بين عبق الماضي وعالمية المستقبل تفردت «جدة» لترسم ألوان الطيف في كل جانب من جوانبها في ليالي رمضان حيث العراقة والتاريخ والأصالة يواكبها التطوير العمراني المتسارع في عروس البحر الأحمر التي ترنو إلى ركب العالم الأول وهي ترسم ملامح تاريخ 3 آلاف عام، إذ تحولت مساءات العروس وشواطئها البكر وأسواقها القديمة إلى كرنفالات تعكس التنوع الثقافي والاجتماعي لأهالي جدة. جدةالمدينة التي لا تنام على مدار اليوم لا تهدأ الحركة في شوارعها، وحتى وإن خفت في بعض الأوقات إلا أنها في الغالب تسير ببطء لاختناقات الشوارع إذ تتحول ليالي جدة في شهر رمضان إلى مهرجانات فرح وسرور، بعد أن تزينت المحلات التجارية والأسواق والمقاهي الليلية والمنتزهات بالخيم الرمضانية والفوانيس، وكذلك المساجد والمآذن المضاءة، حيث تتجلى المظاهر الاحتفالية بالشهر الفضيل في الشوارع والمحلات التجارية، وكذلك المنازل لإضفاء أجواء البهجة والسرور على نفوس الصائمين وتعبيرا عن خصوصية هذا الشهر، هكذا اعتادت «العروس» في هذا التوقيت من كل عام، حيث تتلألأ شوارعها وساحاتها بتشكيلات من الأضواء المختلفة التصاميم، لمسات جمالية غيرت منظر أشجار النخيل أيضا على جوانب الطرقات، وأضفت أجواء احتفالية خاصة بشهر العبادة تعكس عادات وتقاليد أهالي جدة مظاهر الاحتفال في جدة نجدها أيضا على واجهة المحلات الكبيرة التي يعلق أصحابها قطعا كبيرة من القماش المبطن للخيام المميز بألوانه الزاهية التي اعتاد أهالي جدة على رؤيتها في الشهر الفضيل، حيث يقبل المسلمون في هذا الشهر الفضيل على إحياء الشعائر والعادات والتقاليد وينصرفون لقراءة القرآن وصلاة التراويح، في حين تتسابق المحلات والمطاعم لنصب لوحات عنوانها الموحد إفطار صائم بأسعار مخفضة، إما المستفيدون فهم فئة المحتاجين وأصحاب العمل الخيري الذين لا يتوانون عن مساعدتهم في هذا الشهر الكريم. تلبكات السير «عكاظ» في جولة ميدانية وقفت على أشهر الأسواق التجارية والأحياء القديمة ورصدت معاناة الناس في ليالي رمضان، زحام لا يطاق وتلبكات تعيق حركة السير أوقات الذروة وتمتد أرتال السيارات حتى الفجر، في حين أكد العقيد زيد الحمزي «أن إدارة المرور تبذل قصارى الجهد لفك الاختناقات المرورية ومنع حدوثها في شوارع جدة وفق خطط مدروسة تستهدف تجمعات المركبات وتوجهات الناس قبل الإفطار وحتى الفجر في تناغم متسق بين كافة الفرق الميدانية في الدعم والمساندة وقياس الحركة المرورية في كافة المحاور والطرق الرئيسية التي تشهد كثافات مرورية عالية»، مؤكدا أن الجهود التي تبذلها إدارته ساهمت في تخفيف حركة السير وتحقيق أقصى درجات الانسيابية. الأكثر شهرة رصدت جولة «عكاظ» أن الأسواق الشعبية في جدة حققت شهرة واستقطابا أكثر للمتسوقين الباحثين عن عبق الماضي إذ ما زالت «جدة» تحوي لمسات من الحياة التقليدية ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي القديم التي تتركز حاليا حول مساجد وأسواق المنطقة التاريخية حيث تنتشر بعض محلات الحرف الشعبية والتقليدية القديمة، ومن أشهر أسواق المنطقة التاريخية قديما وحديثا التي تشكل شريان المنطقة الاقتصادي والحيوي، سوق العلوي، وسوق البدو، وسوق قابل، وسوق الندى. يقول إبراهيم الحارثي: أجد سعادة وأنا أتجول في هذه المواقع التاريخية والأسواق الشعبية التي تشهد تزايد ملحوظا في أعداد المتسوقين خاصة في ليالي رمضان إذ تحقق هذه الأسواق كافة متطلبات قاصديها حيث الأكلات الشعبية والجلسات الشاعرية، في حين اعتبر محمد البلادي أن منطقة البلد تعد أفضل المناطق في جدة إذ تتوفر فيها جميع المتطلبات التي يحتاجها المتسوقون والراغبون في قضاء ليالي جميلة لكن ما يعكر صفو التسوق فيها صعوبة الوصول إليها نتيجة عسر الحركة المرورية.