطن ومقيم للإسهام بفاعلية في حفظ الأمن والنظام، واعتبار أن الوطن خط أحمر لا يمكن المساس به، وعمدت كذلك على استيعاب المتورطين في الفكر الضال وإعادة دمجهم في المجتمع، من خلال لجنة المناصحة التي حظيت فكرتها بدعم وتأييد كبير من الأمير الراحل نايف بن عبدالعزيز رحمه الله، ولم يقف عند هذا الحد، فالمملكة قاهرة الإرهاب فلما بلغ السيل مبلغه والتطرف منتهاه، جاءت الأوامر الملكية الأخيرة لتعزز مكافحة الإرهاب داخليا، وتجرم القتال خارجيا، كل هذا سيحقق الريادة للمملكة ويجعلها نموذجا يحتذى به في التصدي للفئات الضالة.