لا شيء يحرق أعصابك ويخرجك عن طورك أكثر من ازدحام الشوارع في مدينة جدة رغم فتح الكباري والأنفاق وسد المخارج التي قد تسببت في ربكة وتوقف الحركة لساعات طويلة، ومع ذلك يبدو أن الحال ليس أحلى بل أكثر ضيقا ومعاناة لدرجة أن المشوار الواحد الذي كنت تقطعه قبل سنوات بنصف ساعة يأخذ منك الآن أكثر من ساعة، ثم من قال إن تفعيل الميادين والتقاطعات قد خفف من الزحمة ومن وجهة نظر البعض فإن عمل دورانات من الجزيرة الوسطى قد أربك السير أكثر فأكثر ولم يكن لرجال المرور دور في ذلك. وحيث إن الواحد يفكر طويلا عند الخروج بسيارته إلى أي الطرق الأخف التي يمكن أن يقطعها أثناء خروجه فلا يجد أمامه إلا أن يضرب أخماسا في أسداس بعد أن كسبنا العلامة المميزة التي عليها سيارة الأجرة في شوارع مدينة نيويورك.! معقول يا ناس سيارات الدفاع المدني تدوي صفاراتها وهي في طريقها لإطفاء حريق في مكان ما ومع ذلك لم يستطع التلبك المروري أن يفسح لها الطريق، ونفس الشيء ينطبق أيضا على سيارات الهلال الأحمر، وكم من مصاب تضاعفت إصاباته في الطريق وكم من حادث مات ضحياه قبل الوصول للمستشفى. كل ذلك سببه أنه ليس لدينا وسائل نقل بديلة عن السيارات، ثم لا بد أن يؤخذ في الحسبان أننا شعب نموت في المظاهر والتكبر والغطرسة عند ركوب النقل العام ما دام أحيانا تقف على بوابة منزل الواحد فينا سيارتان من باب المنجهة والتي أخذهما بالتقسيط. ومن هذا المنطلق لماذا لا تصدر قرارات وتعطى من خلالها الأفضلية وأحقية السير للسيارة التي بداخلها أكثر من راكب فقد طبقتها بعض البلدان الآسيوية ونجحت. وفي بلدنا من كثرة حب الشباب لقيادة السيارات يحجز له والده منذ أن يخرج من بطن أمه ثمن السيارة وأول لعبة يمسكها عبارة عن سيارة «على الطبيعة قيمتها خمسمائة ألف ريال». وفي مدينة جدة عليك أن تضع أعصابك في «الفريزر» وإلا ستدخل في كومة نفسية لن تبرأ منها إلا في «القبر»، وجدة.. إذا دخلت شوارعها زحمة.. زحمة . زحمة.. وإذا دخلت مولاتها لابد أن يكون جيبك منفوخا مليئا بالنقود.. وإذا وقف تحت إشاراتها ذهلت من الذين يكلمون أنفسهم بدون جوال. ومعذرة فمحسوبكم يكلم نفسه أثناء كتابة هذا المقال وأكثر من مرة لمعرفة أسهل الطرق التي أسلكها للوصول إلى المنزل.