يكسوها الظلام ليلا.. تنتشر العشوائيات في أرجائها بينما تتناثر النفايات على امتداد شوارعها الذي طمس الظلام الدامس معالمه نتيجة انقطاعات الكهرباء المتكررة، فيما تغمر الرمال المتحركة منازل السكان.. تستقبل زوارها بطرق بدائية ومشاريع متعثرة بعد أن سجلت عجزا ملحوظا في التنمية وتأخرت كثيرا عن مثيلاتها من المحافظات.. إنها محافظة خباش بمنطقة نجران. بساط أخضر تعد محافظة خباش الواقعة شرق مدينة نجران على بعد 65 كيلومترا تقريبا، ويسكنها أكثر من 15 ألف نسمة إحدى محافظات المنطقة السبع التي تتميز بجمالها المتفرد مع بداية الامتداد الرملي لصحراء الربع الخالي، وهي روضة خضراء افترشت رمال الصحراء الذهبية، حيث يتوقف بين كثبانها سيل وادي نجران الشهير وتصبح بساطا أخضر في موسم الأمطار، ويتسابق إلى أراضيها رعاة الإبل وهواة الطبيعة البكر. كما تعد محافظة خباش منارة نجران من جهة الشرق والواجهة الجنوبية للمسافرين عبر منفذ الخضراء الحدودي، تمزج بين الحضارة والبداوة وتشتهر بزراعة الخضراوات وتمتاز بوفرة المياه الجوفية، وهذه المميزات جميعها لم تشفع لها لأن تحذو حذو مثيلاتها من محافظات المنطقة من ناحية الخدمات البلدية من إنارة وسفلتة للطرق الرئيسية والفرعية بين أحيائها، ويقطع أهلها عشرات الكيلو مترات يوميا لقضاء حوائجهم ومعالجة مريضهم وإسعاف مصابهم ومراجعة الإدارات الخدمية في مدينة نجران. «عكاظ الأسبوعية» تجولت في محافظة خباش وعلى مزارعها ورمالها الساحرة ورصدت ووثقت احتياجات الأهالي ومطالبهم وكل ما يكدر صفوهم. دوائر خدمية في البداية أوضح المواطن حسين آل كليب، أن سكان محافظة «خباش» يقطعون نحو 70 كلم باتجاه مدينة نجران لإنهاء معاملاتهم لدى الدوائر الحكومية نظرا لافتقار المحافظة للكثير من الدوائر الخدمية بالرغم من موقعها المميز وكبر مساحتها وعدد سكانها المتزايد، وقال «نطالب بسرعة فتح مرافق خدمية ومن أهمها فرع للضمان الاجتماعي حتى نجنب كبار السن مشقة السفر إلى المكتب الرئيسي بمدينة نجران حيث إن البعض منهم لا تتوفر لديه وسيلة نقل»، لافتا إلى أن المحافظة تفتقر إلى أجهزة الصراف الآلي البنكية وعدم وجود رياض أطفال. من جهته، بين مهدي آل صلاح، أن المحافظة بحاجة لمركز للدفاع المدني وآخر للهلال الأحمر وهذان المرفقان لا غنى عنهما خاصة مع الزيادة السكانية المضطردة وكذلك لموقع المحافظة المهم - على حد قوله، ويضيف «تقع خباش على طريق دولي يشهد الكثير من الحوادث المرورية المميتة، ويضطر المارة لإسعاف المصابين بسياراتهم الخاصة إلى مستشفى الملك خالد بمدينة نجران». وأردف «نعاني كثيرا عند وقوع الحرائق، فيضطر الأهالي للتعامل معها وإخمادها بجهود ذاتية قبل وصول آليات الدفاع المدني لبعد المسافة وغالبا ما ينتج عن ذلك خسائر مادية وبشرية»، في حين طالب المواطن حمد آل مطارد، أمانة منطقة نجران بتوفير الخدمات البلدية وتكثيف حملات النظافة في المحافظة بشكل يومي وتوفير حاويات للنفايات، ووقف زحف الرمال إلى المنازل وإيجاد حلول مستدامة لها، إلى جانب ترتيب المحال التجارية المنتشرة بشكل عشوائي، مع ضرورة تكثيف عمليات رش المبيدات الحشرية على مزارع المحافظة ومراكزها، للتخلص من البعوض والذباب المسبب لكثير من الأمراض الوبائية وبات يشكل هاجسا بالنسبة للأهالي خاصة مع تفشي حمى الضنك في المنطقة. حضارة وبداوة بدوره، أشار المواطن وعلان الحطاب، إلى اختلاف محافظة خباش عن باقي محافظات منطقة نجران كونها تجمع بين الحضارة والبداوة معا، وقال: «في الجهة الجنوبية من المحافظة منطقة سكانية حديثة، وعلى الجهة الشمالية منطقة زراعية ويفصل بينهما شارع خباش الرئيسي الذي يعتبر الشريان الأساسي للمحافظة ومراكزها المختلفة، ومع هذا يفتقد للصيانة والاهتمام، حيث يضيق هذا الشارع بمجرد التوغل داخل المدينة وعلى بعد أقل من ثلاثة كلم ينقطع تماما، ولا ندري هل هو تلاعب في المشاريع أم ماذا؟! ولا يوحي بأنه مدخل للمحافظة والرابط بين مراكزها، حيث تكثر التصدعات على أطرافه والحفريات في وسطه»، مطالبا بالتحقيق بصفة عاجلة في سوء تنفيذ المشاريع وعدم اكتمالها وضرورة السفلتة والإنارة شوارع الأحياء الداخلية والطرق الرئيسية والفرعية وتشجير الأرصفة وايجاد متنزهات للأطفال وسحب السيارات التالفة المنتشرة في المحافظة. وأشار المواطن سالم آل كليب، إلى ضرورة العمل على إنجاز وتشغيل مستشفى خباش العام، لحاجة أهالي المنطقة إلى مستشفى يستقبل مرضى المحافظة، بدلا من قطع عشرات الكيلومترات لتلقي العلاج خاصة لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، مبينا أن المركز الصحي الوحيد في المحافظة ويضم طبيبا واحدا لا يفي بالغرض، خاصة أنه يقفل أبوابه عند الثامنة مساء ولا يوجد مكان تنويم أو طوارئ للحالات الحرجة علما أن المحافظة تشهد حوادث مميتة، كما أن عيادة الأسنان تستقبل المرضى يوما في الأسبوع وتشهد زحاما من قبل المراجعين. انقطاع الكهرباء من جانبه، عبر حسين آل منصور عن معاناة سكان محافظة خباش نتيجة الانقطاع المتكرر للكهرباء، وقال: «حال الحي يرثى له فالإنارة في بعض الشوارع معدومة، وأصبح التحرك داخل شوارع الحي أكثر صعوبة ونجد تجاهلا كبيرا عند اتصالنا بمركز الطوارئ الذي يؤكد في كل مرة أن الانقطاع مؤقت إلى حين الانتهاء من إصلاح المحول الذي يقوم بتزويد الحي بالكهرباء وهذا الانقطاع يؤثر على الأجهزة الكهربائية وقد يتلف الأغذية داخل الثلاجات»، وختم بالقول: «نعاني من مشكله أخرى وهي ضعف شبكة الجوال وعدم توفر شبكة الإنترنت الذي أصبح مطلبا ملحا لكل شخص ونرجو من المسؤولين رفع هذه المعاناة ومعالجة الخلل الذي يتسبب في هذا الانقطاع».