قد يختلف البعض حول نهجه التدريبي أو طريقة أداء فريقه، لكن الجميع سيتفق على قيمة منجزه، والغالبية العظمى لن تتوانى بوصفه بالمدرب المعجزة، لكنه وعلى رغم ذلك يختار لقب «المدرب التونسي» ليصفه بأفضل ما لقب به. مدرب نادي الفتح التونسي فتحي الجبال لم يتغير أبداً فمن كان يعرفه مع بداية تجربته في الأحساء سيجزم أنه لا يزال على حاله حتى بعد تحقيقه بطولة الدوري السعودي للمرة الأولى في تاريخ ناديه، فبساطته وقربه من اللاعبين وكل العاملين في النادي، إضافة إلى الإعلاميين الذين يبحثون دائماً عن أسئلة تبدو وفي ظاهرها على الأقل مستفزة. هنا في حديثه إلى «الحياة» يخرج الجبال على طبيعته واضحاً وصريحاً، لكن واثقاً من قيمة عمله ومنجزات فريقه، ليتحدث عن طموحاته في الموسم المقبل، مخالفاً لكل التوقعات إذ يؤكد أن المحافظة على اللقب ليست هدفاً للفتح، الذي لا يبحث عن أكثر من مقعد بين الستة الأوائل، كما يكشف للمرة الأولى عن اللاعبين المحليين الذي يحلم بالتعاقد معهم. تفاصيل كثير عن علاقته بالنادي وبمساعديه وتوقعاته للكرة السعودية يكشفها الجبال هنا فإلى نص الحوار... بعد فوزكم بالدوري انتظرت الجماهير تعاقدات مميزة، لكنكم اكتفيتم بانتداب لاعبين منسقين من أنديتهم مثل عبدالرحمن القحطاني ومحمد نامي.. ألا يزعجك هذا الأمر، خصوصاً في ظل خسارتكم لأسماء بارزة مثل ربيع سفياني؟ - بالعكس، نحن نسير على النهج ذاته الذي بدأنا به في ما يتعلق بالانتدابات، فالتعاقد مع نامي والقحطاني والدوسري والحارس المزيدي جاء وفق قناعتي التامة، إذ إنني على ثقة بقدرتهم على تقديم الإضافة المطلوبة في الفتح، على رغم فشلهم في تحقيق نجاحات مع أنديتهم السابقة لأسباب مختلفة. أكد رئيس الهلال الأمير عبدالرحمن بن مساعد في الموسم الماضي أن الفتح سيعاني من العروض الضخمة التي ستنهال على لاعبيه، وهو ما تجلى هذا الموسم.. هل ترى بأنكم في ظل غياب الموارد المالية الضخمة قادرون على بناء فريق عبر المحافظة على نجومكم وتجديد عقودهم؟ - الفتح يختلف عن غيره من الأندية، فهنا لا تتحقق المنجزات بناءً على المصروفات المادية فقط. الكل في النادي يعرف جيداً قيمة العمل الجماعي والروح المعنوية العالية والانضباطية ودورها في قيادتنا نحو تحقيق الإنجازات، وهذا سر نجاحنا. وصف البعض الموسم الرياضي الماضي الذي تُوجتم بلقبه بالضعيف، مؤكدين أنكم استغللتم تلك الفرصة وفزتم بالدوري.. كيف ترد مثل على تلك الآراء؟ - هذا التساؤل طرح في مناسبات كثيرة، وأنا أختلف مع من تبنوا ذلك الرأي، فالدوري الموسم الماضي كان قوياً بالمقارنة بكل بطولات المنطقة، والدليل على ذلك تميز أكثر من نادٍ سعودي في المشاركة القارية الأهم «دوري أبطال آسيا»، وشاهدنا كيف تصدرت أندية سعودية مجموعاتها وكيف تأهل الأهلي والشباب إلى دور الثمانية من البطولة، كما أن حصولنا على عدد كبير من النقاط صعّب التشكيك في منجزنا، إذ إننا ابتعدنا عن أقرب منافسينا بأكثر من خمس نقاط، كل ذلك تحقق من خلال تركيزنا على المباريات واستغلال كل فرصة لخطف النقاط المتاحة. فوزكم ببطولة الدوري زاد من الأعباء على عدد من الأندية التي غابت عن اللقب فترة طويلة، بالتالي يسعى أكثر من ناد إلى الفوز بالدوري هذا الموسم وبعضها دفع مهراً غالياً للاستعداد مثل النصر والأهلي.. في ظل كل هذه الظروف كيف ترى حظوظكم في المحافظة على اللقب؟ - المحافظة على اللقب الذي حققناه في الموسم الماضي ليس هدفنا هذا العام، إذ إننا نبحث عن ضمان مقعد بين الستة الأوائل في الدوري وبناء فريق من فرق النخبة في المملكة، ونحن نعرف في نهاية الأمر قدراتنا فنحن عاجزون عن مجاراة الأندية الكبير في المصروفات المادية، وكما جاء في سؤالك فإن حصولنا على اللقب في الموسم الماضي سيزيد من حماسة الأندية الكبيرة ومن عملها لتحقيق الدوري، وسيكون حافزاً لها لكسب النقاط، الحال ذاتها تنطبق على الأندية المقاربة لنا في الإمكانات كونها ستتحفز وتقتنع بقدرتها على تحقيق منجزات مهمة. هل ترى أن الفتح يملك على دكته من البدلاء ما يكفيه للمشاركة في أكثر من بطولة على رأسها بطولة الدوري والبطولة القارية الطويلة؟ - سؤال مهم جداً، وبرأيي أن هذا ما يعيبنا في الفتح، فنحن لا نملك لاعبين بدلاء في بعض المراكز، إذ إننا نعمل جاهدين على تغطية النقص هذا الموسم، وباب الانتقالات للمحترفين لا يزال مفتوحاً، وأمامنا فرصة لتدعيم صفوف الفريق بالقادرين على تشكيل دعامة في المشاركات المحلية والخارجية. ما أولوياتك للموسم الحالي؟ وإلى ماذا تطمع في مشاركتك الآسيوية؟ - لا أخفيك أننا وقبل انطلاقة الموسم رسمنا أهدافنا وخططنا للعمل، ونحمد الله على تحقق أولى الخطط المرسومة وهي الفوز بكأس السوبر السعودي على الاتحاد، واليوم نبحث في المرحلة الثانية عن تثبيت أنفسنا بالدوري ضمن الأندية الستة الأوائل، وكذلك التأهل للأدوار المتقدمة في دوري أبطال آسيا وفي حصولنا على ذلك إنجاز كبير لنا. انهالت عليك العروض مع نهاية الموسم الماضي، وترددت أنباء عن رحيلك لكننا نراك مع الفتح هذا الموسم.. ماذا حدث خلال الصيف؟ - في الفتح وجدت الطموح المتجدد وهو ما لمسته بوضوح، في تعاملي مع اللاعبين وحتى الإداريين، إذ إننا - ولله الحمد - نجحنا من البداية ونرغب في مواصلة مشروعنا في هذا الموسم والموسم المقبل، وبناء على ذلك رفضت العروض الأخرى وحرصت على الاستمرار في الأحساء. خطوة جديدة نراها في الفتح المتجدد دائماً، تمثلت في منحك اللاعب البرازيلي إلتون خوزيه شارة القيادة، على رغم أنها في الغالب تمنح للاعب محلي في مراكز متأخرة في الفريق.. لماذا خالفت العادة؟ - لم أخالف العادة أبداً، أندية محلية كثيرة منحت شارة القيادة لمحترفيها الأجانب، آخرها كان التعاون الذي قاد فريقه اللاعب الأردني شادي أبو هشهش في أولى مباريات الدوري هذا الموسم، ونحن في الفتح نملك أكثر من لاعب يستحق شارة القيادة، وسبق أن حملها ربيع سفياني ودوريس سالموا وحمدان الحمدان، لكننا هذا الموسم منحناها للبرازيلي إلتون خوزيه، تقديراً لعطائه الكبير داخل الملعب، إضافة إلى أنه أحد العناصر الأساسية والمؤثرة، وفي الحقيقة الكل يستطيع لبس شارة القيادة شريطة أن يكون مؤثراً في المجموعة. بحكم خبرتك الواسعة في المنافسات السعودية عموماً، توقع قائمة الأربعة الأوائل في الدوري هذا الموسم؟ - سأختار الأندية «الخمسة الكبار» وهي «الهلال والنصر والشباب والاتحاد والأهلي»، ولا أرى أننا في الفتح من بين تلك الأندية، لكننا نملك الطموح، وأتمنى أن ننجح من خلاله في أن نصبح سادس أندية النخبة. برأيك.. من الفريق الأكثر جاهزية هذا الموسم لخوض غمار الدوري؟ - بناء على تحضيرات الأندية قبل انطلاق المنافسات وبحكم أننا لا نزال في بداية الدوري يمكنني القول بأن الأندية كافة مستعدة للدوري بشكل جيد وتبحث عن تحقيق المنجزات. تجربة الهلال بالتعاقد مع سامي الجابر، وهو المدرب الوطني الوحيد في الدوري السعودي، كيف تراها؟، وهل ترى أن اللاعبين السعوديين قادرون على التحول إلى التدريب، ومن ترشح لتلك المهمة؟ - أعتقد بأنها تجربة جيدة، خصوصاً أن سامي الجابر كان لاعباً وإدارياً مميزاً واختلط بالكثير من المدربين العالميين المميزين، إضافة إلى خوضه تجربة تدريبية في نادي أوكسير الفرنسي موسماً، ذلك سيساعده على النجاح، كما أن شخصيته القوية ومعرفته بكرة القدم السعودية تشكل سلاحاً مهماً وشخصياً أتوقع بأن ينجح في تقديم موسم جيد مع الهلال، أما في ما يخص اللاعبين المحليين القادرين على التدريب فأعتقد بأن من يملك شخصية قيادية ومؤثرة قادر على التدريب وقيادة أي نادٍ بنجاح. لنفترض أن باب التعاقد مع أي من لاعبي الدوري السعودي بات مفتوحاً أمامك.. فمن ستختار من اللاعبين لانتدابهم إلى الفتح؟ - إذ ما أغفلنا الجانب المادي، وتحدثنا من دون النظر إلى القيم المادية للاعبين، أنا أحلم بانتداب أسماء كثيرة، لكني سأكتفي بإبراهيم غالب من النصر وفهد المولد من الاتحاد ونواف العابد من الهلال، لكن الأندية السعودية تملك عدداً كبيراً من اللاعبين المميزين. متى ينتهي عقدك مع نادي الفتح؟ - عقدي مع الفتح لا ينتهي في تاريخ محدد، فنهايته تأتي مع توقف الرغبة في الاستمرار من الطرفين، قد ينتهي العقد المكتوب، لكن في ظل استمرار القناعة بالعمل المقدم من الطرفين وتوافر الأجواء المناسبة فلن أترك الفتح. غادر الفريق عدد من اللاعبين، بالتأكيد أنك على الأقل تمنيت بقاء واحد منهم.. أيهم تحتفظ به ذاكرتك ولماذا؟ - نحن لا نتأثر برحيل أي لاعب، وانتقالات اللاعبين جاءت بناء على أساس مادي، ونحن في عصر الاحتراف، لكننا سنفتقد لاعباً مثل ربيع سفياني الذي وقّع للنصر كونه من العناصر الأساسية للفريق وشارك معنا في تحقيق إنجازات مهمة. ما مدى تأثير غياب السنغالي كيمو سيكوكو؟ - كيمو لاعب جيد ومؤثر، وهو قائد الدفاع وغيابه ضربة موجعة، وهو قضاء الله، لكننا في الفتح لن نتأثر، خصوصاً أنا أخذنا احتياطاتنا، وبدأنا في البحث عن اللاعب القادر على سد الفراغ الذي خلفه غياب كيمو. ما سبب ابتعاد مساعديك كمدرب هجر الحالي نصيف البياوي وقبله يسري بن كحالة؟ - ما من أسباب محددة، لكن طموح كل مدرب مساعد يتركز على الانتقال إلى الخطوة التالية والتحول إلى مدرب رئيس، وهو ما حدث في التجربتين. عموماً الأسماء التي ذكرت قدمت الكثير لنادي الفتح وأتمنى لها حياة عملية موفقة. كيف كان استقبالك في تونس بعد تحقيقك لقب الدوري السعودي؟ - كان الاستقبال كبيراً ومفاجئاً، لكنه في المقابل منحني مسؤولية كبيرة، فنحن - المدربين التونسيين - حريصون دائماً على مواصلة النجاحات وتحقيق المنجزات من خلال الفرص التي تتاح لنا. كيف تقوِّم كأس «السوبر» التي حققتموها مع بداية الموسم، خصوصاً أن اللقب لا يمنحكم أي حوافز مادية؟ - الهدف من البطولات ليس حصد الجوائز أو الحوافز المادية، فالحافز المعنوي هو كل شيء، «السوبر» لقب تاريخي بالنسبة إلينا كونه يحضر للمرة الأولى في السعودية، إضافة إلى أننا حققناه أمام فريق بطل لعب على أرضه وبين جماهيره الكبيرة وفي بداية الموسم لذلك فهو لقب غالٍ وعزيز علينا نحن الفتحاويين جميعاً. ما ردك على من يتهمك بالتسبب في ابتعاد المدير العام للكرة في الفتح محمد السليم؟ - محمد السليم أخ عزيز عليّ وابتعاده عن النادي جاء لأمور شخصية جداً، وهو المخول بالحديث عنها، فعلاقتي بالسليم قوية وتتجاوز حدود النادي، وكذلك ترتبط عائلتي بعائلته علاقة مميزة وأنا بصراحة أنزعج تماماً من تلك الإشاعات الكاذبة ولا أعرف أسباب إطلاقها. ما سبب حضورك لقاء المنتخب الأردني بنظيره الليبي؟ - لمشاهدة بعض لاعبي المنتخب الأردني الذي كنا نرغب في انتدابهم، لكننا صرفنا النظر عن التعاقد معهم. كثير من الألقاب أطلقت عليك بعد النتائج المميزة لفريقك.. ما الأميز من بينها بالنسبة إليك؟ - المدرب العربي أو المدرب التونسي.
