بالرغم من اللهفة والفرحة التي تنتاب المقبلين على الزواج، إلا أن هذا الشعور سرعان ما يتحول إلى الخوف والقلق بمجرد التفكير في خضوعهم لفحص ما قبل الزواج ويستمر هذا الوضع حتى ظهور نتائج التحاليل التي قد تحمل للبعض حقائق غير سارة، فيما يمضي البعض الآخر قدما في إجراءات إتمام نصف دينه ودخول القفص الذهبي وسط «لمة» وفرحة الأقارب والأصدقاء. فحص ما قبل الزواج يركز على أمراض الدم الوراثية (فقر الدم المنجلي والثلاسيميا) وبعض الأمراض العدية مثل الالتهاب الكبدي الفيروسي (ب) و(ج)، ونقص المناعة المكتسب «الإيدز»)، خشية انتقال تلك الأمراض للطرف الآخر، أو إلى الأبناء في المستقبل وطرح الخيارات والبدائل أمام الخطيبين من أجل مساعدتهما على التخطيط لأسرة سليمة صحيا، ونشر الوعي بمفهوم الزواج الصحي الشامل. ومن الأمراض التي تقلق المقبلين على الزواج، مرض الأنيميا المنجلية الذي يعد القاسم المشترك لكل تلك الفحوصات والأمراض باعتباره المرض السائد في بعض مناطق المملكة، وفي الكثير من دول الخليج ويحذر منه الأطباء لخطورته، لتسببه في انسداد الشعيرات الدموية المؤدي إلى قصر عمر خلايا الدم الحمراء وبالتالي فقر الدم المزمن، وأزمات مفاجئة أبرزها تكسر في خلايا الدم ونوبات الألم في العزام والاطراف، وتآكل مستمر في العظام وخاصة عظام الحوض والركبتين وانسداد ففي الشعيرات الدموية المغذية للمخ والرئتين، وفشل الأعضاء والتشنج وتضخم في الطحال، وتقرح في الساقين وما إلى ذلك من الأعراض الأخرى.. «عكاظ الأسبوعية» تواجدت في مختبرات فحص ما قبل الزواج وحاورت عددا من المراجعين والمراجعات وفنيي المختبر والأطباء المشرفين على التحاليل. قلق وتوتر وفي البداية، أبدى عبدالله محمد الذي كان يستعد لإجراء الفحص السابع له بعد فشل ست محاولات، وعدم مطابقة نتائج التحاليل مع من تقدم لخطبتها، والقلق والتوتر باديان على وجهه وتصرفاته، عن خشيته مما سوف يحدث، إذا لم تتوافق نتائج التحاليل مع المرأة التي ينوي الارتباط بها. وأضاف «عند تقدمي لإجراء الفحص ينتابني القلق والارتباك والخوف من لا تتطابق نتائج الفحص مع من تقدمت لخطبتها، ويهرب النوم من عيوني لكثرة التفكير بهذا الموضوع، ويستمر هذا الوضع حتى تظهر النتائج»، مشيرا إلى أنه في حال لم تتطابق النتائج هذه المرة سيتوكل على الله ويستمع إلى نصائح عيادة المشورة التي نصحته أكثر من مرة بعدم الانفصال، بل الخضوع للعلاج وتناول الأدوية الذي تناسب حالته لكي لا يتضرر أبنائه مستقبلا. إعادة التحاليل من جهته، قال خالد عماد إن قصص فحص ما قبل الزواج أصبحت تبدد أحلام الكثير من المقبلين على الزواج، حيث يتخوف عدد كبير منهم من الخضوع للاختبار، موضحا أنه تقدم لخطبة فتاة قبل عامين وفوجئ حين أجرى الفحص مع عروس المستقبل بعدم تطابق نتائج التحليل ما اضطره لإعادة التحاليل أكثر من مرة وما زال. بدورها أوضحت مها عبدالخالق أن المركز كشف عدم التوافق بينها وبين خطيبها فتقبلا النبأ بهدوء، لافتة إلى أنهما يخضعان حاليا لبرنامج علاجي خاص بالأمراض الوراثية، وهو ما سيتسبب في تأخير الزواج حتى العام المقبل على حد قولها، فيما تمسك براء عمر بإتمام زواجه بعد موافقة خطيبته الثالثة، مشيرا إلى أن طبيب عيادة المشورة أوضح لهما عدم توافق النتائج ولم يقتنعا برأي الطبيب وتم تحديد موعد زفافهما. خطوة إيجابية وأكدت الممثلة الشابة رموز أنه لا بد من اجراء فحص ما قبل الزواج ليكون الزواج صحيا ولا يتعثر مستقبلا، مؤكدة أن الزواج الصحي سيجعل الحياة سعيدة خالية من العواقب والمشاكل خصوصا أن الزواج الصحي خطوة ايجابية تسعى وزارة الصحة إلى تطبيقها للحد من انتشار الأمراض الوراثية والمعدية. وأضافت «لم اشعر بأي ضغوطات حينما أتيت لإجراء الفحص، خاصة لرغبتي في التأكد من سلامتي من أي أمراض وراثية، وكنت مسرورة جدا بالتعامل الراقي الذي وجدته من القائمين على برنامج فحص ما قبل الزواج، وهذا ما جعلني أشعر براحة نفسية». فيما أكد محمد بن علي أحد المقبلين على الزواج، إصراره على فحص ما قبل الزواج ولم يكن خائفا ابدا، مشيرا إلى أنه أعاد الفحص للمرة الثانية بسبب الدهون الزائدة في الجسم، حيث طلب منه عدم تناول أي طعام دهني والاكتفاء بشرب العصير لمدة 3 ايام قبل الخضوع مرة أخرى للفحص. 100 حالة إلى ذلك، أوضح مدير مستشفى الولادة في جدة الدكتور كمال أبو ركبة أن مركز فحص ما قبل الزواج في جدة يشهد ضغطا كبيرا لاستيعاب المتقدمين من المقبلين على الزواج، حيث يتجاوز أحيانا عدد المراجعين 100 حالة يوميا. وأضاف أبو ركبة «يخضع المراجع لسحب عينة من الدم في مختبرات مزودة بأحدث التقنية التي من شأنها رفع مستوى الفحص ليصل إلى النتائج التي تظهر كحد أقصى بعد أسبوعين من استلام العينة»، مشيرا إلى إجراء فحوصات ما قبل الزواج في قسم خاص بعيدا عن أجواء المستشفى لتحرير المراجعين من أي ضغوطات. موسم الزواجات من جهتها، بينت مشرفة الزواج الصحي بمحافظة جدة الدكتورة هناء هرساني، أنه على الرغم من افتتاح مركز جديد لفحص ما قبل الزواج في مستشفى الملك عبدالعزيز، إلا أنهم يعانون من ضخامة أعداد المراجعين في فصل الصيف الذي يعد موسم الزواجات على حد قولها. وأضافت «هنالك أشخاص يتعرضون لرهبة حقن سحب الدم، ويلاحظ عليهم الارتباك، وهناك من يخشى ظهور مرض وراثي في نتيجة التحاليل، ومهمتنا تغيير نظرتهم لفحص ما قبل الزواج وأنه شيء لا يخيف ولا يدعو للقلق»، مشيرة إلى أنهم لا يسلمون النتائج إلا الى الشخص الذي أجرى التحليل أو ولي أمره. عيادة المشورة أما رئيسة قسم المختبرات بمستشفى الولادة والأطفال بجدة الدكتورة هناء باعامر، فأكدت استلام المستشفى نحو 100 عينة دم يوميا تقريبا، وقالت «لدينا ثلاثة أقسام تختص بفحص ما قبل الزواج، الأول خاص بفحص الأمراض الوراثية، والثاني للأمراض المعدية والثالث لتسجيل النتائج بالبرنامج المربوط مع وزارة الصحة وهو خاص بالقسم، كما نقدم تسهيلات للمبتعثين وللمسافرين ونحاول إظهار التحاليل بأسرع وقت ممكن». وأردفت «توجد لدينا عيادة تعرف ب(عيادة المشورة) وهذه العيادة تقدم المشورة للمراجع في حال كانت النتيجة ايجابية، حيث نقوم بإفهامه بالتدرج بأنه يعاني من أمراض سواء وراثية أو معدية، كما نوضح لهم الطرق العواقب والاضرار في حالة ارادوا اتمام الزواج والطرق التي يتوجب عليهم اتباعها لتجنب الكثير من المخاطر مستقبلا»، وبينت أنه في حال كان أحد العرسان مصابا بفايروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز) فيتم من خلال عيادة المشورة رفض منحه الشهادة.