في السنوات الأخيرة، أصبح المواطنون ومجتمع الأعمال والحكومات في العالم أكثر إدراكا لآثار النمو الاقتصادي في العقود الماضية، وما قد يترتب على البيئة الطبيعية وتنمية المجتمعات المتماسكة. وقد أثار عدد من الأحداث والاتجاهات المخاوف بشأن «الاستدامة الاجتماعية» لنموذج التنمية القائم في العالم .. وما نتج عن هذه الأحداث ما أصبح يعرف باسم «الربيع العربي»، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة في العديد من الاقتصادات الغربية، وخاصة في قطاعات السكان وما يحويه من الشباب والأفراد الأقل مهارة، وزيادة عدم المساواة في الدخل والفرص الاجتماعية والاقتصادية في كل من الدول الغربية، وسرعة تزايد الاقتصاديات الآسيوية. علاوة على ذلك، من حيث «الاستدامة البيئية» والنموذج الاقتصادي القائم التي يحركها الاستهلاك، إلى جانب وجود ارتفاع عدد السكان مما أدى إلى زيادة الضغط على الموارد الطبيعية مثل المياه والطاقة والموارد المعدنية التي أصبحت أكثر ندرة في ظل ارتفاع الطلب.. أيضا هناك عواقب بيئية غير مرغوب فيها للنشاط البشري، مثل التلوث الذي يؤدي إلى عالم أقل للسكن، وعواقب لا يمكن التنبؤ بها من تغير المناخ التي تثير أيضا تكاليف الإدارة البيئية.. وهذه التغيرات تشكك في الجدوى الاقتصادية التي لا تؤخذ في الاعتبار بشكل كامل. ونتيجة لذلك، فإن الاستدامة الاجتماعية والبيئية أصبحت على نحو متزايد من المكونات الهامة ومكملة للأداء الاقتصادي.. وبالتالي فإنها تحتاج إلى أن نتفهم ملامحها وقياسها من أجل إبلاغ السياسات التي من شأنها ضبط وتحقيق الأهداف المرجوة، وتتبع التقدم المحرز نحو أفضل المستويات وأعلاها من حيث الرخاء المستدام بشكل صحيح.ومن أهم الجهود الرامية إلى تحديد وقياس الاستدامة، تحديد «الفجوات المعرفية» واستجابة لهذه الرغبة المتزايدة لتفهم أفضل لقياس العلاقة بين النمو الاقتصادي والاستدامة.. وقد بدأت العديد من الدراسات الأخرى لتقييم العلاقة بين النمو الاقتصادي وعدم المساواة أو النمو الاقتصادي والتماسك الاجتماعي، وتحليل التكاليف المحتملة لزيادة عدم المساواة التي يمكن أن تؤدي إلى توترات اجتماعية وسياسية وأعمال الشغب، وعدم قدرة المجتمعات على تعبئة جميع الموارد الإنتاجية المتاحة وكذلك تطبيق النظرية الاقتصادية على القضايا البيئية.. ونتائج العلاقة بين النمو الاقتصادي وارتفاع البطالة الهيكلية على المدى الطويل، والعلاقة القائمة بين عدم المساواة في الدخل والنمو. وقد بذلت جهود كبيرة خلال العقود الأخيرة إلى ابتكار أساليب ومقاييس لالتقاط مفهوم الاستدامة؛ فعلى سبيل المثال، مفهوم المحاسبة الثلاثي خط القاع.. وقد تبنت المنظمات الدولية جهودا لإدماج مقاييس الاستدامة البيئية والاجتماعية بشكل أفضل في تعميم الفكر التنموي في المجتمعات؛ والمفوضية الأوروبية، على سبيل المثال، قد أدمجت أهداف الاستدامة في استراتيجية نموها، و «إن استراتيجية أوروبا عام 2020 للنمو ذكية وشاملة مستدامة» .. وقد شمل برنامج الأممالمتحدة الإنمائي (UNDP) أيضا مفاهيم الاستدامة البيئية والإنصاف في تقدير مجال التنمية البشرية. وكانت كل هذه الجهود الرامية إلى إدماج مقاييس الاستدامة البيئية والاجتماعية بشكل أفضل في تعميم الفكر التنموي بفضل المحاولات الجارية لتحسين المؤشرات في هذه الحقول، والتي لاتزال غير متاحة على نطاق واسع.. وحول الفكرة المركزية للقدرة التنافسية المستدامة التي تعكس البحث عن نموذج تنمية متوازن الازدهار الاقتصادي، والإشراف البيئي، والاستدامة الاجتماعية؛ فللحديث بقية.