فقدت الأوساط الدبلوماسية والثقافية السفير والشاعر عميد أسرة آل عبدالجبار أحمد خليل عبدالجبار مندوب المملكة في هيئة الأمم في جنيف سابقا الذي انتقل الى رحمة الله أمس في العاصمة السويسرية عن عمر يناهز 95 عاما قضاها في خدمة دينه ووطنه ومليكه، وهو والد لثلاث بنات (ريم ومها ومنال) وشقيق ل14 أخا توفي منهم خمسة، وأكدت ل«عكاظ» شقيقة عبدالرحمن أن وفاته كانت في سويسرا وسيدفن فيها بجانب قبر زوجته أنعام فرعون شقيقة المرحوم رشاد فرعون المستشار الخاص للملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- وسيكون العزاء في جدة اعتبارا من يوم الخميس المقبل في دار شقيقته في حي الحمراء غرب مطعم فرايديز أو جوال (0554052540). والسفير أحمد خليل عبدالجبار من مواليد مكةالمكرمة عام (1339ه) الموافق 1920م، وتلقى تعليمه الأولي بمدارس مكة الأميرية، ثم انتقل في عام (1354ه/1935م) إلى بيروت فحصل على الشهادتين الابتدائية والثانوية وتخرج من الجامعة الأمريكيةببيروت عام (1362ه/1943م) حاملا شهادة بكالوريوس في العلوم السياسية. ثم تطوع للتدريس مجانا بالجمعيات الخيرية في لبنان كما ساهم في مشروع (إنعاش القرى). وألقى محاضرات عدة بالجامعة الأمريكية في بيروت بقاعة (وست هول) الشهيرة عن الأدب في شبه الجزيرة العربية. وفي عام (1344ه) عين بالشعبة السياسية بالديوان الملكي وعمل كمترجم للملك عبدالعزيز رحمه الله، وكان يترجم ما تذيعه الإذاعات الغربية عن الأحداث العالمية، ويعد تقريرا يوميا يقدمه إلى الملك عبدالعزيز ثم انتدب لحضور أعمال مؤتمر سان فرنسيسكو الذي سبق إنشاء منظمة الأممالمتحدة عام (1364ه/1945م) مع سمو الأمير فيصل بن عبدالعزيز (الملك فيما بعد) ثم اختير للعمل سكرتيرا للبعثة الدبلوماسية السعودية في واشنطن بعدها رقي إلى مرتبة مستشار أول بالسفارة السعودية بواشنطن عام (1392ه) وأثناء ممارسته لعمله كان يواصل دراسته ليلا بجامعة جورج تاون، ونال منها في عام (1953م) شهادة الماجستير في العلوم السياسية وكان موضوع رسالته (ليبيا من العهد العثماني إلى الاستقلال). وقد انتدبته حكومة المملكة لحضور عدة مؤتمرات هامة كما ساهم في أعمال اللجنة السياسية في جميع دورات الأممالمتحدة مدة عشر سنوات (1945م/1955م). وترأس وفد المملكة بالنيابة عام (1373ه/1953م) في الدورة العادية للجمعية العمومية للأمم المتحدة كما قام بأعمال السفارة في واشنطن وبرئاسة الوفد الدائم بالنيابة عدة مرات أثناء تغيب السفير ورئيس الوفد آنذاك. وفي أول عام (1375ه) الموافق (1955م)، عين بديوان رئاسة مجلس الوزراء برتبة وكيل وزارة كمعاون للرئيس في الشؤون السياسية. وخلال تلك الفترة رافق الملك فيصل خلال زياراته المتعددة لأمريكا وأوروبا والدول العربية وكان بمعية جلالته عضو الوفد السعودي بمؤتمر وزراء خارجية الدول العربية الذي انعقد في بيروت عام (1379ه/1959م). وفي عام (1380ه) الموافق (1960م) عين سفيرا فوق العادة لدى اليابان والصين وألمانيا الغربية، ثم سفيرا فوق العادة لدى حكومة إيطاليا عام (1368ه/1986م). ثم عين رئيسا للبعثة السعودية لدى الأممالمتحدة عام (1395ه/1975م) ولعدة سنوات. وكان رحمه الله أول عربي يثير قضية الجزائر في الأممالمتحدة. واخيرا رأس وفد المملكة الدائم لدى المقر الأوروبي للأمم المتحدةبجنيف.. وظل حتى (رمضان 1415ه). أما أعماله الأدبية فقد نشرت له أول قصيدة وعمره بضع عشرة سنة وذلك في مجلة (المكشوف البيروتية) أهداها للملاح القائد علي محمود طه ونشرتها مجلة الرسالة نقلا من الكشوف في عام (1939م). ونشر سلسلة من المقالات في مجلة (المكشوف) بعنوان (ويسألونك عن الحجاز)، دراسة عن الشعر النبطي. كما كانت له مقدرة وموهبة على نظم الشعر باللغة الإنجليزية، وتعتبر مقطوعة (نجم الليل والقدر) نموذجا لأشعاره باللغة الإنجليزية وقد ترجمت تلك المقطوعة إلى الفرنسية والألمانية والإيطالية ونشرت في مجلات أدبية متخصصة. وله ديوان شعر مطبوع بعنوان (من عبير الصحراء). كما اختارته أكاديمية العلوم والفنون الإيطالية لجائزة الشعر لعام (1980م) وهو العربي الأول والوحيد الذي نال تلك الجائزة. كما نشرت دراسة عن أشعاره بعنوان (عبير الصحراء) في (ديسمبر 1986م) ترجمة بالفرنسية عن دراسة نشرت أصلا بالإيطالية للدكتورة (رتيادي ماليو) الباحثة في الأدب العربي المعاصر في المعهد العربي للدراسات الشرقية. كما أن المرحوم كان يجيد ست لغات بالإضافة إلى العربية. وتحدث لعكاظ السفير اسامة أحمد نقلي رئيس الادارة الاعلامية بوزارة الخارجية قائلا: كان المرحوم أحد رجالات الدولة المشهود لهم بالوطنية والاخلاص لدينه وبلده ومثلها خير تمثيل خلال عمله سفيرا لها في الخارج وكان بالنسبة لي من الرعيل الاول الدبلوماسي الاول الذي تعلمت منه الكثير علما وفكرا وسلوكا تغمد الله الفقيد بواسع رحمته واسكنه فسيح جناته. وبنبرة حزن، تحدث الكاتب القدير وعضو مؤسسة عكاظ عبدالله خياط عن الفقيد قائلا «معرفتي بالمرحوم تمتد منذ كان سفيرا للمملكة في إيطاليا، حيث كان صديقا لمعلمي وأستاذي محمد عمر توفيق وزير المواصلات الأسبق -رحمهما الله- وهو من الرعيل الأول في السلك الدبلوماسي منذ عهد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وقد عمل في أكثر من دولة وكان أديبا وشاعرا وفي أحد لقاءاتي به في سويسرا قبل 12 عاما سألته عن ديوانه الشعري من عبير الصحراء كي اطلع عليه وأكتب عنه فقال سيكون بين يديك خلال أشهر وقد كان رحمه الله شخصية محبوبة ودمثه وكريم في أخلاقه. بدوره، تحدث الشاعر علي يوسف المهداوي قائلا «إن رحيل السفير أحمد عبدالجبار ليس خسارة على السلك الدبلوماسي فقط وإنما على الأدب كافة فهو أحد الشعراء القلائل الذين ترجمت قصائدهم إلى عدة لغات». كما قال الشاعر يوسف العارف عضو الجمعية العمومية لنادي جدة الأدبي إن الفقيد -رحمه الله- كان مثالا للأديب الذي أوصل الكلمة والقصيدة الشعرية إلى العالمية من خلال ترجمة قصائده إلى عدد من اللغات، كما أن هناك دراسات عن قصائده وديوانه الشعري من عبير الصحراء، وهو رحمه الله العربي الوحيد الذي فاز بجائزة أكاديمية العلوم والفنون الإيطالية لجائزة الشعر عام 1980م.. رحم الله الفقيد رحمة واسعة.