هيا بنت عبدالله آل حسين من الرياض وشروق محنشي من جازان احتلتا، كل في فئتها العمرية، المركز الثالث في المسابقة الدولية للرياضيات الذهنية التي أقيمت مؤخرا في هونج كونج. الأولى دخلت المنافسة مع قرابة 500 طالب وطالبة، في مجالات الجمع والطرح الذهني والعداد الصيني والضرب والقسمة وظهر إبداعها في إجراء العمليات الحسابية بدقة متناهية في مدة لا تزيد عن ثلاث دقائق. والثانية، في حالة نادرة على مستوى العالم، استطاعت حل 40 مسألة حسابية، في يديها اليمنى واليسرى، خلال 80 ثانية، في توافق ذهني عضوي مدهش. وبذلك أذهلت وفود العالم واللجان التحكيمية والمدربين. هذان الخبران السعيدان المفرحان، عدا تداولهما على تويتر، مرا مرورا سريعا على صحفنا المحلية وغابا غيابا مفرطا عن باقي وسائل الإعلام، المشغولة والسعيدة باليوميات الفارغة والتفاهات المتعددة، حيث يبدو أن الأخبار العلمية، خاصة إذا كانت عائدة لبنات، لا تلفت النظر ولا يحتفي بها صناع الرسائل الإعلامية المحلية، الذين يطاردون معارك الديكة، الخالية من الأبعاد والمضامين الحقيقية. كان يجب أن تحتل صورتا هيا وشروق واجهة الأخبار وأن تشعرا بوضوح بأن ما حققتاه من نجاح علمي مذهل محل تقدير الوطن والمجتمع، الذي تعوزه إنجازات من هذا النوع. وكان يجب على وزارة التربية، وقد خرجت البنتان من مدارسها العامة، أن تستغل المناسبة وتجعل، على الأقل، من البنتين المبدعتين مثالا رائعا قابلا للتسويق على باقي الطلبة والطالبات، الذين يتسرب بعضهم من المدارس بسبب (فوبيا) وعنت مادة الرياضيات. وهنا أنقل لكم التصريح «المسؤول» الذي أدلت به ابنتنا شروق عن «أن سبب القطيعة بين الطلاب ومادة الرياضيات يكمن في الانطباع المتراكم لدى الأسر في صعوبة وعقدة المادة، ولو أن كل طالب وطالبة عمل على تغيير النظرة المتشائمة، لتحقق الهدف المرجو منها، وهي الحصول على قيم التفسير والتحليل للأشياء، والفهم والإدراك وسرعة البديهة». أما أنا فسأستغل هذه المناسبة (البناتية) الكبرى لأقول للبعض إن عقول البنات، ما شاء الله تبارك الله، لا تقل عن عقول الأولاد في شيء. وهذه العقول، صغيرة أم كبيرة، تستطيع أن تنجح وتبدع وتتفوق. وتستطيع أن تميز بين غث الأشياء وسمينها وما هو في صالحها أو في غير صالحها. أي أنها لا تحتاج إلى هذه الوصايات الذكورية، التي تنطلق من أن الأنثى أقل وتحتاج دائما إلى ظل رجل يرعاها ويحدد لها مسالك الحياة. شروق وهيا درس كبير لمن يريد أن يتفقه، بنية صادقة، في شؤون البنات ويعترف بعقولهن الكبيرة.