فرضت حملة (الحج عبادة وسلوك حضاري) دورها في تنظيم المواسم الخمسة الماضية من خلال الحد من بعض التجاوزات، حيث قضت على مظاهر وسلوكيات كانت تعج بها المشاعر المقدسة، لكنها لاتزال بحاجة لمزيد من توسيع الصلاحيات بما يضمن الحد من بقية التجاوزت. وبالرصد لسير الحملة في سنوات الماضية يتبين أن أغلبية تلك الظواهر السلبية تم القضاء عليها أو تحجيمها بسبب فرض العقوبات التي يتم تطبيقها على المخالفين، أما الحج من دون تصريح فنظرا لعدم إيجاد العقوبات الرادعة للمخالفين، فإنهم مايزالون يشكلون حضورا واضحا في كل عام. وكشف مصدر في اللجنة التنفيذية للحج والعمرة ل«عكاظ» أنه عندما انطلقت حملة «الحج عبادة وسلوك حضاري» انخفض عدد الحجاج غير النظاميين في عام 1429ه إلى أقل من 600 ألف حاج وانخفض في العام الذي يليه بنحو 55 ألفا، لكن عندما لم ير المخالفون أن هناك عقوبات رادعة لمن يخالف الحج بدأت أعدادهم في التزايد، ففي عام 1431ه ارتفع العدد إلى أكثر من 900 ألف حاج مخالف، وفي عام 1432ه زاد العدد على المليون حاج، وفي العام الماضي 1433ه وصل إلى أكثر من 1.5 مليون ألف حاج غير نظامي، هذا الازدياد غير المبرر من عديد من المقيمين إقامة نظامية في المملكة أثر بشكل سلبي في كل الخدمات التي تقدم لحجاج بيت الله الحرام، والأدهى أن الحج الماضي كاد يحمل معه كارثة إنسانية بسبب إصرار أكثر من 200 ألف حاج غير نظامي على استخدام قطار المشاعر دون الحصول على بطاقات صعود القطار، ما أدى إلى الازدحام الشديد على بوابات القطار وتأخر الحجاج النظاميين لأكثر من ست ساعات في تلك المحطات. رسالة دعوة وحكمة وفي هذا الصدد قال الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي إمام وخطيب المسجدالحرام الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس ل«عكاظ» إن حملة الحج عبادة وسلوك حضاري رسالة دعوة وحكمة ورسالة تغيير وتطوير إلى الأفضل في سلوكنا جميعا وفي تحقيق رسالتنا وتحسين الخدمات المقدمة لقاصدي وحجاج بيت الله الحرام، مشيرا إلى أن الافتراش سلوك غير حضاري والزحام والتدافع السباب والشتائم والمزاحمة عند الجمرات وفي المطاف وفي المسعى سلوك غير حضاري، ومضايقة الناس وعدم الرفق بهم والعنف معهم كله سلوك غير حضاري، ومن يحج ويخالف أنظمة هذه البلاد سلوك غير حضاري، ومن يحجون ويجلبون المخدرات والخروج بتعكير صفو وأمن الحجيج بأي مظهر من المظاهر سلوك غير حضاري. وزاد السديس «إنها دعوة أطلقتها المملكة العربية السعودية، وخادم الحرمين الشريفين - وفقه الله - حريص كل الحرص وتطلعات القيادة في أن تكون كل الجهات المعنية في خدمة الحجاج تستنفر وتعلن حالات الطوارئ لتقديم أفضل وأرقى مستوى في الخدمات لوفود الرحمن». وطالب السديس المسلمين أن يتعاونوا مع رجال الأمن في هذه البلاد مع الجهات المعنية في أن نخرج هذه الشعيرة رسالة للعالم ونحن اليوم في عصر التقنيات والفضائيات وشبكات المعلومات، إنها رسالة دعوة وحكمة ورسالة تغيير وتطوير إلى الأفضل في سلوكنا جميعا وفي تحقيق رسالتنا، مبينا أن تعكير صفو وأمن الحجيج وجلب الفوضى بأي شعار أو طائفية أو حزبية أو أي دعوة غير دعوة التوحيد فهي دعوة مرفوضة هذا ما يعنيه أن الحج عقيدة وعبادة خالصة لله تبارك وتعالى. مزيد من الصلاحيات إلى ذلك، قال وكيل وزارة الحج حاتم قاضي «إن الحملة وخلال السنوات الماضية حققت نجاحا كبيرا ولاتزال تواصل عملها بما يتوافق مع الرؤية التي تنطلق منها، وفي اعتقادي أنها تحتاج لمزيد من الصلاحيات فيما يخص الحد من الحجاج غير النظامين، لا بد من فرض عقوبات تمنع مثل هذه السلوكيات وتحد منها. ونحن في وزارة الحج نتعاون مع الحملة بكل أبعادها وأهدافها». المضي في خط متوازن أما عميد معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة الدكتور عبدالعزيز سروجي فقد بين أن الحملة التوعوية رافد مهم قبل سن أي قوانين وعقوبات ضد المخالفين، وقال «لا بد من المضي في خط متوازن بين سن العقوبات ضد كل مخالف وحملة توعوية تبين مخاطر السلوك المتبع. لذا نجد الحملة في أعوامها السابقة حققت نسبة وعي كبيرة من خلال طرقها لمخالفات كانت تشكل هاجسا في الحج، ولاتزال الحملة تمضي في رقيها صوب العمل على التوعية قبل أن تكون هناك صرامة في تطبيق الأنظمة ضد كل مخالف، كما نعمل على أعداد دارس تساهم في الحد من الحجاج غير النظاميين وتسربهم للمشاعر المقدسة».