لا ينامان كثيرا ولا يتناولان اللحوم الحمراء أو البيضاء أو حتى الأرز .. غذاؤهما الوحيد البر واللبن والخضراوات، وأكثر ما يميزهما هو حرصهما على صلة الرحم حتى للبعيد فلم يقطعاها طيلة حياتهما وتميز كلاهما بالقريحة الشعرية .. إنهما المعمران عائض بن علي بن درهم (115 عاما) ومحمد ناصر الفرد (135عاما) تقريبا ويعتبران بحق شاهدين من الزمن القديم، عاصرا العثمانيين والمجاعة الكبرى آنذاك وشهدا مراحل في عهد الملك عبدالعزيز ومنها فتح منطقة عسير. "عكاظ الأسبوعية» زارت المعمرين في قرية «صمخ» على بعد 200 كلم شرقي مدينة أبها بمنطقة عسير، حيث ذكر المعمر عائض بن درهم، أنه يذكر دخول الملك فيصل بن عبدالعزيز إبان فتح منطقة عسير وأحداث تلك الحقبة الزمنية، مشيرا إلى أن جيش الأمير فيصل بن عبدالعزيز - آنذاك - كان يعتمد في غذائه على التمر واللبن، وقبل قيام الدولة السعودية كان الخوف والنهب مسيطرين على البلاد، ولم يكن أحد يأمن على أهله وماله، ولكن في عهد الملك عبدالعزيز تغير الحال وذاق الأهالي طعم الأمان. وأضاف ابن درهم بالقول: «عاصرت عهد العثمانيين في عسير، والإنجليز في البحرين حيث أمضيت هناك نحو أربع سنوات، وكنت أعمل في صيد الأسماك ثم انتقلت بعدها إلى عمان وحتى مضيق هرمز»، وكان البعض يسألني من أي بلد أنا فأقول لهم تارة من كوبا وتارة أخرى من بلجيكا حتى أعطي انطباعا سيئا عن بلدي في حال وقوعي في الخطأ في أي عمل يوكل إلي». وبين ابن درهم، أنه كافح وعمل في مهن كثيرة ولديه عدد من الأبناء إناثا وذكورا، ولا يشكو من أي مرض بل يعمل بكل نشاط ولا يأكل إلا الذرة واللبن والبر ولا يتناول اللحوم بكافة أنواعها، وينام في الحادية عشرة ليلا ويستيقظ في الثالثة فجرا، مشيرا إلى أنه تزوج ثلاث زيجات توفيت اثنتان وبقيت الأخيرة في عصمته وقال: «أحرص على صلة الرحم، وأجيد قيادة المعدات الثقيلة «الشيول» ولدي قطيع من الأغنام والإبل وأزاول التجارة»، مبينا أنه يمتلك قريحة شعرية لديه ويفخر بالشعر. وذكر المعمر أنه شهد المجاعة الكبرى في عسير، وانتشار مرض الجدري وأمراض أخرى حصدت أرواح الكثيرين، وكان ذلك قبل حكم الملك عبدالعزيز وقبل قيام الدولة السعودية. أما المعمر الآخر المواطن محمد ناصر الفرد (135عاما) فبالرغم من أنه يجيد الشعر، إلا أنه لم يفصح عن الكثير من الذكريات، خاصة أنه لم يعد يتحدث كثيرا منذ عامين تقريبا ويلازم غرفته ولا يغادرها إلا للضرورة، لكن ابنه ناصر يشير إلى أن والده يتذكر الوجود العثماني في المنطقة قبل توحيد البلاد، إلى جانب الأحداث التاريخية الأخرى، وقال: «التقى والدي بالملك سعود عندما قدم لعسير وألقى أمامه أبياتا شعرية ومنحه الملك سعود ريالين حينها، تقدر 2000 ريال في وقتنا الحاضر». وختم ناصر الفرد بالقول: «لا يتناول والدي اللحوم ويكتفي بتناول البر واللبن وبعض الخضراوات، ويردد الشعر، وفي السنوات الأخيرة لزم السرير ولا يغادره إلا للضرورة».