تشهد أسواق جدة هذه الأيام حمى في شراء أجهزة التلفزيونات والأثاث، مع قرب إطلالة شهر رمضان المبارك، إذ درجت الكثير من الأسر في عروس البحر الأحمر على تغيير الأثاث مع إطلالة رمضان في كل عام، حيث ان الغيرة بين الأسر تدعو إلى ماراثونات ساخنة بينها للظهور بمظهر مختلف. وبين هذا وذلك فإن رب الأسرة هو الضحية نظرا لأن تغيير الأثاث نتيجة لعملية التفاخر يستنزف ميزانيته ويجعله «على الحديدة». وفي هذا السياق، فإن كافة الأسواق في جدة تشهد هذه الأيام حمى شراء ساخنة خاصة في أسواق الصواريخ ومحال بيع الأثاث والأجهزة الإلكترونية، حيث جرت العادة على تغيير الأثاث قبل شهر رمضان كنوع من التفاؤل، واستعدادا لضيوف رمضان والعيد. وتختلف هذه الاهتمامات حيث تميل النساء لتغيير نمط المنزل أكثر من الرجال الذين لا يجدون في نهاية الأمر الا التسليم بالواقع ودفع قيمة تغيير الاثاث سنويا. "عكاظ" تجولت على بعض الاسواق التي شهدت زحاما على غير العادة خصوصا في محلات الاثاث والطلاء الذي كانت فيه الحركة كثيفة لرغبة كثير من الأهالي في التجديد والتي يعتبرها البعض عادة متوارثة لاستقبال اعظم ضيف وهو رمضان. التقينا في البداية بسيدة في العقد الخامس من عمرها حيث قالت فاطمة السيف إنها اعتادت على التغييرات في المنزل مع اقتراب حلول الشهر الفضيل «ورثنا هذه العادة من آبائنا واجدادنا على الرغم من اختلاف نوعية التجديد في الاثاث». وذكرت ان والدتها رحمها الله كانت تغير بعض المفروشات والتي تضعها قبل بداية رمضان في منزلها المكون من القش قبل ما يقارب 35 عاما كنوع من التجديد، وتبقى هذه المفروشات حتى قبل العيد بيوم ثم يتم تغيير هذه القطع البسيطة استعدادا لاستقبال العيد وبعد ذلك يتم غسلها ووضعها في رف خاص حتى يعود رمضان من جديد. وتضيف أن العادة تغيرت نوعا ما ولكن الاصل باق وهو التغيير، «أثاثي السابق اتنازل عنه لصالح الجمعيات الخيرية في جدة أو لأحد الأقارب المعوزين». وتردف بأن عادة التجديد في اثاث المنزل قبل رمضان لا تتخلى عنها لارتباطها بموروث الآباء و«ثانيا لكي نشعر بنوع من التفاؤل في استقبال الشهر الفضيل». وقال محمد الموسى إن عادة تغيير الأثاث لدى بعض الأسر لا تتغير حيث انه قبل إطلالة شهر رمضان تبدأ الأسر في تغير طلاء المنزل وشراء أثاث جديد. وأضاف أن كثيرا من الأسر تستقبل الضيوف خلال أيام الشهر الفضيل لذا يبادرون بشراء الأثاث الجديد كنوع من الغيرة والتفاخر بين الأهل والجيران والمعارف. نورة الغامدي موظفة في إحد الدوائر الحكومية ذكرت أن التغيير والتجديد أمر حتمي لا تقبل التنازل عنه بأي شكل من الاشكال، وذكرت الامر بصراحة أن بعض النساء تعمل على تغيير اثاثها سنويا قبل رمضان كنوع من التباهي والغيرة سواء من بين العائلة او الجيران. وعند سؤالنا عن تحمل رب الاسرة هذه المبالغ بسبب غيرة أو تباهي ذكرت بأن الامر يكون بالوسط حيث إن بعض النساء وخصوصا التي تعمل تساعد زوجها في نص المبلغ الكلي سواء لتجديد الاثاث أو طلاء المنزل. وفي «سوق الصواريخ» التقينا أم هتان فقالت إن تغيير الاثاث بالنسبة لها لا يكون بشكل سنوي وإن عادة التغيير التي تفضلها اغلب النساء كل سنة أمر لا تقبله تماما، حيث إن تجديد الاثاث عادة قديمة الا انها توقفت في الوقت الراهن بسبب الغلاء الفاحش الذي طال جميع السلع، فضلا عن الارتفاع الملحوظ قبل أي موسم سواء رمضان أو الأعياد وغيرها، وتضيف أم هتان أنها تحاول التجديد في بعض المواسم في بعض القطع والمفروشات الرئيسية التي يجب أن تغير بحكم قدمها واهترائها، وتزيد أن الاشياء الاساسية في رمضان من وجهة نظرها لا تكون في الاثاث والطلاء بقدر ما تكون في المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية التي يكون عليها الطلب بكثرة وهي غالبا ما تستنزف جيوب الأسر محدودة الدخل، والتي معها لا يفكر رب الاسرة في تجديد الاثاث. ومن جانبه، قال حسان النعمي إنه شغوف بالتجديد في مفروشات مجلسي النساء والرجال برغبة منه ومن الأهل، «وهو الأمر الذي يشغل بالنا سنويا قبل حلول شهر رمضان المبارك، وذلك لكثرة الضيوف الذين يفدون على منزلي خصوصا في الشهر الفضيل ونعد هذا التجديد نوعا من اكرام الضيف». ويضيف النعمي: هذا الأمر يظل بلا اسراف أو تبذير حيث نختار الاثاث والموكيت متوسط السعر والمقبول في شكله وجماله. وعن الاثاث القديم ذكر أنه يقوم سنويا بتسليمه لإحدى الجمعيات الخيرية التي بدورها تسلمه للاسر المحتاجة. من جهة أخرى، يروي مجموعة من تجار الاثاث والطلاء أن الأسر في جدة غالبا ما يكون تحركها نحو الاسواق لتغيير اثاثهم قبل رمضان بشهر. وقال محمد المجرشي (صاحب محل لبيع الأثاث في سوق الصواريخ) إن السوق في هذه الفترة يبدأ بالانتعاش والحركة الدؤوبة ما يجعل منه موسما خصبا للربح بأسعار معقولة. وقال عبده فارس إن اسعار الاثاث قد تكون غالية بعض الشيء ولكن الامر خارج عن سيطرتنا حيث إن المواد الخام والتي نصنع منها الموكيت أو السلع الجاهزة التي نستوردها تكون باهظة الثمن. خبير في مجال الأثاث في جدة أوضح أنه من الطبيعي أن تبحث محال الأثاث عن ربح لا يقل عن 10%، وقال إن أغلب محلات الاثاث في الأسواق الشعبية أسعارها معقولة ومتفاوتة بحسب نوع الاثاث وجودته، الا أن أغلب الأسر التي تأتي إلى أسواق الأثاث تختار ما يناسب دخلها وتكون السلعة حالتها جيدة وشكلها أجمل.