عصفت التكنولوجيا الحديثة بالعديد من العادات والتقاليد، منها مهنة المسحراتي في المدينةالمنورة، إذ لم يعد لكل حي مسحرا رمضانيا أو أكثر حسب مساحة الحي وعدد سكانه، حيث كان يحمل طبلته ويبدأ رحلته في إيقاظ سكان الحي والحارة للسحور أو للتسحر ويستخدم طبلة تعرف ب«البازة»، يمسكها بيده اليسرى، وبيده اليمنى سير من الجلد أو خشبة يطبل وهو يردد لونا من التراث، ويردد بعض الجمل التراثية مثل «قم يا نائم وحد الدائم» و«السحور يا عباد الله». ويقول فيصل جمال إن العصر الحديث ألغى الكثير من العادات القديمة التي لها أثر كبير في نفوس كبار السن ومنها عادة المسحراتي الذي كان صوته يعتاد عليه الصائم كل يوم حيث كان يصدع بصوته الجميل قبل صلاة الفجر بساعتين يوقظ المسلمين ليتناولوا وجبة السحور، ورغم ذلك إلا أنني حزين على اندثار هذه المهنة التي ذهبت أدراج الرياح. وبدوره، قال يحيى إبراهيم إن المسحراتي كان مثل «ضمد الجروح» فبمجرد أن نسمع صوته حتى نسارع في تجهيز وجبة السحور وننتظر صلاة الفجر، ولم يكن للمسحراتي أجر معلوم أو ثابت، غير أنه يأخذ ما يجود به الناس صباح يوم العيد، وعادة ما كان الأجر يؤخذ بالحبوب، فيأخذ قدحا أو نصف كيلة من الحبوب سواء كانت ذرة أو قمحا ولم يكن أجرا بالمعنى المفهوم ولكنه هبة يجود بها كل حسب قدرته. إلى ذلك، قال الأخصائي الاجتماعي بالمدينةالمنورة خالد العبدالله إن كثير من العادات التي كانت تعرف بالسابق، اندثرت وأصحبت في طي النسيان في ظل تقدم من كان يحمل تلك العادة الاجتماعية في السن، كما أن ظهور جيل جديد تسيطر عليه أغلب التقنيات الحديثة، جعل هناك فراغا بين الجيل السابق والجيل الحالي بسبب التطور الهائل في نظم المعلومات، والمسحراتي كان في السابق أداة اجتماعية تنبه المسلمين على وقت السحور، لعدم تواجد ساعة منبه لكي يعرفوا الوقت. وأضاف: هناك الكثير من العادات والتقاليد التي اندثرت كمدفع رمضان الذي توقف عن الحياة دون أسباب معروفة رغم أنه كان يعد مظهرا من مظاهر الشهر الكريم التي يرتبط بها أهالي المدينةالمنورة، وذلك بسب التقدم التكنولوجي الذي أطاح ببعض العادات الاجتماعية.