باتت حديقة «الزهور» في حي أرض الكردي تشكل صداعا مزمنا لسكان الحي الواقع في غربي المدينةالمنورة، وشبه مهجورة لا يرتادها سوى بعض الشباب والمشبوهين. ويقول الأهالي إنهم هجروا الحديقة منذ نحو عام ولم يعودوا يفكرون في ارتيادها بعد أن أصبحت ملاذا لوافدين مشبوهين بعيدا عن أعين الرقابة، خاصة وأن أبوابها مفتوحة على مدار الساعة وبإمكان أي أحد الدخول إليها متى شاء في أي وقت كان ليلا أو نهارا. ويطالبون الجهات المختصة بالنظر في وضعها أو إغلاقها إذا رأت في ذلك حلا قبل أن يستفحل خطرها على السكان المحيطين بها. «عكاظ» لاحظت في جولة على هذه الحديقة انعدام المساحة الخضراء حيث أصبحت قاحلة وتحولت أجزاء منها إلى مواقع مغلقة تتكدس فيها النفايات التي تشكل مرتعا خصبا للقوارض والحشرات الناقلة للأمراض، في ظل غياب الاهتمام بالحديقة التي كان من الممكن أن تمثل متنفسا لأهالي حي أرض الكردي حسب ما يراه عدد من السكان الذين التقيانهم أثناء الجولة. وقال سمير العربي: «رغم وجود هذه الحديقة منذ زمن، لكننا لا نستفيد منها ونلقى منها إزعاجا متواصلا، وكل من يشاهد تهالكها يدرك أنها مهجورة منذ زمن ليس بالقصير، ولذلك يخشى سكان الحي من المخاطر التي يمكن أن تنجم عنها، ويمنعون أطفالهم من الاقتراب منها». وتابع: «لم يعد لحديقة «الزهور» أي شيء من اسمها بعد أن أصبحت كابوسا يجثم على الصدور ويثير الرعب في النفوس دون أية فائدة منها»، مطالبا أمانة منطقة المدينةالمنورة بالنظر في هذا الوضع لإعادة الأمور إلى نصابها قبل فوات الأوان «وحينها لن ينفع الندم». كما أبدى جاره مطر الشاماني انزعاجه الشديد من وجود هذه الحديقة في الحي بوضعها الحالي، الذي لا يستبعد استغلاله من بعض ضعاف النفوس لارتكاب تجاوزات بحق المجتمع، خاصة وأنها ترتادها عمالة وافدة مخالفة لأنظمة الإقامة والعمل مستغلة ابتعاد الأهالي عنها. وشدد على ضرورة الاهتمام بها مقترحا تحويلها إلى حديقة خاصة بالعائلات فقط لقطع الطريق أمام كل من يحاول استغلالها في أمور منافية للقيم ومتعارضة مع القوانين التي تضبط حركة المجتمع. وأشار إلى ما اعتبره تجمعات مشبوهة للشباب في أوقات متأخرة من الليل، مستغربا غض الجهات المختصة الطرف عنها، رغم أن استخدامها ملجأ لوافدين مخالفين للأنظمة وارد وغير مستبعد. وقال إنه في حال استمرار وضعها الحالي ينبغي النظر في إزالتها وطرح أرضها للاستثمار أو بيعها للمواطنين الباحثين عن قطع أراض لتشييد منازل عليها. وتساءل طارق علي الصاعدي عن سر بقاء هذه الحديقة بوضعها الحالي مشوهة لمنظر حي في المدينةالمنورة التي يفد إليها ملايين المسلمين كل عام من مختلف أنحاء العالم لزيارة المسجد النبوي الشريف والصلاة فيه. وقال إن هذا الأمر يسيء إلى المكانة السامية التي تتبوأها طيبة الطيبة في القلوب، ولابد من معالجته بالاهتمام الذي يستحقه من قبل المختصين. وأضاف أن حديقة الزهور قضت مضاجع سكان حي أرض الكردي بعد أن أصبحت مكانا لتجمع مراهقين عاطلين عن العمل ووافدين مخالفين للأنظمة، داعيا أمانة المنطقة إلى تشكيل لجنة للنظر في هذا الأمر آخذة في اعتبارها ملاحظات وشكاوى السكان الذين فاض بهم الكيل ولم يعد بإمكانهم السكوت أكثر. من جهته قال ل«عكاظ» رئيس المجلس البلدي بمنطقة المدينةالمنورة الدكتور صلاح الردادي إنه في حال تلقيهم شكوى من سكان حي أرض الكردي بهذا الشأن سيتم الرفع بها إلى أمانة المنطقة للنظر فيها واتخاذ الإجراء اللازم حيالها. وفي الوقت الذي هجر فيه أهالي الحي حديقة الزهور انتعش مركاز المعلم الذي يقصده كثير منهم، حيث يسترجعون من خلاله ذكريات شهر رمضان في الماضي ويعيشون واقعه ويتبادلون فيه الأحاديث في ليالي الشهر الفضيل حتى إعلان ثبوت هلال شهر شوال في ليلة العيد ليرفع إلى حين حلول شهر رمضان في العام المقبل. ويتميز هذا المركاز ببساطته، حيث يوجد به عدد من الكراسي الخشبية القديمة. كما يتميز برواده من مختلف الأعمار، حيث تجد الطفل الصغير، والشيخ الكبير، بالإضافة إلى الشباب الذين يشكلون النسبة الكبيرة من المتواجدين في المركاز الذي يحظى بالكثير من الظواهر التي تجاوره، وأكسبته نفس الاسم، فهناك «ألعاب المعلم» و«بليلة المعلم»، حيث يحضر الآباء بصحبة أطفالهم للاستمتاع بالألعاب الشعبية القديمة التي تميز بها أهالي المدينةالمنورة، في الوقت الذي يجلسون هم في المركاز يستمتعون بطعم البليلة المدينية، ويتبادلون الأحاديث الرمضانية، حيث الأجواء الجميلة التي تذكرهم بشهر رمضان في الماضي، داخل الأحياء الشعبية الشهيرة في المدينةالمنورة، يتحدثون في الأدب ومنهم الأدباء ويتحدثون في الشعر ومنهم الشعراء، ويعرجون على الرياضة ويستذكرون حالها قديما وحديثا، ويستمعون للمذياع بعد تثبيت الموجة على برامج رمضانية. ويزور المركاز عدد من رواة القصص القديمة لإلقاء بعض منها على مسامع الحاضرين. كما أن الطابع البسيط لمركاز المعلم وموقعه المتميز على أحد الشوارع الرئيسية في أرض الكردي يجعل الكثير من المارة يقصده إما للاستفسار أو تذوق البليلة أو الانضمام لعضوية المركاز.