حين قرأت أن أحد المديرين في فرنسا، أقيل من منصبه، بعد أن تبين أن شهاداته العلمية مزورة، تساءلت: كم أمثاله في المجتمع السعودي؟ وهل أقيلوا؟ أم ظلوا في مكاتبهم محاطين بالرعاية والعناية، يفقدون الأنظمة هيبتها، تغط في سباق عميق؟ أليس هذا هو الفساد بعينه، والمفسدون «يملكون تعطيل القانون، وقتل القرارات التنظيمية في المهد». أخطر فساد في أي مجتمع، أن يتولى إدارته أصحاب شهادات مزورة، هؤلاء يزاولون الفساد والإفساد، وبسببهم ترتفع تكلفة الخدمات، وتتسع دائرة الفساد، ويستشري، وتسخر الوظيفة العامة للمصلحة الشخصية، وتكثر الرشى، وأصحاب النفوذ، وتعج دوائر الدولة بالمحاسيب، ويظهر الانحراف، وتغيب جدية الالتزام بالحفاظ على سلامة المؤسسات، التي تحكم العلاقة بينها وبين المجتمع، وهذا ما تكافحه الأنظمة. قضية أصحاب الشهادات المزورة في المجتمع السعودي، قضية وطنية في الدرجة الأولى، ومن ثم فهي قضية رأي عام، تتطلب «مساندتها بالعمل الدؤوب، لتعزيز مبادئ الشفافية، والمساءلة، وإزالة الاختلال في وضع المؤسسات والسياسات، وضرورة المعالجة الجذرية، التي تزداد إلحاحا مع مضي الوقت». تبدو خطورة هذه القضية، إذا أدرك المرء أن القضاء السعودي ينظر سنويا في (70) قضية تخص الشهادات العلمية المزورة، فضلا عن وجود (1400) جامعة وهمية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، و(36) ألف جامعة وهمية في الهند، وجامعات في مصر تبيع شهادات الماجستير والدكتوراه ب(12) ألف دولار، لا بل تبدو القضية على أنها فساد منظم وممنهج، إذا علم المرء أن هناك «حملة شهادات وهمية، ينتشرون بشكل مخيف في مناحي العمل كافة في المملكة» وفقا للدكتور فهد الرويلي (عضو مجلس الشورى) الذي أضاف أنه «وجد كثيرا منهم، يقدم نفسه على أنه حائز على شهادة علمية، وهي بالأساس شهادة وهمية». من المؤسف أن أصحاب الشهادات الوهمية والمزورة، يحظون بدعم ممن يلفظهم المجتمع، لتدخلاتهم المغرضة، محملين الوطن مخاطر إدارة الإعمال، والمواطن ضغطا، وإخضاعا لرغباتهم الفاسدة، الخالية من الركائز السليمة، لترشيد العلاقة بين أجهزة الدولة والمواطن. أولئك الفاسدون وباء، ينبغي تطهير المجتمع منهم، فالمرض استفحل. بريد إلكتروني: [email protected] فاكس: 014543856