إن أبلغ ما قيل عن القلب هو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله». فمن يتمعن في تفاصيل وأبعاد هذا الحديث، يدرك أن القلب ليس المضغة الحيوية ذات الشكل «اللحمي» الوظيفي في ضخ الدم، وإنما هي مركز الإنسان وحقيقته، فإن كان هذا المركز صافيا نقيا، فلا خوف على المرء في حياته.. فكل ما فيه صالح. إن الإشارة إلى القلب في كل حديث، لا تعني القلب فحسب، ففي بعض الأحيان يشار إلى أنه العقل، ومن هنا تأتي أهمية أن يكون قلب المرء متنورا، مهتديا لأمر الله عز وجل. ومن هذا المنطلق فإن المسلم الحكيم هو من يفتش عن أسباب صلاح قلبه، وأسباب قوته وعافيته؛ لأنه يدرك أنه متى امتلك قلبا سليما من الآفات؛ فقد امتلك الحياة وامتلك نقاءها وجمالها. ولكي يكون قلب المرء سليما نابضا بالحياة، فهناك خطوات على كل مؤمن أن يتحلى بها ليكون سويا وسعيدا في حياته: أولا: العقيدة الصحيحة فتوحيد الله - جل وعلا - نور يملأ القلوب، ويبصرها، ويقويها، فهو مادة حياته، وأساس قوته وسلامته، ولا حياة للقلب إلا بالإيمان بالله، ذلك الإيمان الذي يصنع الطمأنينة في القلوب، والسكينة في النفوس. إن السعادة والحياة الطيبة لا تقوم إلا على أساس واحد هو: الهدى، وأن محل الهدى هو القلب، وأن هذا المحل لا يمكنه حمل الهدى إلا إذا كان فيه من الإيمان واليقين ما يؤهله لذلك. ثانيا: التسلح بالإيمان وهو السبيل إلى الحفاظ على الإيمان واستمراره في داخل الإنسان. إن سنة الله اقتضت أن يظل المؤمن في تنازع، ومكابدة ليظل قلبه ثابتا على الإيمان والتقوى، لكن المؤمن مهما كانت قوة إيمانه؛ فلابد له من غفوة وضعف، فإنما سمي القلب لشدة تقلبه، وعدم ثباته على حاله. وأيضا تطهير القلوب بالتوبة، وهذا التقلب في الإنسان، ما خلقه الله جل وعلا إلا ليبتليه بخطئه كما يبتليه بصوابه. فإن الذنوب تمرض القلوب، وتطمس بصيرتها، وتعطل عقلها، فاحرص على تطهير قلبك من أمراض المعاصي باجتنابها، وملازمة التوبة والاستغفار. وحتى يستطيع الإنسان تنقية قلبه من الدنس، فهناك ثلاث نقاط لا بد من تحقيقها، وهي التوبة إلى الله، والاستغفار من الذنب. والثالثة الإكثار من الحسنات. فايزة عبدالله عسيري