أبدى عدد من سكان مكةالمكرمة توجسهم من تراكم مخلفات المباني داخل الأحياء وانتشارها بشكل كبير في الآونة الأخيرة، الأمر الذي أدى إلى الاختناقات المرورية في بعض الشوارع المهمة، وتشويه صورة الحي، حيث يعتبر أصحاب المباني الحديثة الأراضي التي تجاورهم بمثابة مكبات نفايات ويتركون بها مخلفات مبانيهم دون أن يجدوا من يحاسبهم على ذلك، لهذا تمادوا في رفد الأحياء بالأوساخ، ما يعكس صورة غير حضارية للمنطقة التي يزورها مختلف أجناس العالم ويرسمون لها أجمل الصور التي ينبغي أن تكون عليها العاصمة المقدسة. أوضح بندر عسيري أن بعض أصحاب المنازل عندما يبدأون في عملية البناء يقومون بجمع المخلفات ويلقون بها في أقرب أرض بؤر حتى لا يتكبدوا عناء الذهاب بعيدا، وبالمقابل عندما يأتي صاحب الأرض لتعميرها يزيح المخلفات إلى أقرب أرض خالية بجانبه، وهكذا يستمر الموال، دون أدنى رقابة ومساءلة من الجهات المختصة، ومن يعاني هم الأهالي فقط لأن المخلفات تضيق عليهم الشوارع وتزحمها حيث لا يجد الشخص موقفا لسيارته، وأحيانا تسد المخلفات الطريق نهائيا، ما يضطرهم للعودة للخلف لمسافات طويلة بحثا عن مخرج آخر لهم من الحي، كاشفا أن عملية رمي المخلفات تتم ليلا بعيدا عن أعين الجهات الرقابية في مشهد لا يمت للحضارة بصلة، وإنما يعيد المجتمع إلى دائرة التخلف، طالما أن الفرد لا يهتم بنظافة مدينته. صالح الزهراني يقول إن ظاهرة مخلفات البناء شوهت المدن وخنقتها لأنها موجودة في كل مكان بأحياء مكةالمكرمة، مشيرا إلى أنه يجدها أينما ذهب في منظر مشين للغاية، ويعتبرها من مظاهر قلة الوعي لدى البعض وعدم حفظهم لحقوق غيرهم من الجيران، رغم أن الدين الحنيف يوصي بالجار وعدم إيذائه، مرجعا هذه الممارسات إلى عدم وجود قرارات صارمة بحق من يخالف. ويضيف «إن وجدت القرارات فإن التنفيذ غائب، وإلا لما تواصلت بهذه الكثافة، فعندما يكون الرقيب غير موجود يفعل الكل ما يحلو له». ويرى الزهراني أن الحركة العمرانية متطورة ومتواصلة، ولن تنقطع أبدا، ولكن هذا لا يعني بالطبع تشوه صورة الأحياء بالمخلفات التي نجدها أينما اتجهنا تحتل الكثير من المساحات في منظر غريب يوحي بعدم وجود أي رقابة أو متابعة من الجهات المعنية، معتبرا أن استمرار الوضع بهذه الطريقة ستخنق بسببه مخلفات البناء الأحياء من كل اتجاه وستصبح عائقا أمام المشاريع الخدمية الجديدة، إضافة إلى خطرها الصحي على السكان، لأنها تتحول لمأوى حيوانات وحشرات مضرة تنقل الأمراض لكل السكان، وعلى الجميع النظر لها من زاوية الخطر الصحي إن لم يكونوا يريدون لمدينتهم منظرا جذابا وحضاريا، داعيا الجميع للتعاون مع الجهات المختصة من أجل القضاء على الظاهرة وإعادة الجمال والرونق للشوارع. وبين معاذ يوسف أن هذه المخلفات ربما تكون بمثابة شرارة لكوارث لا تحمد عقابها كون بعضها سريع الاشتعال لما تحتوي عليه من أوراق وأخشاب، ما ينذر بالخطر تحت أي لحظة، لهذا على الناس أن ينتبهوا للأمر، حفاظا على أرواحهم وأرواح أبنائهم، وألا يعرضوا الآخرين للسوء فيرتد عليهم، وأردف «اعملوا الخير لتجدوه وابتعدوا عن كل ما يضر، وهذه نصيحة بسيطة لأفراد مجتمعي لأن الحال باللسان أضعف الإيمان، وأتمنى أن يسمعني هؤلاء ويعملوا بنصيحتي». وتساءل يوسف «أين الرقابة على المخالفين وأين العقوبات الصارمة التي من الضروري تنفيذها بحقهم لمنع انتشار مثل تلك المخالفات والوقوف ضد استمرارها»، مبينا أن الأحياء أصبحت تختنق بها، مطالبا بتدخل من يريدون مصلحة هذه الأحياء من سكانها أنفسهم لوقف التجاوزات بالتعاون مع الجهات المسؤولة ووضع اياديهم فوق بعضها لإيقاف تشويه الشوارع وتعريض الأرواح للخطر. عقوبات صارمة أكد مصدر مسؤول في أمانة العاصمة المقدسة أن الأمانة فرضت مخالفات وعقوبات صارمة بحق المخالفين ستطبقها عليهم متى ما قاموا بأعمالهم هذه، مؤكدا أن هناك لوحات إرشادية قامت الأمانة بتوزيعها ووضعها في المخططات وداخل الأحياء، تتضمن عدم رمي المخلفات، مع التشديد على العقوبات المقررة، مبينا أنه لا تهاون من جانب الأمانة مع المخالفين بأي حال من الأحوال.