لفتني خبر ترسية مشاريع طاقوية بمبلغ 7 مليارات ريال تشمل قطاع النفط والغاز والبتروكيماويات والطاقة، وبعيدا عن مجال توليد الطاقة الكهربائية، طالما تساءل كثيرون عن جدوى هذه المشاريع مرحليا، وبالتحديد أكثر هذه الاستثمارات المهولة لشركة أرامكو لاكتشاف واستخراج المزيد من النفط. ليكن أن لدى أرامكو مبرراتها التسويقية، لكن ليس درجة التجافي مع مصالح أخرى للبلد، وكما قال الجنرال كليمنصو «قرار الحرب لا يجب أن يتخذه العسكريون فقط»، فإن قرارات كهذه لا يجب أن تترك لخبراء اقتصاديين تسويقيين فقط، وسواء كانت وزارة البترول أم المجلس الأعلى للبترول من يتخذها، لا بد من إشراك هيئات أخرى، أقله مجلس الوزراء للتنسيق مع باقي الوزراء، أو المجلس الأعلى للتخطيط لتتلاءم مع احتياجات التنمية. نحن ننتج حاليا أكثر من عشرة ملايين برميل يوميا، بل صدرنا حوالي 2.5 مليار برميل خلال العام الماضي بقيمة حوالي ألف مليار ريال (الرياض 2 ديسمبر)، وهناك توقعات بأن يبلغ فائض الميزانية حوالي 300 مليار ريال، واحتلت استثمارات مؤسسة النقد المرتبة الثانية عالميا بأصول 676 مليار دولار هذا العام، فلم كل هذا الاستنزاف؟ بغض النظر عن تعثر المشاريع وتراكم فائضها النقدي، هذه السيولة لها تأثيرها على المعدل العام للتضخم، وستبرر بالتالي توالي ارتفاع الرقم القياسي لتكلفة المعيشة، ما يعني في النهاية زيادة معاناة المواطن الذي لن تفرحه زيادة التصدير ولا زيادة الاستثمار لزيادته. جميعنا يعلم أن هناك توجيها ملكيا بإبقاء النفط الجديد داخل الأرض لا حفظا لحق الأجيال فيه وحسب، بل لعدم حاجتنا له حاليا ولتكلفة إنتاجه العالية التي ستنخفض باكتشاف وسائل وتقنيات استخراجية جديدة. وقديما عندما بدأت مراحل تملك أرامكو مناصفة مع الشركات الأمريكية، وحتى عندما تم تملكها كشركة وطنية سعودية، ظل التشكيك في قدرة الشركة وزعم كثيرون أن الأمر لا يعدو استبدال عقال ببرنيطة، غير أن ما تم داخل الشركة أزاح كل شك، بقيت لنا مطالب صغيرة من شركتنا الأم، مهما كانت معاني الشعارات، فإن شعار ضمان استمرار المد النفطي لاستقرار أسواق العالم، شعار أو مبدأ آن أوان مراجعته، سوقنا وخدمة مصالحنا أولى، وتصدير النفط لا يعبر عن قوة الاقتصاد، إذ هي إلا أرقام ترصد وتتآكل مع الزمن، استثماره في الإنسان أجدى. [email protected]