** صحيح أنني أكاد أكون مغفلا بنمرة واستمارة بسبب أنني طوال مهنتي في الصحافة التي تخطت الثلاثين عاما لم أكتشف خلالها أن هناك برستيجا يعطى للمسؤول الكبير منذ أن تطأ قدماه على بوابة الجهاز الذي تسلم زمامه حديثا. ** وكان كل ما يشغلني في مشواري اليومي هو الحصول من هذا المسؤول على كم من الأخبار وموعد آخر لإجراء تحقيق حول بعض الخدمات في إدارته وفي طريقي قد أمر على أكثر من سكرتير وأكثر من مدير مكتب لكن كوني قد عملت موعدا مسبقا أجد أن الطريق سالك لمقابلة المسؤول. ** ولم أجد مسؤولا يتنازل عن ذلك البرستيج من سيارة فارهة وسكرتير ومدير مكتب وأكثر من سائق إلا فيما ندر إلا أن تركيزي اليومي على حصيلة الأخبار والتحقيقات هو همي اليومي الأول. ** وقد ركبت مع ذلك المسؤول في تلك السيارة الفارهة في جولة على بعض المشاريع المرتبطة بإدارته إلا أنني لم يخطر على بالي أن هذه السيارة مشتراة له من إدارته لو لم تثر مؤخرا حكاية سيارة معالي الوزير ورفع قيمتها إلى خمسمائة ألف ريال. ** ولم يكن قط في مشواري الصحفي التقاط أخبار خارجة عن مهمتي الصحفية رغم أنني أرى أحيانا في حلقة الخضار سيارات عليها شعار إدارات حكومية لكنني كنت أعتقد أن هذا ضمن مهمة الإدارة لو لم ينبهني بعض الزملاء بأن تلك السيارات وسائقيها هم في مشوار للتبضع لمنزل المسؤول. ** ومع ذلك استمررت متجاهلا ما يدور حولي من همس بأن للمسؤول الكبير مميزات للمنصب من ضمنها السيارة والسائق والسكرتير ومدير المكتب الذين كنت أشعر أن نصفهم لا داعي له إلا عندما قيل لي: اسكت هذه من مستلزمات المدير ولا أحد يناقش فيها حتى لا تدخل نفسك في سين وجيم ويكفيك أحيانا من السين والجيم التي تتلقاها ردا على نشرك لأخبار وتحقيقات هذه الإدارة أو تلك. ** إنني سعيد باستقفال بعض المسؤولين لي رغبة في أن لا أكدر عليهم يومهم لسؤالهم من أين لك هذا بينما هدفي محدد هو الرغبة في الحصول منه على الأخبار والتحقيقات فقط.