بالتأكيد لم يكن البحارة الذي يعبرون بالسفن القديمة من الدمام إلى البحرين يحتاجون وقتا طويلا كي يروا البر البحريني. وأشك في أنهم يمكن أن يسألوا بعضهم البعض خلال هذه الرحلة القصيرة: (بينت البحرين؟!).. لأنها ستكون ظاهرة لهم منذ لحظة الإبحار، ولكن اليوم بعد زحام السيارات على الجسر فإن ركاب السيارة الواحدة سوف يسألون بعضهم هذا السؤال أكثر من مرة وهم يتمتمون أن الرحلة الحقيقية لن تبدأ إلا بعد تجاوز هذا الطابور الطويل من السيارات أمام المنفذ السعودي!. وقبل يومين شاهد مدير عام الجوازات الجديد اللواء سليمان اليحيى بنفسه الزحام الفظيع على جسر الملك فهد الذي يربط السعودية بالبحرين الشقيقة.. كان يريد الوقوف على مصداقية تقرير هيئة مكافحة الفساد حول زحام الجسر. وذكرت الصحف أن مدير الجوازات أقر بالزحام مطالبا بالبحث عن حلول لدى المسافرين، وتطبيق أفكار جديدة مثل الاكتفاء بنقطة جوازات واحدة بعد الاتفاق بين البلدين، إضافة إلى زيادة عدد الكبائن، كما وعد الموظفين في جوازات الجسر بالنظر في مطالبهم. وبما أن اللواء اليحيى عاش الواقع بالصوت والصورة فهو مطالب اليوم بتغييره بأسرع وقت ممكن.. ومبدأ الاستعانة بأفكار المسافرين على الجسر في البحث عن حلول لمشكلة الزحام وتطوير الخدمات فيه سوف يقود إدارة الجوازات إلى حلول مبدعة ويعزز تواصلها مع الجمهور. أما فكرة التفاهم مع الإخوة في البحرين حول نقطة الجوازات الواحدة فهو يحتاج اتخاذ خطوة عملية عاجلة لأننا تعودنا في كل الأعمال الخليجية المشتركة أن يأخذ الأمر وقتا طويلا في الدراسة والتمحيص.. لذلك فليمحص الأمر من الآن كي نقترب من إمكانية تطبيقه. وأتمنى أن يستهلك أكثر بلدين متحمسين للاتحاد الخليجي وقتا طويلا في الاتفاق حول نقطة جوازات موحدة!. أما أداء الموظفين وسرعة إنجازهم فهي المسألة التي يجب أن يضعها مدير عام الجوازات تحت مجهر دقيق. فالعديد من المواطنين يقولون إنهم لا يحتاجون كل هذا الوقت الطويل حين يمرون بالمنفذ البحريني رغم أن عدد المسافرين هو نفسه. إذا كانت هذه المشكلة بسبب نقص في عدد الموظفين فالواجب أن تعالج، وإذا كانت ثمة إمكانات تكنولوجية أو أنظمة جديدة يمكن أن تختصر وقت المسافر فالواجب الاستعانة بها، أما إذا كان الموظفون بحاجة إلى مزيد من التدريب كي يكونوا قادرين على إدارة هذا الممر الاقتصادي والسياحي الحيوي بصورة عصرية بشوشة وخفيفة على القلب وسريعة فإننا نتمنى أن يحدث ذلك عاجلا وليس آجلا. من يدري؟.. فقد يكون تطوير أداء الجوازات على جسر الملك فهد ملهما لنا كي نتغلب على الطوابير الطويلة والمتعرجة في المنافذ البرية والجوية والتي لا نجد مثلها حين نصل إلى المنفذ الآخر.. أظن أننا حينها سوف نكتشف بأن المسألة أسهل كثيرا مما كنا نتخيل!.. وأننا لم نكن بحاجة لإبقاء المسافرين في سياراتهم كل هذا الوقت لو كان يتوفر لدينا أمران: القرار .. والخيال!.