اتفق عدد من المختصين على تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في جودة العلاقات الإنسانية بين الأفراد داخل نطاق الأسرة وخارجها، وأوضحوا ل«عكاظ» أن الأفراد أصبحوا يمارسون تقاربهم على مواقع التواصل الاجتماعي بديلا عن الواقع، ولفتوا إلى أن شرائح ضخمة باتت تتلاقى على مواقع التواصل بناء على قناعة تامة لديهم أن اللقاء على مواقع التواصل مع العلماء والمشايخ والمشاهير يكون أسهل وأسرع من المقابلة الشخصية في الواقع. «عكاظ» ناقشت المختصين حول أبعاد قضية تأثير مواقع التواصل على العلاقات الإنسانية للأفراد في ثنايا الاستطلاع التالي: في البدء، أوضح الأخصائي الاجتماعي بمركز الإرشاد الاجتماعي في الرياض أحمد القاضي أن كل شهر يشهد انضمام 288 مليون شخص إلى التويتر، هذا الموقع الاجتماعي الذي احتفل بعيده السابع هذا العام ويتلقى 500 مليون تغريده يوميا، وهذا الأمر مثير للاهتمام، حيث أن معظم مستخدميه حول العالم يستخدمون التويتر كتنظيم لتحديث أخبارهم التي تعكس شغفهم، وأضاف أن متوسط عمر المستخدمين للموقعين فيسبوك وتويتر يؤثر على المحتوى، فنسبة 30% فقط من مستخدمي الفيسبوك عمرهم أقل من 34 عاما، بينما نسبة 45% من المستخدمين يفوق عمرهم 45 عاما؛ لذا على الأرجح أن لديهم أطفالا، والتويتر لديه تركيبة شابة أكثر فنصف مستخدميه عمرهم أقل من 34 عاما ونسبة 30% فقط من المستخدمين يفوق عمرهم 45 عاما، ولفت إلى أن هذه النسب تعكس مدى تقارب المجتمع في مواقع التواصل الاجتماعي ومدى تباعدهم في الواقع الاجتماعي الفعلي، وأصبح الشغف لدرجة أن الحديث في الواقع الفعلي عند اللقاء يكون عن التويتر والإعلان عن ما كتبه من تغريدة أو مشاركة، وبذلك أصبح التواصل في المواقع أكثر تفاعلا من اللقاء وفي بعض الحالات ألغى اللقاء تماما، وقال: «بالنسبة للشباب قبل ثورة الفيسبوك وتويتر كانوا لا يتوانون عن إتاحة الفرصة لهم للقاء أصدقائهم، وكانت لديهم الرغبة في البقاء طول اليوم خارج المنزل حتى منتصف الليل، أما بعد الثورة أصبح اللقاء على معرفة الغرباء في الفيسبوك وتويتر حتى منتصف الليل، فبعد ما كانت معاناة الأهل مع خروج الشباب من المنزل أصبحت مشكلتهم هي بقاء الشباب طوال اليوم أمام الفيسبوك وتويتر»، وأضاف: «لم يقتصر الإدمان على الفيسبوك والتويتر على الشباب فقط، بل شمل الآباء، والأب والأم يعرفان مشاكل أولادهما من خلال تغريداتهم على تويتر رغم اجتماعهم تحت سقف واحد». من جهتها، اعتبرت الأخصائية النفسية نجاة علي أنه يمكن القول أن مجتمعنا أصبح مدمنا للمواقع الاجتماعية، مضيفة أن علماءنا ومشايخنا أصبحوا يتواصلون به أكثر من لقائهم في الواقع، بل إن العلماء والمشاهيرأصبحوا أكثر تفاعلا مع المجتمع من خلال هذه المواقع، وتساءلت: «كيف لا ندمن على هذه المواقع إذا كان اللقاء فيها يتم أسهل من المقابلة الشخصية، وأصبح القريب في المواقع الاجتماعية أحب وأقرب إلى القلب من القريب الفعلي؟ ولفتت إلى أن مشاركة الاهتمامات على مواقع الإنترنت دفعت إلى تفضيل الصديق أو القريب أكثر من الذي لا يشارك المرء هواياته في الحياة الواقعية».