يقوم الناقد والمترجم المغربي شكير نصر الدين بمجهود علمي عميق، ففي السنوات العشر الأخيرة أغنى هذا المترجم المثابر الخزانة العربية بترجمات مهمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية ناقلا إلينا كنزا من الدراسات السردية واللسانية والسيميائية نذكر منها جمالية الإبداع الأدبي لميخائيل باختين، وكتاب القراءة لفانسون جوف الذي ترجمه بشراكة مع الناقد والمترجم المتميز محمد أيت لعميم. كما ترجم مؤخرا رواية غيوم ميسو فتاة من ورق. ومن بين هذه الكتب التي ترجمها المترجم حديثا كتاب الباحث الفرنسي روجي جيروم: النقد الأدبي الذي صدر دار التكوين بدمشق. صدره المترجم بمقدمة مكثفة جاء فيها: (يدخل الكتاب ضمن خانة الكتب التي تمد القارئ بالأدوات الميسرة لاكتساب المعارف وتسهيل الوصول إلى مضامين دراسية بعينها، تنتمي في هذا السياق إلى حقل النقد الأدبي الشاسع، حيث يمهد السبيل من أجل استيعاب سهل للتيارات النقدية (النقد الموضوعاتي،النقد التحليلنفسي، مثلا...) ومعرفة المؤلفين، نقاد ومنظري بارت، إيكو، جنيت، باختين، غولدمان، لانصون، مورون،ريشار، وغيرهم) والمناهج التي يجب الاعتماد عليها (التاريخ الأدبي، جمالية التلقي، التكوينية النصية، إلخ) والمفاهيم التي ينبغي التزود بها أثناء قراءة وتحليل النصوص (التناص، الرؤية إلى العالم، العلاقة النقدية، القارئ الضمني، ومثيلاتها) لقد جرت العادة منذ أمد طويل على النظر إلى النقد باعتباره نشاطا مصاحبا للإبداع الأدبي فحسب، بيد أن الازدهار غير المسبوق الذي عرفته أعمال نقدية كثيرة خلال القرن الماضي يُظْهِر بوضوح أن النقد ليس مجرد تمرين على ملكة الحكم، ولا حتى ممارسة للشرح، بل هو بناء، إن لم يكن إنشاء للمعرفة، إذ يُبين في حقيقة الأمر أن الأدب شكل من أشكال المعرفة التي تضع تصوراتنا وممارستنا اللغوية على المحك. وفي هذا الإطار، لا يمكن فصل النقد الأدبي عن تاريخ الفكر. يعد هذا الكتاب بمثابة تفكير معمق في رهانات النقد، كما أنه يعيد رسم تاريخه، ويقترح تحاليل مفصلة لأبرز تياراته النظرية الأكثر تمثيلية، ويسائل تحولاته الراهنة. هذا وقد توخينا في ترجمة هذا الكتاب إلى العربية من الدقة ما استطعنا إليه سبيلا، إذ وضعنا أسماء الأعلام باللغة العربية مرفقة بالمقابل اللاتيني، من باب التيسير، وسرنا على النهج نفسه فيما يخص أبرز المفاهيم النقدية، هذا ولسوف يلاحظ القارئ أننا احتفظنا بالكتابة اللاتينية لبعضها تجنبا لكل التباس، وتخبط، وتلك حالة المفاهيم التالية: هرمنطيقا Herméneutique التي لم ننجر وراء ترجمتها بالتأويلية، حتى لا تلتبس مع interprétative،والأمر كذلك بالنسبة للفيلولوجيا philologie التي لم نترجمها بلفظة «فقه اللغة» لاختلاف حمولة المصطلحين عند العرب وعند الغرب. كما أننا حافظنا على مصطلحات منحوتة، احتراما لمبدأ الدقة العلمية، ومثال ذلك المصطلحات التي ولَّدها أصحابها لغايات سوف يقف عندها القارئ في مواضعها، ونقصد بها، السوسيونقد sociocritique، و السيكو نقد psychocritique ،و التحليلنصية textanalyse.