الحمد لله رب العالمين , و الصلاة و السلام على رسوله الأمين و بعد : إن القلوب تصح و تمرض , كما تعتل الأبدان و تصح , و إن القلب هو مصدر سعادة الإنسان و حياته الروحية إذا اهتم به الإنسان , و حصنه بسلاح الإيمان و التقوى و الطاعات , أو مصدر شقائه و موته المعنوي إذا أهمله الإنسان , فأصبح أسيرا للشيطان يقلبه بين داء القلوب كالجهل و الشك و الشهوات والغل و الحسد والغيبة , فتجره إلى الذنوب و المعاصي , قال تعالى (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ) 12 , الأحزاب , و تكون قاسية بالابتعاد عن منهج الله , فتزداد غيا و ضلالا , و يكون الوجه ظلاما قال الله تعالى : ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) 74,البقرة و قال صلى الله عليه و سلم : ( ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ) رواه البخاري و مسلم , فإذا كان القلب يصيبه الداء ,بسبب الذنوب و الشهوات , فعلى المسلم أن يبحث عن الدواء , كي يعيش سعيدا , و إن أسباب حياة القلوب و سعادتها كثيرة , و لكن الكثير من المسلمين غافلون عنها , أو لا يبالون فيها بسبب الماديات و التوغل في عالم الحضارات , و هي أدوية قلبية روحية فالقرآن الكريم شفاء و رحمة و موعظة للمؤمنين , قال تعالى : ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ) 82 , الإسراء , و الحرص على الإكثار من ذكر الله تعالى ما بين الدعاء و التسبيح و التكبير و التهليل و الاستغفار و التوبة و التضرع إلى الله تعالى , و قوة القلب، واعتماده على الله، والتوكل عليه، والالتجاء إلى الله تعالى ، والصدقة ، والإحسان إلى الخلق، ومساعدة الآخرين ، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ,و مرافقة الصالحين . أدوية لها تأثير ها في شفاء المرضى , و هذا لم يصل إليه الطب الحديث بمخترعاته و أهله , و يجعل قلبه نقيا من الشوائب , و أن يلقى ربه بقلب سليم , قلب انقاد لأوامر الله , و اجتنب النواهي , و تمسك بأمور الدين المحكمات , و اجتنب الشبهات و الشهوات , قال تعالى : ( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) 88, 89, الشعراء.