مواجهة عشائر الأنبار في العراق لما يسمى تنظيم دولة العراق والشام «داعش» واقترابهم من القضاء عليه بعدما حوصرت فلول التنظيم في الرمادي وقطعت عنها كل خطوط الإمداد، وذلك بالتزامن مع مواجهة الجيش الحر للتنظيم في سوريا وعزمه على القضاء عليه تماما؛ بعد أن اتضح أن التنظيم له أجندته الخاصة، ويعمل على مشروعه الشخصي لإنشاء إمارة إسلامية، يمارس فيها القتل والتطرف والموت باسم الجهاد الإسلامي، والإسلام كله براء مما يفعلون هم وغيرهم من الجماعات الجهادية والتكفيرية المتطرفة، كلها مؤشرات على قرب زوال هذا التنظيم، طالما كانت الشعوب عازمة على التخلص منه، وتثقفت على رفض هذا النمط من التفكير ورفض من يعتنقه. لقد كتبت هنا غير مرة، عن خطر هذه الجماعات الجهادية التكفيرية على الإسلام وعلى الشعوب قبل الحكومات، ومقاطع الفيديو المصورة على اليوتيوب لعمليات جز الرؤوس، وقتل النساء والأطفال، وجلد الأبرياء في الشوارع أمام المارة، وأعمال التفجير والتفخيخ والقتل بدم بارد، كلها شواهد تقدمها هذه الجماعات على نفسها وتفاخر بها، مدعية أنها في سبيل الله، خاصة أن لديها من يفتي لها بجواز ذلك، بل وتفاخر بأبعد من هذا؛ بمنح شهدائها المزعومين صكوك غفران وجوازات عبور إلى الجنة بدون حساب، وتوزيع الحور العين عليهم بالمجان. الثورة السورية بدأت الآن في تنظيف نفسها من الشوائب التي علقت بها، والتخلص من هذه الجماعات التكفيرية التي كنا نعلم جميعا بأنها ستنقلب يوما ما على الثوار الحقيقيين وتختطف ثورتهم وتصفيهم، وقد تقدمهم قربانا لمن يمكنهم من إنشاء إمارتهم الإسلامية التي يحلمون بها. هذه الجماعات تسلقت على أكتاف الشعب السوري الذي خرج في البداية ضد نظام الطاغية بشار، مطالبا بحقوقه المشروعة، خروجا سلميا كلنا كنا شهودا عليه، لكن دخول هذه الجماعات التكفيرية ومن دعمها، أدى إلى دخول أطراف إقليمية إلى الساحة السورية من لبنانوالعراقوإيران ومن كل مكان، وكان حزب الله مدعوما بإيران وميليشيات عراقية يشرعون وجوده في سوريا للتصدي لهذه الجماعات، بينما هذه الجماعات لا ينتمي لها إلا كل مهووس بالقتل والموت والدم من كل المذاهب. هؤلاء التكفيريون كانوا طعنة موجعة في خاصرة الثورة السورية، وكانوا سببا مباشرا في إحجام المجتمع الدولي عن تزويد الثوار بالسلاح بعد أن بدأت المواجهات العسكرية على الأرض، خوفا من أن يقع هذا السلاح في أيديهم فينقلبوا على الشعب وعلى دول الجوار وهم أكثر قوة وتسليحا ويصعب إيقافهم وقتها، وبقي العالم مترددا في تقديم الدعم، وقضى أكثر من 150 ألف سوري نحبهم، وكل مقتول فيهم لا يعلم على وجه التحديد هوية قاتله أو حتى لماذا قتله ؟!! حتى وصلنا إلى جدل لا ينتهي حول «جنيف 2»، وهل سيعقد أم لا ؟، وهل سيشارك فيه الأسد أم لا ؟، وهل سيشارك الائتلاف فيه أم لا ؟، ويبدو واضحا وجليا، أنه لن يكون أوفر حظا من «جنيف 1»، في حال انعقاده. هذا بالإضافة إلى أن هناك من له مصلحة في تأجيج فتنة طائفية تأتي على المنطقة بأسرها، ومما لا شك فيه أن هذه الجماعات كانت عنصرا أساسيا في إشعال فتيل الطائفية الذي أشعلت إيران طرفه الآخر، وبات كل طرف يتربص بالآخر ليقتله شيخا كان أو طفلا أو امرأة، لا يهم، المهم هو أن يقدم كل طرف منهم مهر جنته وعروسه فيها وفق قناعاته المذهبية الطائفية، والمسخ الايديولوجي الذي بات عليه المنتمون لكل طرف، بينما الذين يدفعون الثمن هم بالتأكيد أبرياء لا ناقة لهم في هذه الحرب ولا جمل. القضاء على «داعش» هو بداية تحرير الثورة السورية، ولا بد أن يعقبه القضاء على كافة التنظيمات الإرهابية والجماعات التكفيرية هناك، وخروج حزب الله من سوريا، وقتها سيكون السوريون قادرين على أن يحدوا من تدخل إيران وغيرها، وعلى أن يخوضوا حربهم ضد نظام الطاغية بعدالة وشرف، ودون الحاجة ل «جنيف 2» إلا مصيفا للشعب، وليس للسياسيين الذين يتفاوضون هناك على اقتسام هذا الشعب.