عندما يأتي الحديث عن المدرب التونسي فتحي الجبال تقفز إلى الذهن معان كثيرة رائعة، فالمدرب المغمور الذي كان مساعدا للعجلاني قاد الفريق المغمور ألا وهو الفتح الصاعد من سنوات تعد على أصابع اليد الواحدة لدوري الكبار إلى الإنجاز الأهم في تاريخ النادي، عندما قاده بصلابة "الجبال" إلى تحقيق لقب دوري زين للمحترفين في الموسم الماضي تاركا دهشة كبيرة على كل الوجوه، فكيف بمدرب يتقاضى عشر ما يتقاضاه أصحاب القبعات ويملك لاعبين جلهم منسقون من الأندية الجماهيرية ولا تساوي قيمتهم المالية جميعا قيمة نجم واحد في أندية الهلال والأهلي والنصر والشباب أن يخطف اللقب الأصعب من أفوه هؤلاء الكبار الأثرياء المدججين بالمال والرجال والإعلام والجماهير. الجبال لم يكتف بذلك الإنجاز، حيث عاد وقاد الفتح في الموسم الحالي لتحقيق أول لقب سوبر يجمع بين بطلي الدوري والكأس، إلا ان الحلو لم يكتمل، حيث جاءت مسيرة الفريق في الموسم الحالي متعثرة ومتذبذبة ولا تشبه صورة بطل زين، وهذا محور الحديث بين «عكاظ» والمدرب الجبال في هذا الحوار.. فماذا قال؟ بعد تحقيق الفتح لبطولة السوبر توقع الجميع بأن الفريق سينافس على لقب الدوري لهذا الموسم إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث.. لماذا؟ - يجب أن يعلم الجميع بأن التركيز خلال فترة إعداد الفريق بالمعسكر التحضيري المسبق لخوض غمار المنافسات المختلفة والذي أقيم بدولة ألمانيا تم بهدف ضمان بداية جيدة من الناحية الفنية والنتائجية تضمن لنا تحقيق الأهداف، وكانت بطولة السوبر التي حققها الفريق من أمام شقيقنا نادي الاتحاد الهدف الأول بالنسبة لنا، بعد أن تمكنا من خطف دورة نادي الوحدة بمشاركة المنتخب الكويتي والشباب السعودي والوحدة الاماراتي النادي المستضيف، المنافسة على تحقيق لقب الدوري لم تكن من ضمن اهتماماتنا الأساسية بقدر اهتمامنا بالمحافظة على هيبة وسمعة النادي والتواجد ضمن الستة فرق الأوائل والأخذ بعين الاعتبار بأن حضورنا ضمن الأربعة الكبار يعتبر بحد ذاته إنجازا. وهل هذا الهدف كان مرسوما ومخططا له من قبل أم هو نتاج البداية المتعثرة؟ - أؤكد لك بأن الهدف مرسوم من قبل ومتفق عليه من قبل الجميع من جهاز فني وإداري ولاعبين، الكل في نادي الفتح يعمل حاليا على تحقيقه وبالرغم من البداية المتعثرة أمام التعاون والعروبة وتواجدنا في الوقت الحالي بمركز متأخر وهو بكل تأكيد غير مرض بالنسبة لنا إلا ان الفريق بدأ مؤخرا الدخول في أجواء المباريات وعاد اللاعبون للرتم المعروف عن لاعبي فريق الفتح نظير الانضباطية والجدية المطلقة في التدريبات. البوصلة ضاعت هذا يعني أن الانضباطية والجدية كانتا غائبتين في الفترة الأولى؟ - الانضباطية لم تغب عن الفريق مطلقا وهي ديدن نادي الفتح خصوصا في ظل التفاهم والتناغم الذي يجمع العنصر الإداري بالفني مع اللاعبين. يبدو لي بأن عروض الأندية الأخرى للاعبي الفتح هي التي ساهمت في هذه البداية المتعثرة.. أليس كذلك؟ - هذا صحيح، بعد تحقيق الفريق لبطولة الدوري انهالت العروض على لاعبي الفتح، وأبدى عدد من الأندية الكبيرة رغبتها في ضم اللاعبين المؤثرين من عناصر الفريق، هذا الأمر أثر نوعا ما على عطاء اللاعبين وكلفنا كجهاز فني وإداري عملا إضافيا ووقتا أطول في سبيل إعادة بوصلة اللاعبين نحو الاتجاه الصحيح وإقناعهم بضرورة الالتزام بعقودهم المبرمة مع النادي خصوصا أن الفتح يعاني من ندرة في عدد اللاعبين مقارنة بالأندية الكبيرة التي تملك دكة بدلاء جيدة تضاهي اللاعبين الأساسيين. رحيل السفياني وطالما هناك ندرة كما تقول لماذا استغنيت عن عدنان فلاتة وربيع سفياني؟ - سبق وذكرت لك بأن العروض تهافتت على لاعبي الفريق بشكل مكثف وغير متوقع خصوصا اللاعبين أصحاب القيمة الفنية العالية، وعدنان فلاتة لاعب يملك إحصائية جيدة مع الفريق وخاض عددا كبيرا من المباريات وقدم مستويات كبيرة مع الفريق الموسم الماضي، وما حدث بالتحديد هو أننا لم نوفق في إدارة حوار تجديد العقد معه كما يجب خصوصا أن الفترة كانت قصيرة جدا وهو ما ساهم في اتخاذ القرار المؤلم بالنسبة لنا وللاعب، على الجانب الآخر تلقى ربيع سفياني عرضا ماليا كبيرا من نادي النصر حسم الموقف بعيدا عن أي جدال وهو عرض يفوق ما كان يحصل عليه اللاعب في نادي الفتح أربع مرات، وكما تعلم ويعلم الجميع بأن إمكانيات نادي الفتح المادية لا تمكنه من الدخول في منافسة مع الأندية الكبيرة كناديي النصر والهلال. وكيف ستعوض غياب ربيع سفياني؟ - الفريق يملك عددا من اللاعبين البدلاء، هناك حسين المقهوي وعبدالرحمن القحطاني ومبارك السلطان لاعب الفريق الأولمبي وفهد السعود العائد حديثا من الإصابة وجميعهم يشكلون إضافة فنية للفريق وقادرون على تعويض رحيل ربيع سفياني فضلا عن اللاعب الآسيوي الذي لم يتم التعاقد معه حتى الآن، رغبة منا كجهاز فني في التعرف أكثر على احتياجات الفريق الفنية بتأن وروية وحتى تكون الاستفادة من اللاعب على أكمل وجه. حظ عاثر وماذا عن سكوكو ولماذا فرطتم في شادي أبوهشهش؟ غياب سكوكو إجباري بعد تعرضه لإصابة حادة في الدورة الودية وهو بلا شك غياب مؤثر أثر سلبا على الفريق، ولا يزال اللاعب يعمل حاليا على التأهيل الفني من أجل العودة مجددا وتمثيل صفوف الفريق حيث تبقى على عقده سنة مع النادي ولاعب بحجم وإمكانات سكوكو لا نستطيع التخلي عنه في مثل هذه الظروف التي تمر عليه لا بد من الوقوف معه ومساندته حتى يعود بشكل أفضل، في حين كان قرار الاستغناء عن اللاعب شادي أبو هشهش بناء على قناعة فنية خصوصا أن الفريق يملك لاعبا صاعدا من أبناء النادي قادرا على شغل خانة المحور وتقديم مستويات فنية جيدة ومن الأفضل منحه كامل الفرصة. شاهدنا الفتح في الدور الأول يقدم مستويات جيدة في بعض المباريات وبالرغم من هذا يخسر وبنتائج كبيرة ما هي الأسباب من وجهة نظرك؟ - الحظ العاثر لعب دورا هاما في نتائج الفريق، خاصة في الدور الأول، فالبرغم من خسارة الفريق من الاتحاد بالأربعة إلا أن الفريق قدم مستوى فنيا جيدا وتفوقنا في فترات متفرقة من اللقاء ومع هذا خسرنا بنتيجة قاسية لا تعكس أبدا سير ذلك اللقاء، الأمر نفسه حدث أمام النصر خسرنا بهدف وحيد وقدمنا مباراة كبيرة وكنا الأفضل على جميع الأصعدة بشهادة النقاد، وهذه الأمور بحد ذاتها تعتبر بالنسبة لنا مؤشرات قوية بأن هيبة نادي الفتح ما زالت حاضرة ولم تختف من الفريق، أضف الى ذلك عنصرا في غاية الأهمية عانينا منه كثيرا وهو أن نظرة الفرق المنافسة للفريق تغيرت تماما ولم يعد الفريق مفاجأة بالنسبة لهم واختلف استعدادها قبل المباراة، ولهذا عانينا كثيرا من فرق تغلق خطوطها الخلفية بطريقة مزعجة، وأصبح الفوز على بطل الدوري أمرا مهما وحافزا للاعبين وهذا بحد ذاته خلق لنا في جميع المباريات صعوبة كبيرة. طموح الآسيوية طموح الفريق في البطولة الآسيوية الى أي حد.. وكيف هي الاستعدادات؟ - سنخوض غمار منافسات البطولة الآسيوية بهدف أساسي وهو تقديم مستويات مقرونة بالنتائج لتشريف الكرة السعودية من خلال تجاوز الدور الأول وهذا ما عودتنا عليه أندية الوطن من خلال مشاركاتها السابقة في البطولة، ولا أخفي عليك بأننا أخذنا تجارب الأندية السعودية بعين الاعتبار ونحن على اتصال دائم مع مسؤولي ناديي الاتحاد والأهلي وباقي الأندية الأخرى للاستفادة من تجاربهم السابقة. هدفنا الكأس وماذا عن مشوار الفريق في كأس ولي العهد ومواجهة الهلال المقبلة في دور الأربعة؟ - طموحنا في كأس ولي العهد وكأس الملك للأندية الأبطال هو الوصول لمراحل متقدمة، وفي حال بلغ الفريق المباراة النهائية فهي بالنسبة لنا أرقام جديدة تضاف لمنجزات النادي، فالفريق أول مرة يصل لدور الأربعة في تاريخه، والجيد في مشوار الفريق خوضنا لقاءات قوية حيث تجاوزنا عقبة الاتفاق والأهلي وأمامنا لقاء لا يقل أهمية أمام الهلال وهو بالتأكيد لقاء صعب ولكن المهمة ليست مستحيلة، وللتوضيح فإن الفوز على الاتفاق في ديربي الشرقية منح عناصر الفريق حافزا معنويا كبيرا لتقديم مستويات مرضية مقرونة بالنتائج، نتمنى أن تستمر هذه النتائج أمام الهلال ونحقق الفوز وبالتالي اللعب على نهائي البطولة والتشرف بالسلام على راعي البطولة. هل ساهمت النتائج المتردية السابقة بإحداث شرخ في العلاقة بينك وبين الإدارة؟ - ما يميز نادي الفتح هو الجو الأخوي السائد بين منسوبي النادي وكما تسمع في الاعلام ويتردد دائما عن اسم العائلة فهو واقع نعيشه بالفعل في النادي، ولهذا العلاقة بيني وبين الإدارة قوية، ولا أخفي عليك بأني تلقيت العام الماضي العديد من العروض بأرقام خيالية ولكن العمل مع هذه المجموعة بدءا من رئيس الفريق مرورا بنائب الرئيس وانتهاء الى المشرف العام على الفريق يشجع أي جهاز فني على الاستمرار نظير الراحة المحسوسة والعمل بعيدا عن الضغوطات وهذا ما يحصل بالفعل هنا، فأنا لم أحسبها من الناحية المادية بقدر تركيزي على الجانب النفسي ومن هذا المنطلق أحب أن أؤكد لك بأن النتائج لم ولن تؤثر، والفتح سبق وتعرض لأزمات وتعرض لأفراح ومع هذا بقيت العلاقة مترابطة وعلى نفس المسافة. وأخيرا ماذا يود الجبال أن يقول؟ - أقدم لك جزيل الشكر على إتاحة الفرصة عبر صفحات صحيفتكم الغراء لتوضيح ما يمكن إيضاحه لجماهير نادي الفتح وجماهير الأندية الأخرى التي تهتم وتتابع النادي كونه بطل السنة الماضية بالإضافة الى علاقته الجيدة مع جميع الأندية، وأرجو في الوقت نفسه أن أكون وفقت في توضيح الصورة كاملة كما أتمنى أن يوفق الفريق في مسيرته القادمة بتحقيق نتائج إيجابية ترضي طموحات محبي الكيان الفتحاوي.