لطالما كان الحديث عن السماح للعائلات بدخول الملاعب أمرا مثيرا للجدل ومحركا لزوابع الخلاف بين جهات مختلفة ولأسباب متنوعة ومتباينة، بل إنه أضحت قضية تطل برأسها كل موسم مع أي مواجهات دولية تقام على الملاعب السعودية، ولاسيما في ظل أنظمة الاتحاد الدولي لكرة القدم والتراجع الجماهير الذي أصاب المدرجات السعودية وتسبب في ضياع نصف مقعد عليها قبل موسمين. ولاتبدو الصور واضحة على النحو الذي يمكن من خلاله الوقوف على القضية بكامل المنطقية والوضوح بعد أن تحولت إلى كرة من نار تتقاذها جهات عدة وتتنصل من مسؤولياتها مع تنامي ردود الفعل الغاضبة ودونما حسم للمواقف وتباينها بوضوح. في البطولة الودية الأخيرة فتح خطاب نسب إلى رعاية الشباب ونشر عبر شبكات التواصل الاجتماعية الحديث عن هذا الأمر من جديد، وتمخض عنه ردود فعل وصلت إلى الرئيس العام لرعاية الشباب الموجود في القارة اللاتينية في زيارة إلى بيونس ايرس ودفعته للظهور عبر تويتر نافيا أي توجهات بالسماح بذلك وغرد بأن ما يثار لا يتعدى إلا اجتهادات صحفية، مشيرا إلى أن القرار هو للدولة وليس لرعاية الشباب أو الاتحاد السعودي ولم يصدر شيء بهذا الشأن. وذكر أن دخول عوائل أجنبية ضمن البعثات الدبلوماسية يكون على مسؤولية سفارتهم في المملكة فقط مطالبا الإعلام بعدم تأكيد مثل هذا الأمر ونسبه للرئاسة العامة لرعاية الشباب أو الاتحاد السعودي لكرة القدم. تناقضات وتردد يأتي ذلك رغم التقاط عدسات المصورين لبعض العائلات في مدرجات درة الملاعب في عدة مناسبات، وبعد الحديث المتباين والمتناقض لمسؤولي اتحاد القدم وعلى رأسهم أحمد عيد الذي صرح بتوقعه خلال كلمة له في كلية الأعمال بجامعة الملك عبدالعزيز عن صدور قرار بالسماح للسيدات والعائلات السعودية بالدخول إلى ملاعب كرة القدم، لكنه عاد وتراجع عن تصريحه بعد أسبوع فقط وبرر أن ما تفوه به مجرد توقع شخصي، وقال إنه قرار لا يملكه أي اتحاد، وذلك عبر بيان صدرته لجنة الإعلام والإحصاء في الاتحاد السعودي لكرة القدم وذكر فيه أن هذا الموضوع برمته عائد إلى الجهات المختصة، مؤكدا أن الدولة وكما هو معلوم هي التي بنت الاستادات والأندية وتكفلت بها إلى يومنا هذا، والاتحاد السعودي من ضمن الجهات المستفيدة من دعم الدولة حتى الآن، وقرار دخول المرأة إلى الملاعب لا يملكه أي اتحاد، بل يتخذ من قبل الجهات المختصة عند توافر جميع الجوانب النظامية الخاصة به. أما المتحدث الرسمي بالاتحاد السعودي لكرة القدم عدنان المعيبد فهو الآخر كان طرفا في تناقضات حين أكد فيه السماح بدخول العوائل للمباريات في البطولة الأخيرة وتخصيص مدرجات الجهة الشمالية لهم للجلوس فيها، قبل أن يتراجع بعد نفي محمد النويصر السماح بذلك، حيث قال لا علاقة لنا بمنع أو السماح بدخول النساء للملاعب كرة القدم خاصة في البطولات الدولية مثل البطولة الحالية، لم يصدر منا قرار بهذا الشأن واستغرب تحميل الاتحاد السعودي مسؤولية هذا الأمر الذي أخذ ردود فعل كبيرة خلال الأيام الماضية، وهناك من نسب لنا تصاريح وكلام لم نتفوه به نحن نقول القرار ليس بيد الاتحاد السعودي وهذا ردنا فقط. مسؤولية ضائعة وأمام هذه القضية لم يتبين من هو المخول بذلك أو المسؤول عنه ولاسيما بعد أن علق مدير ملعب الملك فهد سليمان اليوسف على الأمر مؤكدا أن السماح يقتصر فقط على دخول العوئل الأجنبية لبعض المباريات، وقال إن الخطاب الذي انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية والذي وصل إليه من الاتحاد السعودي خاص بالسماح لعوائل ومشجعات المنتخبات المشاركة في البطولة (الودية) فقط والتابعة لبعثات الإمارات ونيوزلندا وترينداد وتوباجو ولا علاقة له بالعوائل أو المشجعات السعودية، متمنيا تحري الدقة في هذا الأمر وعدم طرح كلام منسوب عن أي مسؤول حيث إن مثل هذا الخطاب عادي والذي ينص على توفير مدخل ومكان خاص لتلك العوائل أو المشجعات لتلك الدول. بيئة غير جاهزة وبنظرة إلى ردود الفعل حيال هذا الأمر يبرر الرافضون للفكرة موقفهم بأنه نتيجة لعدم ملاءمة البيئة في الملاعب للجماهير الذكور فكيف بها للإناث، في ظل غياب الخدمة المتكاملة المهيئة لاستقبالهم بدءاً من المرافق الصحية والثقافة الاجتماعية الناضجة والقدرة على السيطرة على الأمور وسط حشود الجماهير. يقول الإعلامي خالد المشيطي دخول العائلات أظنه تحديا ثقافيا كما أسلفت أكثر من كونه حاجة اجتماعية ترفيهية وسيحضرن لإثبات أنهن استطعن أن يقتطعن شيئاً من حقوقهم التي يرين أن الرجال سلبوها منهن. وقال الإعلامي علي اليامي الرياضة السعودية تحتاج دعما جماهيريا خاصة في ظل زعامة الاتحاد السعودي بتطبيق النظرية والتجربة الألمانية والتي اعتمد عليها أحمد عيد خلال الانتخابات وخلال الأيام الماضية واصل المجتمع بأطيافه المختلفة هجومه على قرار لم يصدر بعد للسماح للنساء بحضور المباريات هنا نقطة مهمة هل العوائل السعودية رياضية وذات ميول رياضي، المجتمع السعودي يعيش وسط منظومة اجتماعية صنعتها البيئة التعاملية لكل أسرة، الرجل كفل له الشارع الديني الوصاية على أسرته ومن هنا تأتي عوامل الحرية من أراد الحضور بعائلته للمدرجات فهذا شأنه ومن أراد المحافظة على تكوينه الاجتماعي الخاص فهو يملك القرار نحن منظومة اجتماعية مثل سائر الغير نرفض كل شيء دون تفكير ببساطة ستصبح المدرجات خالية في يوم من الأيام من النساء لسبب أنهم متعطشون لهذا القرار ومن ثم سيهجرون الملاعب بسهولة. أما الإعلامية ريما عبدالله ترى أنه حق مشروع لها ما الذي يمنع أن تذهب العائلة للملعب وتتابع المباراة في مكان خاص فالمرأة والرجل يلتقيان في الأسواق والحدائق لماذا يكون الموضوع في الملعب ممنوع قرار جيد وتأخر كثيرا. وتقول الإعلامية مها عقيل من حق المرأة أن تعمل وتكون رياضية وتحضر المباريات لا جدال في ذلك وهو قرار صائب إن حدث شرط أن يكون وفق ضوابط معينة تحفظ لها خصوصيتها الكاملة. أما الإعلامية عائشة سامي فتقول لا أرى ما يمنع حضور العوائل لملاعب كرة القدم ومشاركة الرجال في التنافس والحماس الموجود، فالجلوس أمام جهاز التلفزيون يفقد المتعة أنا سعيدة في حال تطبيق القرار، شخصيا أحضر بعض المباريات في مصر ولم أجد أي مشاكل فمتى ما كان هناك تنظيم داخل الاستاد سيصبح الأمر عاديا.