يرتبط شهر رمضان المبارك بكثير من المظاهر والسلوكيات والعادات الحسنة التي يعكف عليها الناس ويحرصون على عملها، وتميز كل منطقة مظاهر معينة تختص بها، ومن هنا كانت المنطقة الشرقية على اتساعها حافلة بكثير من تلك المظاهر والعادات الرمضانية، وفي حاضرة الدمام تبرز كثير من هذه المظاهر، ولعلنا هنا نقف على عادة حسنة وظاهرة حميدة ألا وهي عادة "الطُعمة" التي تعني تبادل وجبات الإفطار بين الجيران والمعارف، حتى أضحى مشهد تناقل وجبات الإفطار في الدقائق التي تسبق الإفطار مألوفاً خاصة في المناطق والأحياء الشعبية. تقاليد شرقية يقول العم أبوعبد الله في العقد السابع من عمره إن الطُعمة هي مظهر إنساني جميل، وعادة تعكس الترابط بين الناس وترتبط برمضان والفهم الذي تحمله النفوس بوجوب التعاون ومساعدة الآخرين، كما لا يخفى الأثر الايجابي وتقارب القلوب بسبب تبادل الطعام بين الناس، منذ نشأتنا كنا نفرح عندما يبعثنا الأهل لنقل أصناف الطعام للجيران، كانت نظرات الامتنان التي يستقبلنا بها الجيران لا يمكن وصفها وتدفعنا للتسابق بمن يحظى بفرصة حمل الطعام، بالمقابل كان الجيران يأخذون الطعام ثم يمنحوننا أصنافاً أخرى من إعدادهم، والآن تستمر هذه الظاهرة الجميلة لدينا ولو أنها انحصرت الآن في الأحياء الشعبية غالباً، لان في بقية الأحياء لا تكون هناك روابط قوية بين السكان. بدورها تعمل أم سعد في المحافظة على إرسال أصناف الأكل التي تعدها إلى جاراتها في الحي، حيث تعمد إلى وضع أفضل ما تصنع لهن في مظهر من مظاهر الود والتواصل بينهن، وتقول أم سعد عن ذلك: أعمل يومياً على إرسال الطُعمة طبخي للأصناف الرمضانية إلى جاراتي في الحي، وهو عين ما يفعلنه معي، لدي بعض الأطباق التي أجيد طهوها، وهن كذلك، فمثلاً أضع الهريس والمرقوق واللقيمات، فيما أجد جارتي أم أحمد ترسل لي السمبوسة والمكرونة والكبسة، أما أم علي فهي متخصصة في الإيدام والشوربة، والطُعمة أمر توارثناه ونستمر عليه، في السابق كنا نقوم نحن بحمله للجيران، أو إرسال أحد الأولاد، أما الآن فقد كبرت وكذلك الأولاد، لتتكفل الخادمة بهذه المهمة. افتقاد الظاهرة فيما يعتبر ناصر الحسيني وهو شاب ثلاثيني أن ذاكرته ما زالت تحتفظ بذكريات حمله للطُعمة في حيهم القديم، ويضيف قائلاً: كانت أياما جميلة، نتسابق لحمل الطُعمة للجيران، وكان ذلك سبباً في بعض الأحيان لأن تقع منا أرضاً بسبب التدافع، أما الآن فأنا أحرص على الذهاب إلى منزل الوالد لمشاهدة هذه الظاهرة، أسكن في حي جديد والجيران من مناطق مختلفة وبالكاد يلقون التحية على بعضهم بعضا، فكيف بتبادل الطُعمة فيما بينهم، شهر رمضان شهر للخير وتأثير الطُعمة يجسد معاني الخير بطريقة بسيطة تعكس نظرة أهلنا نحوه بلا تكلف وهو أمر نفتقده الآن بشكل أو أخر.