مع اقتراب رجوع المدارس تشكل هموم الاستيقاظ المبكر وتضارب ساعات النوم أزمة كبرى في الأسر بعدما عاش الأطفال شهورا من الخمول والنوم الطويل حتى ساعات الظهيرة والمساء.. حتى أن الأمهات اضطررن إلى برمجة ساعات النوم والراحة مع أطفالهن، ما يشير إلى أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد حالات اضطراب في النوم واليقظة على حد سواء.. وزاد من وطأة الأمر تزامن الإجازة الطويلة مع ليالي وأيام شهر رمضان المبارك، حيث تمتد السهرات حتى ساعات الفجر الأولى.. فكيف يتخلص الآباء والأمهات وأطفالهم من هذه الحالة؟ «عكاظ» استطلعت آراء متباينة في الشرقية لمعرفة ما سيحدث وكيفية الخروج من الاضطراب المرتقب.. وتعتقد ليلى باهمام مسؤولة إعلامية في مكتب الإشراف النسائي بالمنطقة الشرقية أن تزامن الإجازة الصيفية مع شهر رمضان المبارك خلال السنوات الأخيرة أتاح للجميع فرصة السهر، صغارا وكبارا، كما صعب الوضع على أولياء الأمور أكثر في تنظيم ساعات النوم والتحكم في مدته، لاسيما أن حرارة الجو صباحا وطبيعة الصيام لا تسمحان بممارسة أي نشاط في وقت مبكر. وتضيف باهمام مشيرة إلى أن الفرصة لا تزال سانحة أمام أولياء الأمور الآن بعد عودتهم من أسفارهم إلى ضبط الوقت وتنظيم برنامج يومي محدد الساعات ينتهي بالنوم مبكرا لتعاد برمجة الساعة البيولوجية للجسم ويستقبل الطلبة والطالبات عامهم الدراسي الجديد بنشاط وحيوية. الكاتبة إيمان عبدالله تقول: إن كثيرا من الأسر والقائمين على الشأن التربوي يعانون من مشكلة ضبط مواعيد النوم لأبنائهم بعد الإجازة وهذا يدفعهم للبحث عن أفضل الطرق لتجنب مثل هذا النوع من الأنماط السيئة التي تتكرر مع بداية كل عام دراسي. وتضيف انه لا يزال هناك كثير من الآباء والأمهات يسعون جاهدين ليخلصوا أبناءهم من السهر والذهاب للنوم باكرا ومع ذلك تبوء محاولاتهم بالفشل لأنهم لم يلتفتوا لهذا الأمر إلا حينما أوشكت الدراسة على البدء ولم يتبق سوى يوم أو يومين، وهذا لا يجدي مع من اعتاد السهر حتى أوقات متأخرة من الليل. وأضافت إيمان قائلة: أذكر خلال فترة التطبيق في الجامعة ملاحظتي على الطالبات خلال الأيام الأولى للدراسة بعضهن يأتين بمزاج صاف وإقبال واستعداد للدراسة وأخريات ظهرت عليهن علامات السهر والكآبة وكثيرا ما سمعنا عن الغياب الذي يمتد حتى الأسبوع الأول كله. وتضيف إيمان: إن الأمر يحتاج إلى مزيد من الرشد وجرعات توعوية وتثقيفية تجاه المشكلة التي قد تمتد آثارها السلبية حتى نهاية العام الدراسي. الجامعية بيان الغامدي تعتقد أن نقص الفعاليات التي من شأنها أن تجعل الفرد دقيقا في ضبط أوقات نومه هي أحد الأسباب الرئيسية فعندما يصبح اليوم شبه خاليا من أي نشاطات خارجية أو حتى داخلية في المنزل فإن ذلك يؤثر سلبا على الشخص وقد يضر به وبمدى فعاليته وإنتاجه على المدى البعيد. وترى الغامدي وضع جدول لليوم التالي سواء مع الأهل أو حتى الأصدقاء يتضمن فعاليات معينة تساعد على تنظيم الوقت استعدادا للمرحلة المقبلة فذلك يسهم في حل هذه المشكلة سريعا. من جهته قال رئيس وحدة الطب النفسي في صحة الشرقية الدكتور عبدالرزاق الغامدي: إن نمط الحياة اليومية يتغير بعد رمضان وقبله وأصبح الليل سهرا والنهار نوما على امتداد الشهر الكريم وهو ما يخالف الفطرة السليمة، إذ ثبت بالعلم أن الليل للسبات، حيث يوجد في قاع المخ ما يسمى بالغدة الصنوبرية التي تفرز مادة تسمى الميلاتونين وتشير أبحاث عدة أنها المسؤولة عن تنظيم النوم بحيث تفرز بكثافة ليلا وهي مرتبطة بدورة اليوم فإن كان الشخص معتادا على النوم في العاشرة مساء فهي تنضم معه كذلك وهناك أجزاء أخرى في المخ تكون ما اصطلح عليه بالساعة البيولوجية بالتالي وبعد رمضان وعودة الروتين المرتبط بالدوام وبدء المدارس يواجه الجميع صعوبة في العودة لضبط نومهم. ولا شك أن بعض الناس يأتي مواصلا يومه بليله فيكون مرهقا ومشتتا وسريع الانفعال وأخص بالذكر هنا المعلمين والطلاب ومن له احتكاك مباشر مع الجمهور وهنا تحدث الانفعالات والتوترات بصورة واضحة. وينصح الغامدي الجميع بضبط النفس بوقت كاف قبل بداية الدوام الرسمي. ويضيف الغامدي: إن هناك من يأتي للطبيب على سبيل الاستشارة في هذا الأمر وهناك من يطلب صرف عقاقير معينة تنظم النوم وهذا أمر غير محبب. فما نحتاجه هو العودة للنوم الطبيعي مع بعض المعاناة لأيام عدة لتعود الأمور الى طبيعتها وإذا احتاج إلى دواء يجب أن يكون بإشراف طبي وللأسف يلجأ البعض إلى استخدام أدوية السعال والحساسية للنوم وهنا قد يتطور الأمر ويصبح الشخص معتادا عليها فيصدق بحقه المثل الشعبي «جاء يكحلها عماها»، والمطلوب من الصيدليات عدم صرف أدوية من هذا النوع دون وصفة طبية معتمدة.