تشهد العلاقة بين الشباب والقطاع الخاص في المملكة ما يمكن وصفه ب «فقدان الثقة»، بمعنى أن معظم الشباب لا يثقون بما يقدمه لهم هذا القطاع خصوصا في مجال فرص العمل، فيما القطاع الخاص لا يثق بقدرة هؤلاء على تقديم ما ينتظره منهم. ما هي أسباب عدم وجود الثقة بين الطرفين، وكيف يمكن تعزيزها بين الطرفين؟ هذا السؤال طرحته «عكاظ» على متصفحي موقعها الإلكتروني الذين تفاعلوا معه بشكل كبير من خلال تحليلهم أسباب عدم الثقة هذا واقتراح الحلول لذلك، حيث اعتبروا أن عامل الخبرة هو الحاجز بين الشباب والقطاع الخاص، إضافة إلى أن غياب الأمان الوظيفي هو أحد أهم عوامل أزمة الثقة بين الطرفين، وكذلك تدني الرواتب، في حين اتهم عدد من المشاركين شركات القطاع الخاص بالسعي إلى الربحية دون النظر إلى الأهداف الوطنية السامية، وبذل أي مجهود تجاه شباب الوطن، من حيث تدريبهم وتأهيلهم بالشكل المطلوب، مشددين على أن هذا الأمر ينعكس سلبا على الاقتصاد الوطني. الاستقرار الوظيفي بداية قال عبدالرحمن أنور علي حسن (33 عاما) مدير الخدمات المساندة والنقل في شركة الناغي هيونداي: إن الثقة الضائعة بين الشباب والقطاع الخاص، هي نتاج سنوات كثيرة من التعامل بين الطرفين، فكل طرف مر بتجارب كثيرة منها السلبية ومنها الإيجابية مع طغيان السلبية منها على الإيجابية، فمن جهة الشباب يحلمون بالحصول على عمل مثالي مرتبط بسلم واضح للرواتب مدعوما بالتدريب الاحترافي والتطوير لبلوغ مناصب أعلى، يحقق لهم طموحاتهم المستقبلية التي يسعون إليها وبناء أسرة سعيدة في ظل الغلاء المعيشي الذي نعاصره، إضافة إلى تعديل ساعات العمل بشكل يسمح للموظف الوفاء بالالتزامات الشخصية والعائلية، وبالتالي الاستقرار الوظيفي. وأضاف: أما من جهة القطاع الخاص، فنظرا للتجارب التي خاضها مع الشباب، السلبية والإيجابية، أصبح يتبع سياسة الحيطة والحذر معهم، خصوصا أنه ترسخت لديه فكرة أن الشاب السعوديين ليسوا على قدر المسؤولية، وللأسف هذه النظرة السلبية معممة على الجميع. ولكنه أشار إلى أنه يمكن ترميم حالة عدم الثقة، وبالتالي تنميتها بين الطرفين من خلال مفهوم واحد وهو ربط سلم الرواتب والترقيات والتدريب والتطوير بمقاييس واضحة ومفهومة للجميع، ليمنحوا الشباب الثقة والأمان في الوظيفة التي يعملون فيها. ضعف الرواتب من جانبه رأى محمد المهوس أن ثلاثة عوامل تؤدي إلى فشل القطاع الخاص في استقطاب الشباب الأول: سيطرة الأجانب على القطاع الخاص وخصوصا على المراكز القيادية الذين لا يأبهون بالشاب السعوديين، حتى أنهم يعرقلون توظيفه لديهم. والثاني: ضعف الرواتب الأمر الذي يجعل المواطن لا يبالي بالانتظام في العمل. والثالث: أن الكثير من رؤساء شركات القطاع الخاص يوجهون بعدم التوظيف الشباب السعوديين وخصوصا المتعلمين، لأنهم سيطالبون برفع رواتبهم وتحين مراكزهم بعد فترة قصيرة من التمكن من العمل. أما أحمد البتاتي فاعتبر أن من الأسباب التي تساهم في غياب الثقة، عدم الشفافية في التعامل بين الموظف وجهة عمله، وعدم الشفافية في السياسات التي تتبعها بعض الشركات، ما يؤثر سلبا على العلاقة بين الطرفين. وأضاف: أن ضعف التواصل بين الموظف وجهة العمل وعدم تحقيق العدالة المرجوة أحدث نوعا من الخوف لدى الموظف الشاب وتسبب في وجود أزمة ثقة، ودعا إلى ضرورة تعزيز الثقة بين الطرفين لما لها من آثار إيجابية في تحقيق الاستقرار الوظيفي للموظف خلال بقائه على رأس العمل، وفي تحقيق ما يريده القطاع القطاع الخاص. سيطرة الأجانب من جانبه، رأى محمد سامي عاشور (25 عاما) الموظف في جامعة أم القرى، أن سيطرة الأجانب بشكل كبير على القطاع الخاص، وعدم توفير مقومات الاستقرار والراحة للشاب السعودي، وضعف الراتب في القطاع الخاص وحتى عدم وجود إجازة اليومين، كلها تتسبب في غياب الثقة. واعتبر أن إيجاد الثقة وتعزيزها بين الطرفين تعتمد على توفير ما تقدم إضافة إلى زيادة في الرواتب التي يجب أن تبدأ من 3000 ريال. وقال سعود غلبان: إن العمل على إيجاد الثقة يبدأ بأن يمنح الشاب السعودي في القطاع الخاص ما للموظف الحكومي من حقوق وواجبات وزيادات دورية في الرواتب، مشيرا إلى أن في القطاع الخاص رؤساء أجانب يتسببون في عدم ثقة الشاب، إضافة إلى أن رواتب ومميزات الموظف الأجنبي أعلى بكثير من راتب السعودي كما أنه يمنح تذاكر ومزايا أفضل. وطالب أبو ريان بتحسين راتب الموظف السعودي ومساواته براتب الأجنبي، وبتقليل ساعات العمل وإعطاء يومين إجازه وترقيات وحوافز وعمولات، مشددا على أنه إذا طبقت هذه الشروط سنجد إقبالا كبيرا من الشباب السعوديين على العمل في القطاع الخاص. من جانبه تمنى المهندس راشد بن غرم الله، وضع حد أدنى لرواتب السعوديين عند 5000 ريال مع بدل سكن وبدل نقل أوسيارة من الشركة إذا كانت مقاولات أو خدمات، على أن يرفع صندوق الموارد الدعم من 1500 إلى 2500 ريال، مشيرا إلى أن ذلك سيساهم في تعزيز الثقة بين الشباب والقطاع الخاص. ورأت كل من نورا وعزة أن السبب يعود إلى أن معظم رجال الأعمال الكبار لدينا هم ممن حصلوا على الجنسية بالتجنس، وكل منهم أحضر أبناء البلاد التي حضر منها، ويرفض أن يعمل لديه أحد من أبناء المملكة، بحجة أن الشاب السعودي لا يريد أن يعمل، وهؤلاء كسالى وغير ذلك من الأعذار الواهية، مشددا على ضرورة إيجاد حل جذري لهذه المشكلة وأن تتدخل الحكومة مباشرة في وضع هذا الحل.