تتعدد المشكلات الأسرية وتختلف باختلاف ظروفها الاجتماعية، وبما أن الأسرة مكونة من أفراد فإن الاختلاف يبدو واردا وفق الآراء ووجهات النظر، ولكن أن يحرم أحد أفراد الأسرة من حقه الشرعي الطبيعي فهذا غير منطقي وغير إنساني وخروج عن المألوف، وفي الغالب نجد أن المرأة هي المغلوبة على أمرها، بحجة قوامة الرجل ومن ضمن المشاكل التي تندرج تحت ستار القوامة منع الأب زواج ابنته لأسباب واهية ومتعددة فدعونا نتعرف على بعض الحالات بلسان من عايشن تجاربها المريرة. لماذا الزواج في البداية أوضحت ل«عكاظ» (نورة. ف) أنها وحيدة أسرتها بين أربعة أشقاء ذكور، وتضيف «بدأ العرسان يطرقون بابنا منذ المرحلة المتوسطة ودائما ما يرفضهم والدي بحجة صغر سني، دون أن أعترض، حتى وصلت إلى مرحلة الثالث ثانوي ووالدي على نفس المبدأ، وبعد حصولي على شهادة الثانوي قرر عدم إكمال دراستي الجامعية، واستمر في رفضه لفكرة زواجي بالقول: ليس لدى بنات للزواج». وأضافت «سمعت الوالد مرة يحدث والدتي ويقول لها: لو تزوجت نورة وتقدم بنا العمر من سيعتني بنا» وتابع -والحديث لنورة- «سنعيش نفس الوضع الذي مرت به أمي»، فقالت له والدتي «ستأثم بهذا الرفض»، فيرد عليها قائلا «أنا أمنحها كل شيء تطلبه فما حاجتها بالزواج»، بعدها استفسرت من والدتي عن قصة جدتي التي يرفض والدي بسببها زواجي، فقالت «مرضت جدتك وهي في ال85 من عمرها، حتى انها كانت لا تغادر فراشها، في حين رفض الجميع الاعتناء بها ومن ضمنهم زوجات أبنائها وأصروا على تركها في مستشفى حتى يتوفاها الله، فأخذتها أنا وعاشت معنا حتى توفيت قبل ولادتك بشهرين، عندها عرفت سبب خوف والدي فاقنعت بقضاء الله». أسباب واهية وتختلف قصة (هدى. س)، عما مرت به نورة، وتروي هدى قصتها بالقول «نحن ثلاث إناث وولدان وأنا أكبرهم وأتمتع بجمال طاغ، وكلما تقدم لي شخص يرفضه والدي، وبعد تخرجي من الجامعة تقدم لي شقيق صديقتي فرفضه والدي، فشكوت أمري لإحدي عماتي فتحدثت معه وقالت له سوف تأثم إذا بقيت على هذا النهج، إلا أن جوابه كان صاعقا وصادما وواهيا: هي طاغية الجمال وأنا غير متأكد بأن من سوف تتزوجه سيقدر جمالها، فمن الأفضل أن تظل معي معززة مكرمة، وعندما أموت بإمكانها الزواج ممن تشاء». وأضافت هدى «بارك والدي زواج شقيقاتي الأخريات لأن جمالهن عادي، فأشارت علي صديقاتي بأن أشكوه في المحكمة إلا أنني رفضت الخطوة خوفا من كلام الناس». واستطردت (حنين. ع)، قصتها والحزن يعتصر قلبها «تقدم لي عريس وأنا في أول ثانوي، فأبديت رغبتي في الزواج منه رغما عن إرادة والدي، وكان رفض والدي له ما يبرره لأن العريس كان مدمن مخدرات، وبعد مرور شهر من الزواج، استخدم زوجي شتى وسائل التعنيف الجسدي ضدي، حتى كسر لي ضلعا، عقبها خلعته في المحكمة وعدت إلي منزل والدي، ولم أكن أتصور أنه سوف لن ينسي أنني تزوجت رغما عنه، لذلك حلف اليمين بأنه لن يزوجني لأحد ما دام حيا، وقد حقق يمينه وأصبح يرفض كل من يتقدم لي حتى أن بعض صديقاتي أشرن علي الزواج عبر المحكمة فرفضت خوفا من أن ينتقم مني بطريقه أخرى». دائم الرفض وتحكي (ألفت. س) معاناتها بالقول «أنا ابنة وحيدة بين خمسة ذكور، ووالدي لا يطيق غضبي ويلبي كل طلباتي دون مناقشة كما أن رغبتي هي التي تنفذ دون رغبة الجميع باعتباري الصغرى، إلا في موضوع زواجي». وتضيف «كان والدي دائم الرفض لأي شخص يتقدم لي دون مبرر متعللا بصغر سني، واستمر على هذا الوضع حتى أنهيت دراستي الجامعية». وتابعت ألفت حديثها بالقول «ناقشت يوما والدي في موضوع الزواج، باعتباره حقا من حقوقي وليتني لم افعل، لانه أصيب بجلطة إثر النقاش، عندها حملني الجميع مسؤولية مرض والدي، فقررت إغلاق هذا الموضوع مدى الحياة حتى يعيش بسلام، وفي الوقت نفسه أردت معرفة حقيقة هذا الرفض، وضغطت على الوالدة بشدة للبوح بهذا السر، فأخبرتني بأنها أنجبت ثلاث بنات توفاهن الله جميعهن عند بلوغهن عاما من العمر دون أسباب صحية، حينها أصيب والدي بحالة نفسية وخضع على إثرها للعلاج، وعندما ولدت أنا كان يتفقدني كل يوم وحتى بعد تجاوزي العام لم يستطيع التخلص من عقدة الفقد». وزادت ألفت «بعد سماعي القصة أصبحت أنا من أرفض كل من يتقدم لي شفقة بوالدي، مبررة ذلك بأني أخشي مسؤولية تحمل الحياة الزوجية، وظلت الحقيقة معي طوال 38 عاما هي عمري، في الوقت الذي أرجع البعض سبب رفض والدي لفكرة الزواج إلى حرصه الشديد على راتبي من الوظيفة». بر الوالدين بدورها، ذكرت (نهى. ك) أن والدها أنجب ثلاث إناث «كان يعمل «متسبب» وأفنى حياته من أجل تعليمنا حتى تخرجنا من الجامعة وتوظفنا في وظائف مختلفة، عندها فاتحني والدي بتحمل العبء بدلا منه باعتباري الكبرى، ودارت عجلة الحياة وتزوجت شقيقتاي وأنجبتا أطفالا، فيما بقيت أنا الكبرى أتحمل المسؤولية نزولا عند رغبة الوالد، حتى تجاوزت الأربعين فأصبحت لدي قناعة برفض الزواج رغم أنني أحيانا اتعرض للتجريح من البعض بسبب عدم زواجي، فأقرر أن أشكوه للمحكمة ثم أتراجع واحتسب رفضي لله ثم لبر الوالدين». رأي الشرع وهنا، قال القاضي في المحكمة الجزئية في المدينةالمنورة الشيخ فيصل آل الشيخ «يعد الولي مؤتمنا في الولاية سواء كان أبا أو أخا أو أية صلة قرابة تربطه بالفتاة، فلا يحق له معارضة الزواج إلا بسبب شرعي في المتقدم، وهذا وفقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) وفي حال ثبت أن الولي يعضل في زواج وليته تتقدم الفتاة للمحكمة ويصدر لها تصريح للزواج وتتزوج عن طريق القاضي». وأضاف «ينظر القضاة في محكمة جدة عددا من قضايا العضل، ولكن بنسبة قليلة، وكانت تحل بالصلح بين الولي والمتقدمة، ولم تواجهني قضايا مماثلة في محكمة المدينةالمنورة». وختم آل الشيخ «على الولي أن يخاف الله ولا يستغل الولاية».