قد يصاب الانسان بشيء من الذهول والدهشة جراء ما يصادفه من جوانب يحوطها كثير من الغرابة واللا منطقية التي تعترضه في حياته، ولكن عندما نكون امام امر واقع فقد ندخل بمتاهات من نوع آخر. فمن الامور المستغربة ان تفتح كلياتنا ذراعيها لطلابها مع التشجيع والتحفيز المستمر للعديد من التخصصات التي قد تكون في مستوى الندرة او على الاقل اتخذت صفة الندرة مقارنة مع غيرها ومع التخرج وفي ما بعد يفاجأ الجميع ان ذلك التخصص مع ندرته او خلافه او حتى عدمه غير موجود في الخدمة كما يقال ان سمح لي التعبير. ففي مطلع الايام الماضية اجتمع عدد من الابناء الخريجين في تخصص الحاسب من تلك الكليات بجامعاتنا امام الجهات ذات الاختصاص مطالبين بتوظيفهم والادهى في الامر ان منهم من تخرج من اربع سنوات ومنهم دون ذلك. والسؤال الذي يطرح نفسه وأعانه الله على ذلك الطرح المستمر مع ذاته والآخرين لماذا تتوفر تلك التخصصات ضمن بوتقة كلياتنا وجامعاتنا وسوق العمل وعموم فرصه في استغناء عنه ولماذا يندر ان تكون هناك دراسة لتلك الامور مع الشركات والمؤسسات والقطاع الخاص بشأن ايجاد العمل المناسب للتخصص المناسب في ما بعد. في تصوري ان وزارة التخطيط يقع على كاهلها القاسم المشترك للحد من تلك المنغصات التي المت بالعديد من الخريجين وأضاعت الوقت والجهد والمال لكل الاطراف. نعلم جميعا وبلا شك ان حكومتنا الرشيدة جندت امكانياتها لخدمة الجميع من حيث عموم شرائح المجتمع ولكن يبقى الدور الاكبر على عاتق الجهات المسؤولة في دقة التخطيط والاختيار والتوجيه لطالما ان هناك امكانيات مجهزة من جهة وايضا ابناء يجتهدون لخدمة بلدهم ومجتمعهم من جهة اخرى حتى تتوافق المعادلة في الحياة بصفة عامة. فمن المستفيد من تخصصات غير مطلوبة؟ اعتقد ان الجميع خاسر في تلك المعادلة التي هي في الاصل ليست بحاجة الى فك رموز وتعقيدات تثير الجدل فهل من تبكير في الخطط وتقنينها على الوجه المطلوب لنحقق سويا اهدافنا المنشودة التي ينشدها مجتمعنا.. والله من وراء القصد. عبدالله مكني (الباحة)