حاويات شحن مزودة بنظام GPS    مهرجان الحمضيات التاسع يستقبل زوّاره لتسويق منتجاته في مطلع يناير بمحافظة الحريق    بلدية محافظة الاسياح تطرح فرصتين استثمارية في مجال الصناعية والتجارية    الأونروا : تضرر 88 % من المباني المدرسية في قطاع غزة    زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب الفلبين    سديم "رأس الحصان" من سماء أبوظبي    ضبط 23194 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    أمانة القصيم توقع عقد تشغيل وصيانة شبكات ومباشرة مواقع تجمعات السيول    «سوليوود» يُطلق استفتاءً لاختيار «الأفضل» في السينما محليًا وعربيًا خلال 2024    الصين تخفض الرسوم الجمركية على الإيثان والمعادن المعاد تدويرها    انخفاض سعر صرف الروبل أمام الدولار واليورو    المكسيك.. 8 قتلى و27 جريحاً إثر تصادم حافلة وشاحنة    الفرصة مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    بعد وصوله لأقرب نقطة للشمس.. ماذا حدث للمسبار «باركر» ؟    أدبي جازان يشارك بمعرض للتصوير والكتب على الشارع الثقافي    دبي.. تفكيك شبكة دولية خططت ل«غسل» 641 مليون درهم !    ابتسامة ووعيد «يطل».. من يفرح الليلة    رينارد وكاساس.. من يسعد كل الناس    «الجوير».. موهبة الأخضر تهدد «جلال»    الأردن تدين حرق قوات الاحتلال الإسرائيلي مستشفى كمال عدوان    رئيس الشورى اليمني: نثمن الدعم السعودي المستمر لليمن    مكي آل سالم يشعل ليل مكة بأمسية أدبية استثنائية    جازان تتوج بطلات المملكة في اختراق الضاحية ضمن فعاليات الشتاء    الرويلي يرأس اجتماع اللجنة العسكرية السعودية التركية المشتركة    مدرب ليفربول لا يهتم بالتوقعات العالية لفريقه في الدوري الإنجليزي    رينارد: مباراة العراق حاسمة ومهمة للتقدم في البطولة    لخدمة أكثر من (28) مليون هوية رقمية.. منصة «أبشر» حلول رقمية تسابق الزمن    رئيس هيئة الأركان العامة يلتقي وزير دفاع تركيا    السعودية تقدم دعمًا اقتصاديًا جديدًا بقيمة 500 مليون دولار للجمهورية اليمنية    "جلوب سوكر" .. رونالدو يحصد جائزة "الهداف التاريخي"    القبض على أطراف مشاجرة جماعية في تبوك    مدرب قطر يفسر توديع كأس الخليج    ضبط 3 مواطنين في نجران لترويجهم (53) كجم "حشيش"    وزير «الشؤون الإسلامية»: المملكة تواصل نشر قيم الإسلام السمحة    خطيب الحرم: التعصب مرض كريه يزدري المخالف    مآل قيمة معارف الإخباريين والقُصّاص    الصندوق السعودي للتنمية يموّل مستشفى الملك سلمان التخصصي في زامبيا    مهرجان الرياض للمسرح يبدع ويختتم دورته الثانية ويعلن أسماء الفائزين    عبقرية النص.. «المولد» أنموذجاً    مطاعن جدع يقرأ صورة البدر الشعرية بأحدث الألوان    أميّة الذكاء الاصطناعي.. تحدٍّ صامت يهدد مجتمعاتنا    99.77 % مستوى الثقة في الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية    نائب أمير مكة يفتتح ملتقى مآثر الشيخ بن حميد    «كليتك».. كيف تحميها؟    3 أطعمة تسبب التسمم عند حفظها في الثلاجة    فِي مَعْنى السُّؤَالِ    دراسة تتوصل إلى سبب المشي أثناء النوم    ثروة حيوانية    تحذير من أدوية إنقاص الوزن    ضرورة إصدار تصاريح لوسيطات الزواج    رفاهية الاختيار    اختتام دورات جمعية الإعاقة السمعية في جازان لهذا العام بالمكياج    وزير الدفاع وقائد الجيش اللبناني يستعرضان «الثنائية» في المجال العسكري    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عميل سري ومكالمتان توقع سيف الإسلام
نشر في عكاظ يوم 20 - 12 - 2013

تحدثت الحلقة السابقة من «دولة سيف القذافي من باب العزيزية إلى سجن الزنتان» عن صفقات نجل القذافي التي ادعت الآلة الإعلامية للنظام الليبي السابق أنها «لله وللوطن».. وكشف المعارضون الذين استهدفتهم إحدى صفقاته أنها لم تكن سوى «فرشاة» لتجميل وجه النظام وتجهيز الوريث.. كما أكدت الحلقة بالوثائق أن كل صفقة كان لها مقابلها من جيب الوطن الذي دفعه غاليا.. فلم تكن صفقة الإفراج عن الممرضات البلغاريات المتهمات بنشر فيروس الإيدز لأسباب إنسانية، وإنما تمت بالاتفاق مع الرئيس الفرنسي السابق نيكولاي ساركوزي وزوجته سيسيليا، والمقابل صفقات أسلحة فرنسية استخدمت لقمع الشعب وإرهابه.. كما أن صفقة لوكيربي استغلها سيف القذافي ونظام أبيه لمغازلة الغرب وفك حصاره... وجاءت صفقة التخلص من السلاح النووي المزعوم مقابل تسهيلات تلكأت واشنطن في توفيرها.. وحين هدد نظام القذافي ممثلا في ابنه سيف الإسلام بالتراجع عنها كشرت أمريكا عن أنيابها ما دفع سيف الإسلام إلى سحب تهديده.
الأخطر في الحلقة الماضية هو العلاقة التي رعاها سيف الإسلام بين بلاده وإسرائيل والتي وصفها البعض بالصداقة والتي كانت وراء تدخله للإفراج عن جاسوس إسرائيلي قبض عليه في ليبيا، لكنه وأثناء الثورة أسند نجل القذافي لشركة إسرائيلية مهمة توريد مرتزقة من تشاد للدفاع عن نظامه قبل سقوطه وطلب معدات عسكرية من إسرائيل مثل مناظير ليلية وأسلحة.
وفي هذه الحلقة الأخيرة من دولة سيف الإسلام تروي «عكاظ الأسبوعية» نقلا عن شهود الحدث في ليبيا دور سيف الإسلام في محاولة قمع الثورة، وأسرار سقوطه وإيداعه في سجن سري تحت حراسة إحدى الميليشيات، وتفاصيل محاكمته أمام ثلاث محاكم في الزنتان وطرابلس، والثالثة هي المحكمة الجنائية الدولية التي تصر على تسلمه ومحاكمته لارتكابه جرائم ضد الإنسانية.
كلمة حرق الأسهم
حين قامت ثورة 17 يناير عاد سيف الإسلام القذافي على عجل إلى ليبيا من الجزائر ليلقي كلمة متلفزة، توقع الكثيرون أن تحمل الفرج أو حلا للأزمة المستحكمة، لكنه ظهر على شاشة التلفزيون يلقي خطابا مسجلا من قبو في ثكنة العزيزية مقر أبيه في طرابلس. فالرجل الذي اعتاد أن يقدم نفسه تسبقه توجهاته الإصلاحية ورغبته في التغيير عاد إلى المربع صفر، واصطف إلى جوار الحرس القديم واستخدم تعبيرات والده، واستعان بأسلوب اللجان الثورية التي طالما انتقدها وتمنى الخلاص منها.. حرق سيف الإسلام أسهمه في الشارع الليبي ودمر تماما سمعته السياسية بعدما كان بعض الليبيين يعولون عليه في أن يأخذهم إلى ليبيا جديدة.
وفي خطابه الذي دام 30 دقيقة برهن مجددا على أن الولد سر أبيه، وأن أغاني الإصلاح وسيمفونية التغيير لا مكان لها في الجماهيرية الأولى ولا الثانية، وقال إن والده موجود في طرابلس ويقود المعركة ضد من أسماهم بالبلطجية ومدمني المخدرات، وقال «كلنا مسلحون.. وسنقاتل حتى آخر امرأة وآخر طفل، ولن نترك بلادنا لقمة سائغة للعصابات». واعتبر أن بديل الإصلاح هو الانفصال والتقسيم، وذكر أن الأساطيل الأمريكية والأوروبية ستعود لاستعمار ليبيا. وقال سيف الإسلام: «ليبيا ليست تونس أو مصر، لدينا قبائل وعشائر وتحالفات، وفي حالة الفوضى ستحدث حرب أهلية، والسلاح موجود حاليا في كل مكان، لقد شاهدنا بعض المدنيين يستولون على دبابات ورشاشات في البيضاء».
تحذيرات من التقسيم
وحذر من سيناريو تقسيم ليبيا إلى شرق في بنغازي، وغرب في طرابلس، وذكر أن البترول الذي وحد ليبيا موجود في وسط وجنوب البلاد، وفي صحراء خالية بعيدا عن السكان الذين يتركزون في مناطق الغرب، وأن الفوضى ستقوض مؤسسة النفط، وستغادر الاستثمارات الأجنبية في ظل احتكام 5 ملايين ليبي للسلاح وصراعهم على موارد النفط. وقال إن دائرة العنف اتسعت في البلاد بسبب إطلاق النار على مواطنين ما أدى إلى وفاتهم واستهداف مراكز الشرطة والجيش من قبل مواطنين غاضبين، وقدر عدد قتلى الاحتجاجات في ليبيا ب84 في بنغازي و14 في البيضاء فقط، نافيا التقارير التي تحدثت عن مقتل المئات، ومنتقدا أداء الإعلام الرسمي الذي لم يواكب الأحداث، واتهم قنوات تلفزيونية عربية بتعمد الإثارة والمبالغة. واعترف بأخطاء ارتكبتها الشرطة في مواجهة المتظاهرين، وشدد على أن الجيش ليس مدربا على التعامل مع المدنيين، وأن عناصره فقدوا أعصابهم في ظل الهجمات المتتالية على مراكزهم وقاموا بإطلاق النار على المهاجمين، ووصف مصرع ليبيين ب«المأساة».
ومع تدخل الناتو وانهيار كتائب القذافي، هربت عائلة القذافي وتم قتل القذافي نفسه وابنه المعتصم بعد ساعات من القبض عليهما، وتم اعتقال سيف الإسلام في منطقة صحراوية قريبة من الحدود المشتركة مع النيجر والجزائر ، إذ كان ومرافقوه يعتزمون التوجه إلى النيجر وفقا لترتيب مسبق مع الساعدي القذافي شقيق سيف الموجود بالفعل في النيجر، وحصل على حق اللجوء السياسي.
إحباط عملية التهريب
قال رئيس مجلس ثوار طرابلس عبدالله شاكر، إن عملية اعتقال سيف الإسلام أحبطت تهريبه إلى النيجر، إذ كان يفترض أن يكون شقيقه الساعدي في انتظاره على الجانب الآخر من الحدود الليبية النيجرية. وأضاف أنه قبل نحو أسبوع من اعتقاله، نجح الثوار في زرع أحدهم داخل الفريق الصغير العدد المرافق لسيف الإسلام دون أن يشك أحد منهم في هوية وهدف العميل، وبالإضافة إلى هذا العميل مجهول الهوية جرت عملية تنصت واسعة النطاق على المكالمات الهاتفية التي يتم إجراؤها في محيط المنطقة التي اعتاد نجل القذافي أن يتنقل فيها، وقد أجرى سيف الإسلام قبل يوم واحد فقط من اعتقاله مكالمتين هاتفيتين مع بقية أفراد أسرته الموزعين بين النيجر والجزائر.
ولعبت المخابرات البريطانية دورا كبيرا لكن من وراء الستار، في توفير المعلومات الاستخباراتية المبدئية للثوار حول المكان المحتمل أن يكون فيه سيف الإسلام. وكانت المكالمة الهاتفية الأولى إلى الجزائر؛ وتحديدا لوالدته السيدة صفية فركاش زوجة القذافي وشقيقته عائشة، حيث تحدث إليهما سيف لدقائق معدودة لطمأنتهما على وضعه وأنه بخير، كما ألمح إلى أنه بصدد الانتقال قريبا إلى مكان أكثر أمنا من دون أن يقول صراحة إنه يعتزم التوجه إلى النيجر. وكان سيف الإسلام يعلم أن الاتصالات الهاتفية مراقبة وتخضع للتنصت، فتحاشى الكشف عن مكانه أو الإفصاح عن وجهته الثانية.. لكن المكالمة الهاتفية الثانية التي أجراها مع شقيقه الساعدي في النيجر كشفت بوضوح عن أن هذه الدولة التي منحت لشقيقه حق اللجوء السياسي قد تكون وجهته التالية.
وتأكد فيما بعد أن الساعدي ربما يكون قد نجح في إقناع شقيقه سيف بالقدوم إلى النيجر بعد محادثات مبدئية أجراها مع مسؤولين كبار هناك، بهدف إضفاء طابع الوجود القانوني على وضعية أخيه إذا ما دخل بالفعل إلى أراضيها.
تحرك سريع ومباغتة
وكان عبدالله السنوسي صهر القذافي ورئيس جهاز المخابرات الليبية السابق على علم بما قد عزم عليه الشقيقان، لكن قبضة الثوار كانت أسرع في إحباط محاولة الهروب الأخيرة لنجل القذافي.. كانت المعلومات التي وفرها العميل المجهول الهوية برفقة سيف الإسلام وافية ومناسبة تماما لكي تتحرك قوة صغيرة من الثوار ضمت 15 رجلا على متن ثلاث سيارات، حيث تم اعتراض خط سير سيف الإسلام الذي كان ضمن سيارتين مع أربعة من مرافقيه في الصحراء على بعد نحو 70 كيلومترا من بلدة أوباري النفطية الصغيرة في نحو الساعة الواحدة والنصف صباحا. وبعد أن أطلق المقاتلون النار في الهواء وأجبروا السيارتين على التوقف طلبوا معرفة هويات الركاب.
وعندما تقدم أحد الثوار بحذر من السيارتين لفت انتباهه سيف الإسلام على الرغم من أنه كان يرتدي ملابس شبيهة بتلك التي يرتديها الطوارق عادة، لكنه تمكن من التعرف عليه.
وعندما سأل هذا الثائر سيف الإسلام عن اسمه رد: «عبدالسلام»، لكن هذه الإجابة المترددة لم تكن مقنعة على الفور، فطلب منه الترجل من السيارة فامتثل سيف بهدوء وبلا مقاومة تذكر للأمر، وقتها قال له محدثه: «أنا أعرفك، أنت سيف. أليس كذلك؟ أنت ابن القذافي».
القتل أو الزنتان
وقال العجمي علي، قائد سرية خالد بن الوليد التابعة لكتيبة أبو بكر الصديق التي اعتقلت سيف الإسلام إنه طلب منهم خلال إلقاء القبض عليه إطلاق رصاصة على رأسه أو نقله إلى مدينة الزنتان. وأضاف أن «المجموعة التي تم أسرها معه كانت مسلحة بأسلحة خفيفة ورشاشات وبعض القنابل لكنها لم تطلق أي رصاص، ولكن أطلقنا نحن عليهم طلقات تحذيرية فقاموا بالاستسلام».. كان نجل القذافي خائفا ومرتعدا على الرغم من محاولاته إظهار تماسكه، حتى إنه طلب ممن اعتقلوه أن يطلقوا رصاصة على رأسه لقتله.
وقال الأشخاص الذين أسروه إنه كان مذعورا جدا عندما تعرفوا عليه في البداية على الرغم من لحيته الكثيفة ولباس الطوارق الذي كان يرتديه، ولكنهم طمأنوه وبمرور الوقت كان يتجاذب أطراف الحديث بشكل ودي مع حراسه على متن الطائرة التي نقلته إلى الزنتان.
ادعاء البطولة
ويقول شاكر إن سيف لم يكن جادا في طلبه، لو كان جادا فعلا لانتحر أو طلب من الفريق المرافق له أن يقتله قبل أن يقع في يد الثوار، في النهاية هو حاول ادعاء البطولة لكن بعد فوات الأوان، وأفاد أنه جرى نقل سيف الإسلام إلى مكان آمن في الزنتان التي تبعد 170 كيلومترا غرب طرابلس.. وفي ظل مقتل القذافي ونجله المعتصم وفرار بقية أفراد عائلته إلى الجزائر والنيجر فإن سيف يصبح الوحيد من آل القذافي الذي تمكن الثوار من اعتقاله حيا حتى الآن، حيث تسود مخاوف من أنه قد يتعرض لعملية اغتيال انتقاما من دوره في مساندة نظام والده ضد الثورة الشعبية. ويؤكد شاكر أن سيف في قبضة الثوار وتحت حراسة أمنية مشددة، «الجميع يعلم أهمية ومكانة نجل القذافي في هذه المرحلة.. ولن نفرط فيه بسهولة، ولن نسمح لأحد بالاعتداء عليه أو إيذائه أو قتله».
محاولة الهروب
ويقول (عمار) أحد أفراد السرية التي اعتقلت نجل القذافي إن سيف الإسلام حاول الفرار في 19 أكتوبر 2011 تحت نيران حلف شمال الأطلسي من بني وليد على بعد 160 كيلومترا تقريبا من العاصمة طرابلس، إذ سرت تكهنات بأن القبائل البدوية التي كان يرعاها والده ربما تعمل على تهريبه عبر الحدود الجنوبية لليبيا إلى النيجر التي كانت من بين المستفيدين من سخاء القذافي ومنحت حق اللجوء لشقيقه الساعدي.
وأضاف أنه أثناء نقل سيف الإسلام بالطائرة إلى مدينة الزنتان، شاهد أحد مرافقيه أن أصابعه تنزف دما، ما يوحي أنها تعرضت للبتر حديثا، وليست ناجمة عن إصابة قديمة لحقت به عندما كان محاصرا في مدينة بني وليد، آخر معاقل والده.
العملية «إكس»
كشفت صحيفة «ديلي ستار صنداي» البريطانية، أن جواسيس من جهاز الأمن الخارجي البريطاني «إم آي 6» ساعدوا في اعتقال سيف القذافي في إطار عملية تنصت بلغت تكلفتها 25 مليون جنيه إسترليني. وقالت إن العملية السرية أطلق عليها اسم «إكس» لعدم تسريب أية أدلة عنها، واستخدمت أحدث تكنولوجيا الاستخبارات الإلكترونية للتنصت على سيف وأصدقائه وأفراد أسرته، والذي كان يختبئ في الصحراء. وأضافت أن الاختراق حصل حين أجرى سيف الإسلام مكالمتين هاتفيتين، ما سمح لعملية التنصت المشتركة البريطانية الفرنسية بتحديد مكان وجوده. وأشارت الصحيفة إلى أن جهاز «إم آي 6» البريطاني تمكن من تحديد المكان الذي يختبئ فيه بدقة باستخدام المعدات السرية. ونسبت إلى مصدر أمني بريطاني قوله «إن سيف الإسلام ارتكب خطأ وكنا بانتظاره، وعندما يقوم شخص ما بالانسحاب من المشهد لا يستطيع مقاومة الرغبة في الاتصال بأفراد مقربين منه ليبلغهم أنه على ما يرام، ومكننا ذلك من التعرف على جميع الهواتف وأجهزة الاتصال التي بحوزته». وأضاف «سيف الإسلام كان مستهدفا من قبلنا، لكن كان من الضروري أن يقوم الليبيون بإلقاء القبض عليه، لأنه كان الساعد الأيمن وعضوا رئيسا في نظام والده».
الصندوق الأسود للقذافي
ويقول عبدالله شاكر رئيس مجلس ثوار طرابلس، إن سيف الإسلام كان يمثل أحد أهم الصناديق السوداء لنظام القذافي، ومن المؤكد أنه على علم بالكثير من القضايا المعلقة والغامضة، مثل مصير أموال ليبيا في الخارج، ويعتقد الليبيون أن سيف الإسلام يعرف مكان مليارات الدولارات من الأموال العامة التي جمعتها عائلة القذافي، لكن محتجزيه قالوا في المقابل إنهم لم يعثروا معه إلا على بضعة آلاف من الدولارات وبنادق في السيارتين المصادرتين.
ويضيف أن ليبيا سعت إلى طمأنة العالم حول مصير سيف الإسلام. وأعلنت الحكومة ليلة اعتقاله «إننا نحترم القضاء الدولي ولكن من حق الشعب الليبي أن يحاكم سيف الإسلام أمام قضاة ليبيين»، مؤكدة أنه سيحظى بمحاكمة عادلة. وأضافت أنه «سيعامل معاملة الأسير التي ينص عليها القانون الدولي والتي تحترم حقوق الإنسان والأسير. وسنفعل ذلك لأننا لسنا أبناء ميليشيات أو عصابات، ولكننا طلاب حرية ولدينا جهاز قضائي به متخصصون لهم باع كبير في التعامل مع هذه القضايا».
وقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 27 يونيو 2011، مذكرات توقيف بحق القذافي وسيف الإسلام والسنوسي متهمة إياهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية أثناء قمع التظاهرات في ليبيا. وقال لويس مورينو أوكامبو، مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، إن لديه أدلة جوهرية على أن سيف الإسلام، قد ساعد باستئجار مرتزقة لمهاجمة مدنيين ليبيين كانوا يتظاهرون ضد حكم والده.
حياة السجن
يعيش سيف الإسلام، المطلوب دوليا حياة لا تختلف كثيرا عن حياته خارج الأسر، فهو يفطر على العسل والتونة وشراب الريدبول المقوي، كما يمارس الرياضة في الغرفة التي يوجد بها في سجنه بمدينة الزنتان الليبية، تحت إشراف العجمي علي لعتيري، قائد الكتيبة التي ألقت القبض عليه، يوم 19 نوفمبر 2011 في الصحراء الليبية.
وحسب شهادات لحارسه فإنه يلقى المعاملة التي يفرضها الشرع الإسلامي الحنيف الذي يحض على عدم إهانة الأسير.
ويقول لعتيري الذي يقود الحراسة «إن سيف الإسلام يوجد في حالة صحية جيدة، وقد أجريت له عملية جراحية ناجحة على يده المصابة، حيث تمت مداواة جراح أصابعه، الإبهام والسبابة والوسطى، وكشف أن فريقا طبيا ليبيا تم استقدامه من طرابلس خصيصا وتم نقله إلى زنزانته في الزنتان، وأجريت له العملية داخل السجن».
ويضيف أن سيف الإسلام موجود في سجن سري في مدينة الزنتان، وهو عبارة عن غرفة كبيرة وحمام وفناء يسمح له بالمشي والجلوس تحت أشعة الشمس، كما أنه يمارس الرياضة بشكل يومي.
وعن يوم سيف الإسلام في السجن قال لعتيري قائلا: «تقدم له في وجبة الصباح تونة وعسل، وما يطلبه من كتب للمطالعة، منها كتب دينية حول المذهب الحنبلي، كما نوفر له كتب باللغة الإنجليزية سلمتها له بعض المنظمات الدولية التي زارته في سجنه».
سر البقاء في الزنتان
أما سر الإبقاء على سيف الإسلام في الزنتان، بدلا من ترحيله إلى طرابلس العاصمة، فهو الخوف من تمكين نجل القذافي من الهروب أو قتله بدل محاكمته، وهناك من يقول إن قبيلة الزنتان لديها اتفاق قبلي قديم مع قبائل بني وليد التي ينتمي سيف الإسلام إلى واحدة منها وهي قبيلة القذاذفة الممتدة حتى سرت، تمنع القتال بينهما أو إلحاق الأذى بأحد أفرادهما.
وقال سيف الإسلام في أول ظهور تلفزيوني له من مقر احتجازه إنه يرغب في محاكمته في تلك البلدة ولا يريد نقله إلى طرابلس. وأجلت المحكمة المدعومة من قبيلة الزنتان محاكمة سيف الإسلام إلى السابع والعشرين من فبراير المقبل فيما يحاكم غيابيا أمام محكمة في طرابلس، إلا أن الزنتان ترفض تسليمه لها مستغلة ضعف الحكومة المركزية ويظل سيف القذافي مطلوبا لدى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي متهما بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.