لم يعد سرا مشاركة حزب الله اللبناني في استباحة الدم السوري، فقادته يتباهون مرارا بزعمهم حماية الأضرحة المقدسة في سوريا ودعمهم للنظام المجرم هناك في حرب الإبادة الجماعية المذهبية المقيتة ضد الشعب السوري. في مقابلة لقائد من حزب الله نشرتها الجارديان البريطانية قبل أيام يبرر فيها مشاركتهم في الحرب حيث قال عن الجيش السوري «إنهم يقاتلون بسوريا، لقد خسروا أكثر من ثلاثين ألفا من الرجال ونحن معهم نعطيهم النصائح وفي بعض الأحيان نوجههم بالمناورات القتالية»، ويضيف بغرور «لقد تمكنا في غضون ثلاثة أسابيع من الاستيلاء على القصير، والذي عجز عنه الجيش السوري في أكثر من عامين». ولكنه في المقابل اعترف بشدة القتال في سوريا وقال «التكفيريون مصممون على تدمير سوريا ونحن لهم بالمرصاد»، واعترف بمقتل 112 من أفراد الحزب والقادة في شهر مايو العام الماضي في معركة القصير. «الجهاد المقدس» الذي يقوم به حزب الله في سوريا كما يزعم لم يكن نزهة أو بخسائر بسيطة كما كان يأمل قادته، أو كما شهده في معركته مع إسرائيل قبل سنوات قليلة، تلك التي صفق له حينها كثير من العرب المخدوعين فيه، فعدوهم يعتمد نظام حرب العصابات والكر والفر، وبغباء قادته السياسي - وقد يكون السبب أنه كان الحل الوحيد والأخير لهم - جمع ضده في معركته أعتى المقاتلين وحتى «التكفيريين» من كل فج وصوب وزاد في خسائره في سوريا والحنق في الداخل اللبناني والبحث عن خلاص منهم. جريدة القبس الكويتية بينت مؤخرا من مصادر خاصة لها، أن عدد قتلى حزب الله في سوريا قد فاق ال650 عنصرا حتى الآن، وذلك يفوق بيانات الحزب الرسمية في نعي قتلاهم التي تشير إحصائيا إلى 272 قتيلا، بينما أعلن مؤخرا موقع كلنا شركاء الإلكتروني تمكنه من توثيق صور لأكثر من ألف قتيل من حزب الله قضوا في مناطق مختلفة في سوريا وبينهم عشرات من القادة الميدانيين الفاعلين في الحزب. إذا صحت هذه الأعداد من القتلى فأعداد الجرحى والمصابين بإعاقات خطيرة أتوقع أنها تقدر بالآلاف وهذه الإحصائات حتى إن لم يعلنها الحزب فهي معروفة للحكومة اللبنانية من واقع المصحات ومشاهدات المصابين في كل مكان، وسوف تزيد بلا شك الحنق الشعبي والغضب في لبنان واشتعال الوضع المتأزم أصلا من المغامرة الفاشلة للحزب في سوريا، وخاصة في الطائفة الشيعية التي تتعرض لانقسامات خطيرة بسبب هذا التدخل السافر. حزب الله لم يخسر أفرادا فقط، بل حتى على مستوى المعدات العسكرية المتطورة والتي تأتيه من حليفه الاستراتيجي، فصارت أهدافا للمقاومة السورية وحتى لإسرائيل. في الحقيقة خسارة حزب الله في الأشهر القليلة التي شارك فيها رسميا في النزاع في سوريا كبيرة جدا وهي أكثر بكثير مما خسره في ثلاثة عقود من النزاع مع الكيان الإسرائيلي، فالحزب خسر شبابا لبنانيا يافعا مغيبا، خسر ثقة الشعب اللبناني فيه وخسر هويته الوطنية ودعم العالم العربي. تقوية الجيش اللبناني النظامي هي أولوية كبرى في الفترة الراهنة للحفاظ على استقرار لبنان والسلم الأهلي فيه والمنطقة بشكل عام، يقوم بها المخلصون المحبون للبنان وشعبه وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية وهي ليست موجهة ضد فصيل أو حزب أوشك على الدمار!