شيع آلاف من التونسيين أمس القيادي في تيار الجبهة الشعبية اليسارية والنائب المعارض في المجلس التأسيسي «البرلمان» محمد البراهمي الذي اغتيل بالرصاص بالعاصمة تونس يوم الخميس الماضي، ووضع الجثمان على سيارة عسكرية مكشوفة توجهت من منزل البراهمي في حي الخضراء إلى مقبرة الجلاز التي ووري فيها جثمانه. يأتي ذلك في وقت تزايدت الضغوط على حكومة على العريض القيادي في حركة النهضة، بإعلان 52 نائبا برلمانيا استقالاتهم من المجلس التأسيسي «البرلمان» الذي يضم 217 نائبا والبدء في اعتصام أمام مقر المجلس اعتبارا من أمس للمطالبة بحل المجلس الذي يهيمن عليه الإسلاميون، وحل المؤسسات المنبثقة عنه بما فيها الحكومة وإنهاء مهمة رئيس البلاد منصف المرزوقي. ودعوا إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني برئاسة شخصية وطنية نزيهة، مع التزام أعضائها بعدم الترشح للانتخابات المقبلة،إلى جانب تشكيل لجنة من الخبراء توكل لها مهمة كتابة الدستور. وينتمي النواب المنسحبون إلى الائتلاف اليساري «الجبهة الشعبية»، حزب المبادرة، الحزب الجمهوري، الاتحاد من أجل تونس بالإضافة إلى عدد من المستقلين. وقال النائب البرلماني خميس كسيلة أن انسحاب النواب من المجلس التأسيسي خطوة احتجاجية، وتأكيد على فشل الفريق الحاكم، وضغط عليه للتحرك نحو العمل من أجل إنقاذ البلاد من المخاطر التي تهددها. واعتبر المجلس التأسيسي «فقد شرعيته ومشروعيته، ولا بد من حله، وبالتالي استقالة الحكومة المنبثقة عنه، والذهاب إلى التوافق حول تشكيل حكومة محدودة العدد برئاسة شخصية وطنية مشهود لها بالكفاءة والحياد، تكون مهمتها الوحيدة تسير شؤون البلاد، والإعداد لانتخابات نزيهة وشفافة». وأضاف أن اغتيال البراهمي «جريمة نكراء، ومصيبة كبيرة هزت الشعب التونسي الذي لم يتعود على مثل هذه العمليات التي ترتكز إلى التصفيات الجسدية للخصوم السياسيين. وقال إن الشعب التونسي كان يأمل في التقدم إلى الأمام، لكن المسار الذي دخلت فيه تونس بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011 أرجع البلاد إلى الوراء، و«كاد أن يخرجها من التاريخ والجغرافيا،حتى أن التونسيين باتوا لا يعرفون بلدهم». وشدد على أن المفزع في الأمر هو أن هذا الاغتيال الثالث من نوعه الذي تشهده تونس «منذ سحل المناضل محمد نقض، واغتيال القيادي في «الجبهة الشعبية» شكري بلعيد، يتم تسجيله فيما الحقيقة لم تكشف بعد». وفي تطور لافت وقع انفجار أمام مركز للحرس الوطني «الدرك» بالضاحية الشمالية للعاصمة صباح أمس. وأفاد الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية محمد العروي، إن عبوة ناسفة انفجرت بالقرب من سيارة حكومية تابعة ل «الدرك» كانت رابضة أمام أحد مراكز الحرس الوطني في حلق الواد بالضاحية الشمالية لتونس العاصمة. ووصف الانفجار بالعمل الإرهابي والإجرامي موضحا أنه استهدف رجال الأمن الذين تنبهوا إلى وجود جسم غريب في السيارة قبل استعمالها. وأشار إلى أنه لم يتسبب في أية خسائر بشرية لكن الحق أضرارا بالسيارة. وأفاد شهود عيان أن المواطن التونسي مفتي محمد قتل فجر أمس في احتجاجات عنيفة ضد الحكومة في مدينة قفصة بجنوبي البلاد. وهو أول قتيل في الاحتجاجات على اغتيال البراهمي. وكانت أعمال عنف تفجرت البارحة الأولى في مدن الكاف وقفصة والقيروان وأدت إلى سقوط عدد من الجرحى، بينما ارتفعت حدة التوتر في البلاد.