إن تنمية وتطوير مهارات أعضاء هيئة التدريس يعتبر ركيزة أساسية في تطوير العملية التعليمية في مؤسسات التعليم العالي والدفع بمسيرتها إلى الأمام في ظل الانفجار المعرفي والتحديات المحيطة من جهة وضعف مهاراتهم التدريسية من جهة أخرى. فلا شك في أن قدرات اعضاء هيئة التدريس المعرفية في مجالات تخصصاتهم عالية جدا، ووجودهم في الجامعات دليل على ذلك لما تتمتع به الجامعات من معايير عالية في التعيين التي تعتمد على قياس شهاداتهم ومعارفهم ولكن لا تقيس قدراتهم على ايصال تلك المعارف لطلابهم ولا على مهاراتهم في التدريس، لذا من المهم تأهيلهم في هذا المجال وهذا المتبع عالميا. فتطوير عضو هيئة التدريس من خلال التدريب على طرائق واستراتيجيات تدريسية حديثة وأساليب التقويم المختلفة واستراتيجيات إدارة العملية التعليمية والمهارات التطويرية التي يحتاجها في العملية التدريسية وتطوير الذات يعد عاملا أساسيا في تطوير الأداء الأكاديمي للجامعات، فأعضاء هيئة التدريس هم العمود الفقري للجامعات وذلك استنادا إلى أن تقدم أي جامعة يقاس إلى حد كبير بكفاءة هيئة التدريس فيها، وأن نوع التعليم الذى تقدمه هذه الجامعة او تلك لطلابها يعتمد إلى حد كبير على قدرات وكفايات أعضاء هيئة التدريس بها. ولهذا السبب لن يتم تطور جامعاتنا إلا من خلال تطوير أساتذتها والهيئة التدريسية فيها. هناك تجارب لعدد محدود من جامعاتنا التي قطعت شوطا كبيرا في تدريب وتأهيل اعضاء هيئة التدريس فيها والتي تنبهت إلى الحاجة الماسة لتطوير إمكانات وقدرات أعضاء هيئة التدريس، فأنشأت عمادات وإدارات مسؤولة عن تدريب أساتذتها وتأهيلهم على أمل أن تعم التجربة جميع الجامعات السعودية ولقد تم التركيز بشكل كبير على تعزيز قدرات أعضاء هيئة التدريس وتزويدهم بكل متطلبات عملية التدريس الحديثة لبناء قدراتهم للتميز في التدريس وإكسابهم المهارات والتطبيقات التدريسية الحديثة التي تنمي فيهم القدرة على تصميم المقررات الدراسية وايصالها والقدرة على بناء الاختبارات لتحسين جودة وطرائق التدريس وبالتالي يتوافقون مهنيا، ويصبحون أكثر فعالية مع طلابهم، من أجل الارتقاء بمستوى الطلاب واكسابهم القيم والمعارف والمهارات والاتجاهات التي تؤهلهم للقرن الحادي والعشرين، وبما يسهم في ايجاد بيئة تسمح لعضو هيئة التدريس بالإسهام في تطوير بيئته المهنية والعملية، هذه التجارب كان لها وهج كبير وأثر بالغ، كما أننا نجد أن هناك خمولا في تطبيق هذا المفهوم في بعض الجامعات الاخرى وهذا له أسباب اجهلها. لقد أسهم دعم وتشجيع وزارة التعليم العالي ووزيرها في الرفع من مستوى وعي الكثير من الجامعات بأهمية تأهيل أعضائها وحثهم على ذلك وبرنامج «تنمية الإبداع والتميز لدى أعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية» شاهد على ذلك الذي هدف الى تنمية مهارات أعضاء هيئة التدريس والرفع من مستوى قدراتهم اللازمة ليمكنهم من الاستفادة من الخبرات والتجارب العالمية ونقلها إلى الجامعات السعودية. إنني عندما أشير إلى حاجتنا الملحة في جميع جامعات المملكة لتطوير مهارات أعضاء هيئة التدريس، فهذا لا يعني أننا نشك ولو للحظة واحدة في كفاءة عضو هيئة التدريس وتمكنه الأكاديمي، ولكن هذه الكفاءة وهذا التمكن لا بد أن يقترن ببناء المهارة في الطرائق التدريسية المختلفة وتنميتها لنجاح العملية التعليمية، فالجامعات مدعوة للدخول والاستمرار بجدية في هذا المجال الهام، كما ينبغي التركيز على انشاء جمعيات علمية ومهنية والحرص على الانتساب فيها والانضمام إليها، بحيث تتبنى قضايا التطوير المهني والعلمي المتعلق بأعضاء هيئة التدريس والعمل الأكاديمي بصفة عامة.. ودمتم سالمين.