لم يشأ القدر لإمام وخطيب المسجد الحرام وأحد أعضاء هيئة كبار العلماء الدكتور صالح بن حميد إكمال تعليمه في مجال الطب بعد أن أمضى عاما في جامعة شاه بهلوي بإيران، إذ يرجع السبب الرئيس بعد إرادة الله إلى نشأته الدينية، إذ ترعرع في بيت علم، الأمر الذي قاده إلى ترك دراسته والعودة إلى مكةالمكرمة ليلتحق بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، فنال الماجستير والدكتوراه. ولهذه النشأة الدينية قصة، إذ ولد ابن حميد في بريدة، وتربى في كنف والده العلامة الشيخ عبدالله بن حميد رحمه الله، فأخذ عنه التوحيد والفقه واللغة العربية، كما حفظ كثيرا من المتون واستفاد من عدد من المشايخ. يقول ابن حميد «انتقال والدي إلى مكةالمكرمة وتعيينه رئيسا عاما للإشراف الديني كان له تأثير على حياتي، إذ حفظت القرآن مجودا في السادسة عشرة في صحن المطاف بين الركنين بجوار مكبرية المؤذنين، كما قرأت علم المنطق والفرائض على الشيخين عبدالأحد الأفغاني وعبدالفتاح رواه». وبشأن إمامته في المسجد الحرام، فقد بدأ متعاونا شهر ربيع الأول من عام 1403ه، ثم عين رسميا في الأول من محرم عام 1404ه، إذ ابتدأت قصته مع الإمامة والخطابة مذ بداية عمره فاعتلى المنابر وأم المصلين في سن مبكرة، فكان ينوب بعض الخطباء كما يؤم المصلين في صلاة التراويح بعد إتمامه حفظ القرآن الكريم. أما تدريسه في المسجد الحرام، فبدأ منذ عام 1402ه، ثم صدرت موافقة سامية بتعيينه مدرسا ومفتيا بالمسجد الحرام، فبات يدرس من بعد الفجر تحت المكبرية طيلة أيام الأسبوع عدا الجمعة، كما يتعهد طلابه ويتابعهم ويعتني بهم. وعن حياته العلمية، فقد أتم دراسته النظامية بكلية الشريعة بجامعة أم القرى عام 1392ه بامتياز، ثم حصل على الماجستير في الفقه وأصوله من نفس الجامعة، وكان موضوع رسالته: «القيود الواردة على الملكية في الشريعة الإسلامية»، كما نال الدكتوراه من نفس الجامعة عام 1402ه ببحث عنوانه: «رفع الحرج في الشريعة الإسلامية». وللشيخ نشاط علمي بارز كالتأليف والبحوث، سواء في الاقتصاد الإسلامي أو القانون الدولي الإسلامي وقواعد الاجتهاد المذهبي أو البحوث في أدب الخلاف والقواعد الفقهية والتخريج الفقهي والنظريات الفقهية والعلاقة بين الجهد والورع وغيرها. وقد تقلد وظائف عدة كمعيد في جامعة أم القرى ثم محاضر بها وأستاذ مساعد بالجامعة، كما كلف بالتدريس والإفتاء في المسجد الحرام، وعمل أستاذا متعاونا مع المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام. شارك الشيخ صالح بن حميد في العديد من المؤتمرات داخليا وخارجيا، وتقلد العديد من الأعمال الإدارية، أهمها: رئاسة مجلس القضاء الأعلى، رئاسة مجلس الشورى، رئاسة شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وعمادة كلية الشريعة، وله عدد من العضويات في العديد من اللجان المختلفة.