يتصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله، قائمة أبرز دعاة السلام والحوار في التاريخ المعاصر بدعوته للحوار بين أتباع الأديان والثقافات المعاصرة والحضارات التي تجسدت في المؤتمر العالمي للحوار الذي عقد في العاصمة الإسبانية مدريد خلال شهر يوليو 2008 م، وتوجت جهوده رعاه الله، في التأسيس لحوار عالمي بين أتباع الديانات والحضارات والثقافات بعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعا عالي المستوى للحوار بين أتباع الديانات والثقافات والحضارات، وفقا لما تضمنه إعلان مدريد الصادر عن المؤتمر العالمي للحوار بين أتباع الرسالات الإلهية والثقافات الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي في مدريد عام 1429ه، ليجسد آمال وتطلعات خادم الحرمين الشريفين، ومسعاه النبيل والرائد لتحقيق التفاهم والتعاون بين الأمم. وبذل خادم الحرمين الشريفين جهودا ضخمة لتعزيز الحوار بين المسلمين للحفاظ على وحدة صفهم وتضامنهم تجاه ما يحيط بهم من أخطار ولتأسيس حوار مع الأطراف الأخرى ليعم السلام والأمن أرجاء الأرض، وتعريف غير المسلمين بسماحة الإسلام وعدله، حيث إن الحوار بين أتباع الديانات والحضارات أصبح ضرورة حياتية بين مختلف الشعوب ووسيلة لتقارب الأمم وتعارفها، وأن الديانات السماوية والثقافات المعتبرة اتفقت مع الفلسفات في مساحة مشتركة يمكن استثمارها، والانطلاق منها إلى آفاق أرحب في مكافحة الرذيلة والانحلال وفساد الأخلاق وتفكك الأسرة وتفشي الإلحاد وآفاق الصراع الأخرى. وجاءت دعوة خادم الحرمين الشريفين إلى الحوار لتؤكد مسعاه النبيل في هذا الاتجاه حين استقبل في قصره في الرياض المشاركين في المنتدى السادس لحوار الحضارات بين اليابان والعالم الإسلامي الذي عقد في الرياض خلال الفترة من 15 إلى 17 / 3 / 1429 ه، وقال خادم الحرمين الشريفين في كلمته: «لقد سنحت لي هذه الفرصة لأطلعكم على ما يجول في خاطري وأرجو منكم أن تصغوا لهذه الكلمات القصيرة لأقتبس منكم المشورة، فأنا أتأمل منذ سنتين الأزمة التي تعيشها البشرية جمعاء في وقتنا الحاضر أزمة أخلت بموازين العقل والأخلاق وجوهر الإنسانية فقد افتقدنا الصدق افتقدنا الأخلاق افتقدنا الوفاء افتقدنا الإخلاص لأدياننا وللإنسانية، كما أن الإلحاد بالرب عز وجل قد كثر وتفشى وهو أمر لا تجيزه الأديان السماوية لا يجيزه القرآن ولا التوراة والإنجيل، كذلك لمست من أصدقائنا في كثير من الدول أن الأسرة و ( الأسرية ) تفككت في أيامنا هذه، وأنتم أعلم بأهمية وخطر تفككها فأعز ما عند الإنسان هم أبناؤه فكيف إذا انصرف الشاب أو الشابة عن أبيه وأمه وانغمس في مسائل لا تتقبلها الأخلاق ولا العقيدة ، ولا يرضاها قبل ذلك كله الرب عز وجل»، وأضاف: تبلور في ذهني أن أطلب من ممثلي اتباع الأديان السماوية الاجتماع كإخوة يشتركون في إيمانهم وإخلاصهم لكل الأديان، وتوجههم إلى رب واحد للنظر في إنقاذ البشرية مما هي فيه وعرضت الأمر على علمائنا في المملكة ورحبوا بها ولله الحمد. واعتمد المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار الذي عقد في مكةالمكرمة الدعوة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الرسالات الإلهية والحضارات والثقافات، وفي كلمته مخاطبا المشاركين في المؤتمر قال الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود «إنكم تجتمعون اليوم لتقولوا للعالم من حولنا ، وباعتزاز أكرمنا الله به، إننا صوت عدل، وقيم إنسانية أخلاقية، وأننا صوت تعايش وحوار عاقل وعادل، صوت حكمة وموعظة وجدال بالتي هي أحسن تلبية لقوله تعالى ( أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) وأضاف: ما أعظم قدر هذه الأمة، وما أصعب تحدياتها في زمن تداعى الأعداء من أهل الغلو والتطرف من أبنائها وغيرهم على عدل منهجها تداعوا بعدوانية سافرة، استهدفت سماحة الإسلام وعدله وغاياته السامية، ولهذا جاءت دعوة أخيكم لمواجهة تحديات الانغلاق، والجهل، وضيق الأفق، ليستوعب العالم مفاهيم وآفاق رسالة الإسلام الخيرة دون عداوة واستعداء قال تعالى ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ). ورسم خادم الحرمين الشريفين أيده الله، الطريق للحوار مع اتباع الرسالات الإلهية والحضارات والثقافات وحددها في القيم المشتركة التي دعت إليها الرسالات الإلهية التي أنزلت من الرب عز وجل، لما فيه خير الإنسان والحفاظ على كرامته، وتعزيز قيم الأخلاق، والتعاملات التي لا تستقيم والخداع، وتنبذ الخيانة، وتنفر من الجريمة، وتحارب الإرهاب، وتحتقر الكذب، وتؤسس لمكارم الأخلاق والصدق والأمانة والعدل. وتؤكد المملكة على الدوام أنها صوت عدل نادت به على لسان قائدها، نحو القيم الإنسانية والأخلاقية، ودعت للتعايش والحوار العاقل والعادل، لما فيه خير الإنسان والحفاظ على كرامته، وتعزيز قيم الأخلاق، ومازالت تكتسب يوما بعد يوم احترام وتقدير قادة دول العالم والعلماء من الدول الإسلامية وغير الإسلامية كافة لسعيها المخلص والدؤوب نحو السلام والاستقرار في العالم، واستمرت دعوات ومبادرات خادم الحرمين الشريفين على الصعيدين الداخلي والخارجي لتعزيز مبدأ الحوار وتفعيله واقعا معاشا بين البشر في كل تعاملاتهم لمد جسور التواصل المبني على الاحترام لكرامة الإنسان والاهتمام بالقيم الإنسانية التي دعت إليها الرسالات الإلهية من العدل والتعاون والأمن والاستقرار وأداء الحقوق والواجبات بدءا بحق الله على عباده في عبادته وطاعته وفق ما شرع، والحفاظ على الأسرة ومواجهة الصراع بين البشر وتحكيم الأهواء والمصالح والانهماك في الملذات والأهواء بدون ضوابط مشروعة.