أربع وعشرون ضحية لبنانية ابتلعها بحر إندونيسيا، إنها لقمة العيش أو موسم الهجرة من الفقر، إذ أراد 24 شابا من عكار حيث للفقر كما للبحر عند الناس هناك ثارات، أن يعبروا إلى الضفة الأخرى حيث لقمة عيش لا ذل فيها، فقرروا الإبحار إلى أستراليا بعد أحلام وردية وضعها أمامهم «تاجر عبور» أو ربما تاجر رقيق عراقي الجنسية. أهالي بلدة قبعيت العكارية فقدوا سبعة عشر شابا من أبنائهم لم يتوقعوا يوما أن يكون حجم الكارثة كبير، لكن أكبر تلك الكوارث كانت قصة آل خضر حيث تلاشت عائلة بكاملها في البحر فكوثر وأولادها الثمانية ابتلعهم البحر، فقط نجا زوجها وكذلك الأمر لشقيقتها التي قضت مع أبنائها الثلاثة بينما نجا زوجها. عائلة «خضر» تنتحب وامرأة كبيرة تجلس وسط المنزل، بكاؤها يملأ المكان، إنها والدة كوثر وريا، التي تتهم الفقر بأنه المسؤول عن هذه المأساة.. بكاء «أم علي» لا يشبه باقي الدموع فالموت عندها ليس قصة واحدة بل مجموعة من القصص، إنها قصص لثلاثة عشر شخصا من عائلتها. أحد سكان القرية قال ل «عكاظ»: «إن الفاجعة كبيرة، هناك من غرر بهم ليسافروا إلى أستراليا، الكثير منهم باع أرضه ليدفع كلفة السفر التي بلغت ما يقارب عشرة آلاف دولار». وأضاف: «كل الرجال في قريتنا عاطلون عن العمل الفقر مذلة والحاجة صعبة، هذا البلد لم يعد لنا والدولة غائبة عن كل شيء، عن الكهرباء والماء والطبابة والتعليم فكيف يمكن للفقير أن يعيش وسط هذه الدولة». وأكد أنه رغم هذه الكارثة، فإن الهجرة من القرية لن تتوقف بعد أسابيع سننسى الأحزان ونفكر بالهجرة فليس أمامنا حل آخر. من جهته، قال ممثل عكار في البرلمان عضو كتلة المستقبل النيابية النائب نضال طعمة: إن الإهمال والحرمان ونسيان الدولة أبناء عكار بين أنياب الفقر والبطالة والحرمان، هو الذي دفع بمواطنين مقهورين ليغامروا في مجهول أسود، ليبحثوا عن لقمة عيش يرجونها كريمة وراء البحار، لكنهم لم يدركوا أن شبق المنتفعين باستغلال الهاربين من مواطنة هشة على متن مركب غير شرعي، سيخطف أرواحهم بمصير بائس مؤلم. وأكد أن هذه الحادثة الكارثة، أدمت قلوب العكاريين وعموم اللبنانيين، وإذا كان لبلدة قبعيت جرح كبير بفقدان أبنائها، فقلوبنا كلها متضامنة معها، ودعا إلى الكف عن المتاجرة بالبلد والمتاجرة بأبنائه، وتركهم أسرى في لعبة الصراعات الإقليمية.