كشفت دراسة علمية أن اليوتيوب بدأ في استقطاب جمهور كبير من الشباب والشابات السعوديين، الأمر الذي يجدون فيه إشباعا لاحتياجاتهم. وفي وقت تصدرت المملكة المركز الأول عربياً من ناحية استخدام اليوتيوب وضمن أول ثلاث دول في العالم تتصفح اليوتيوب من خلال أجهزة الهواتف النقالة، ويتصدر موقع اليوتيوب أكثر مصطلحات البحث استخدامًا في المملكة، أكدت الدراسة التي أجرتها الطالبة فاتن يتيم للحصول على رسالة الماجستير من جامعة الملك سعود أن 65 % من أفراد العينة يرون أن اليوتيوب يساهم بدرجة كبيرة جداً وكبيرة في تحقيق إشباعات لا تحققها الوسائل الإعلامية التقليدية. وأوضحت فاتن في الدراسة التي حملت عنوان (استخدامات الشباب السعودي لليوتيوب والإشباعات المتحققة منه)، أن اليوتيوب أضحى ينافس شهرة هوليود. لماذا اليوتيوب في حياتنا؟ اليوتيوب ليس مجرد موقع ترفيهي.. فنجده يستخدم في التعليم، والإعلانات والتسويق، وللحصول على الأخبار والمعلومات العامة والتثقيفية، كما تعتمد مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى على استخدام روابط موقع اليوتيوب، فنجد أن مستخدمي موقع فيس بوك وتويتر والصحف الإلكترونية والمدونات والمنتديات الاجتماعية وغيرها تستخدم روابط اليوتيوب في استشهادها على صحة خبر مثلاً أو لتوضيح فكرة أو إعطاء معلومة، بل أنه يساهم في إنشاء و تداول الشبكات الاجتماعية من خلال تبادل الفيديو، إضافة للتعليقات والنقاشات المتاحة أسفل كل فيديو. كما أن اليوتيوب ليس مجرد موقع عادي بل بات يشكل خطراً على جهات أخرى، فبالتوازي مع ازدياد شهرة اليوتيوب تتعرض هوليوود لأزمة مالية خاصة حيث تمثل مبيعات دور السينما داخل الدولة أقل من 20% من عائد هوليوود، ومع انخفاض مبيعات أقراص ال DVDوالقرصنة الواسعة عالمياً على الأفلام تبحث صناعة السينما في هوليوود عن نموذج أفضل يجلب أرباحاً جيدة من خلال نشر الأفلام على الإنترنت. فحسبما ذكر الناقد السينمائي ديفيد دينبي من جريدة نيويوركر، العديد من المسؤولين في هوليوود مذعورين من الانخفاض المستمر في أرباح الأفلام. من بين العواقب السيئة لانخفاض الأرباح هو خفض النفقات. فقد أعلنت شركة ديزني -على سبيل المثال- عن التخلي عن 650 من العاملين لديها فقط في عام 2006م، وانخفض عدد الأفلام المتحركة التي تنتجها الشركة سنوياً بنسبة 50% تقريباً. وهل ترين شبابنا وشاباتنا من النماذج المستخدمة لليوتيوب أم المتابعة فقط؟ الشباب السعودي ليس مجرد مستخدم ومتابع لما يعرضه موقع اليوتيوب، بل إن المستخدمين الفاعلين والنشطين ممن يمتلكون قنوات تقوم بعرض برامج يقومون بإنتاجها عبر حلقات متسلسلة في ازدياد، وتحظى بنسبة مشاهدات عالية، وهذا ما يعوض كذلك غياب السينما في المملكة، وإعطاء الشباب الفرصة في عرض مواهبهم في التمثيل والكوميديا والنقد، ويساعد في القضاء على رتابة البرامج والمسلسلات التلفزيونية. وهل الدراسة توصلت إلى قدرة اليوتيوب في إشباع الرغبات؟ نعم الدراسة تؤكد على قدرة اليوتيوب في إشباع رغبات المستخدم، فأفراد العينة من الشباب السعودي يبحث أولاً عن ما يساعده في الاندماج الشخصي والاجتماعي، وعن عوامل تعزيز الجانب المعرفي أكثر من أي شيء آخر، ولاشك أن تقنيات اليوتيوب أتاحت للشباب والفتيات فرصة إبراز الذات والمواهب الخاصة بالفرد واستعراضها من خلال إنتاجاته الشخصية ومتابعه إنتاج الآخرين، والتمرد على إملاءات المرسل التقليدي واتجاهاته. ونجد أن عامل الاندماج الشخصي جاء في المرتبة الأولى ومتغيراته «استخدم اليوتيوب لتعلم أشياء جديدة»، «استخدم اليوتيوب لإيماني بفائدته وأهميته»، «استخدم اليوتيوب للتعرف على معلومات مفيدة عن سلع وخدمات جديدة»، «استخدم اليوتيوب لتطوير قدراتي التعليمية». ولعل في انتشار برامج الشباب على اليوتيوب دلالة على ذلك، حيث تلاقي عدداً كبيراً من المشاهدات، إضافة لتبادلها بين المستخدمين في الشبكات الاجتماعية وبرامج المحادثة والبرودكاست، كما أننا نلحظ استمرارية تلك البرامج عبر إنتاج حلقات جديدة بشكل مستمر، إضافة لظهور برامج اجتماعية وكوميدية ودرامية جديدة بين فترة وأخرى، وتحظى كذلك بمشاهدة واسعة وتحقق انتشاراً لافتاً. ألا يؤثر اليوتيوب معرفيا حسب الدراسة؟ جاء العامل المعرفي في المرتبة الثانية «استخدم اليوتيوب لمعرفة ما يدور في العالم»، «استخدم اليوتيوب للحصول على معلومات وأخبار»، «استخدم اليوتيوب للتعرف على الأحداث والاحتفالات والعادات»، «استخدم اليوتيوب لمعرفة ما يدور في وطني». ونجد أن العامل الحاصل على أقل نسبة فهو العامل الفضائحي «دافع استخدام اليوتيوب لنشر فضائح الآخرين» وهو دون شك ينبثق من العامل التسلوي ولكن بصيغة فضائحية، وجاء على شكل عامل مستقل لوحده ويتكون من ثلاثة متغيرات جميعها جاءت بتشبعات أساسية وهي: «لمعرفة فضائح الآخرين»، «صور الآخرين»، «لنشر فضائح وزلات الآخرين». وهل يؤثر استخدام اليوتيوب على استخدام الوسائل الإعلامية الأخرى؟ توصلت الدراسة إلى أن اليوتيوب يساهم في تحقيق إشباعات لا تحققها الوسائل الإعلامية التقليدية، إذ يرى حوالي 65 % من أفراد العينة أن اليوتيوب يساهم بدرجة كبيرة جداً وكبيرة في تحقيق إشباعات لا تحققها الوسائل الإعلامية التقليدية. كما وصلت نتائج الدراسة إلى أن اليوتيوب يؤثر في تقليل متابعة واستخدام الوسائل الإعلامية التقليدية، حيث يرى 44% أن مساهمة اليوتيوب في تقليل متابعة واستخدام الوسائل الإعلامية التقليدية مثل القنوات الفضائية والصحف الورقية في تقليل المتابعة تتم بدرجة كبيرة جداً وأن متابعة الفيديو على اليوتيوب بدأت تؤثر على نسبة مشاهدة التلفزيون العادي بحيث أصبحت تحل محلها تدريجياً، فنجد أن ثلث مستخدمي الإنترنت يتابعون الأفلام والبرامج التلفزيونية على الإنترنت. وما النتائج التي توصلت لها الدراسة حول ما يحققه اليوتيوب من إشباعات لا تحققها الوسائل الإعلامية الجديدة؟ حسب الدراسة فإن 46 % من العينة يرى أن مساهمة اليوتيوب في تحقيق إشباعات لا تحققها الوسائل الإعلامية الجديدة على درجة كبيرة جدا وأعتقد أن الدور المرئي لليوتيوب يدخل في جميع وسائل الإعلام الجديد من منتديات وشبكات اجتماعية وصحف إلكترونية وبالتالي فهو جزء منها. وحسب الدراسات فإن نسبة مستخدمي اليوتيوب تفوق نسبة مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي حيث إنها تلاقي متابعة من الشباب بشكل يومي ما تقدمه من مضمون قد لا يتوفر في الوسائل الإعلامية الجديدة الأخرى، كما أن من أسباب تحقيق اليوتيوب إشباعات لا تحققها بقية الوسائل الجديدة هو سهولة الاستفادة من أفلام اليوتيوب وإمكانية إضافتها في أي موقع من خلال نسخ روابطها ولصقها في المنتديات والشبكات الاجتماعية والصحف الإلكترونية والمدونات والبريد الإلكتروني وغيرها، كما أن الهواتف النقالة تدعم خاصية فتح أفلام اليوتيوب عليها.