يشاركنا لوركا اللحظة يقرأ نيابة عن أوراقنا المتعثرة في الارتباك قصيدة يسترخي على أغصان صمتنا حين تستجمع الحروف قواها، ينفث دخان دهشته مغمضا نصف عينيه في تأمل باسم لغرابة المطر وهو يهطل من جبين إنسان. يردد خلف سبابتي تمتماتها وهي تقرأ نبوءة العرافات في خطوط كفك. يتمنى في خشوع مع ما تراءى له من يقين ينساب في جدول نبضنا: (أنا لا أتمنى غير يد. يدٍ جريحة لو أمكن ذلك، حتى لو قضيت ألف ليلة بلا مضجع..*) يغني وهو يشاهد انتحار الصقيع دفئا مع شهقة العطر على نحر الساعات الغائبة: (ألف مهر أسلم للنوم في ساحة جبينك المضاء بنور القمر.*) هديل النظر يستدني غواية السديم نتبادل كأسا من رحيق الغيم «في صحة الشوق.. ولهفة المواعيد» يلملم أوراقه مغادرا، هامسا: (لا يريد الليل أن يأتي حتى تأتي ولا أستطيع أنا الذهاب إليك إلا أنني سأذهب *) يغادر، تاركا لنا مدينة تعزف الليل أغنية وغيمة نغرق فيها.. ** الجبل الأخضر: معلم سياحي في مدينة أبها * ما بين الأقواس للشاعر الإسباني فيديريكو غارثيا لوركا