تهادي الأطعمة بين الجيران خلال شهر رمضان، تمثل صورة جميلة للترابط بين أهالي الحي الواحد، وتظهر هذه العادة المحمودة في جازان ويطلق عليها «الطعمة»، إذ تحرص كل ربة منزل على التفنن في تحضير الوجبات المعروفة في المنطقة، لتهدي جزءا منها للجيران، فيسارع الصغار مع اقتراب موعد الإفطار إلى نقل الطعام بين المنازل في منظر يجسد روحانية الشهر الكريم. وأوضح حمدان أحمد (40 عاما) أن تهادي الأطباق أو ما يعرف سابقا ب«الطعمة» مظهر اجتماعي جميل، أضحى مألوفا خلال أيام وليالي شهر الخير والبركات، وهو ليس وليد اليوم، بل متوارث منذ القدم، لافتا إلى أنهم حين كانوا صغارا كنا يعملون على توصيل الأطباق الرمضانية إلى الجيران وما هي إلا لحظات حتى يصلك الرد في مظهر اجتماعي رائع. إلى ذلك، أكد فتح الدين الأهدل (35عاما) أن «الطعمة» مظهر له عدد من الآثار الإيجابية، أبرزها أنه يعزز التعاون في المجتمع ويزرع المحبة والمودة والألفة بين أبناء الحي الواحد، ويسهم في مساعدة الأسر المحتاجة دون أن يجرح مشاعرها إلى جانب الالتزام بما حثنا عليه ديننا الحنيف من الجود والتواصي بالجيران كما كان عليه نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم بأنه كان جوادا وأجود ما يكون في رمضان، وكذلك من باب التواصي بالجار والحرص على ربط أواصر المحبة والإخاء معه. وذكر حسن محمد (70 عاما) أنه قديما كانوا أكثر تقاربا من أبناء الجيل الحالي، وكانت المهاداة في شهر رمضان أكثر وضوحا وتنظيما، لافتا إلى أنهم كانوا يحرصون على حصر الأسر المحتاجة أو التي دون عائل، ويزودونها بالإفطار والسحور طيلة الشهر الكريم، بالتنسيق مع الأسر الميسورة. وقال: «كما أن المهاداة ليست قاصرة على الأسر المحتاجة فقط، بل هي بين الجيران والأهل، فمع قبيل الغروب تجد النساء والأطفال والرجال يتناقلون الأطعمة فيما بينهم في جو أخوي رائع». إلى ذلك، ألمح خالد العامري (46 عاما) إلى أن طريقة الإهداء تغيرت في الوقت الحالي عما كانت عليه سابقا، إضافة إلى اختلاف نوعية الأطعمة المهداة والتي كان يطغى عليها طابع الشعبية التي يتميز بها المطبخ الجازاني، وليست مستوردة كما هو الوضع حاليا. وذكر أنه بعد أن كان الجميع يشارك في نقل الطعام بين المنازل نساء ورجال وأطفال، أصبحت الشغالات يؤدين هذه المهمة، معربا عن استغرابه من اندثار هذه العادة الجميلة في عدد من أحياء جازان، مطالبا بإحيائها بحلول الشهر الكريم.