التسول، ظاهرة يعاني منها المجتمع في كل مكان من العالم، والجميع يدفعون ضريبته، وكما أن للاحتيال ألفا، والتسول أحدها، إلا أن له ألف وجه ووجه وألوانا وأشكالا متعددة يتخذها المتسولون حيلة لكسب المال من اتخاذه مهنة لاستغلال الخير الذي يملأ قلوب الناس. «عكاظ» اقتحمت عالم المتسولين في حائل، ورصدت ما يقومون به وأماكن وقوفهم، وتعرفت على انطباعات المواطنين تجاههم. وفي البداية، وجدنا «سعد» 01 سنوات، كما عرفنا هو بنفسه ورفض إعطاءنا الاسم الكامل، ورفض الحديث حتى وقفنا بجانبه واستعطفناه وأغريناه بالنقود ليشرح لنا كيف دخل إلى عالم التسول يبدو اننا نجحنا في حضه على الحديث، وبدأ «سعد» يشرح طريقته في التسول، يقول: «طريقتي في التسول أنني أقف عند الإشارة الضوئية يوميا وأقول لكل واحد يقف عند الإشارة إن أبي توفي في حادث، واستعطفه أكثر وأقول له أبوس راسك أعطني ريال بس، فيجبر الكثيرون على التعاطف معي ويعطونني اكثر»، وعندما سألناه من الذي دفعه للتسول؟ قال: والدتي. وعن مدخوله اليومي من التسول، يؤكد «سعد» أنه لا يحصل على الكثير، مؤكدا أنه يتسول لأنه يريد أن يساعد أهله في الحصول على لقمة العيش، قلنا له: خذنا إلى بيتك، قال: لا أستطيع الذهاب بكم إلى هناك، وهرب بسرعة كبيرة. استعطاف الآخرين وتتكرر مشاهد الاحتيال في شوارعنا يوميا، بكاء ونحيب ورجاء عند بوابات المطاعم في منطقة حائل، التي اتخذها كثير من المتسولين أماكن للوقوف فيها أو بالقرب منها، ويكثر المتسولون عند المطاعم وبمجرد أن تقف بسيارتك بالقرب من المطعم يقبل عليك نساء متسولات ورجال وحتى أولاد صغار، يتعاقبون بالدور وبوضع مرتب على القادمين من زبائن أحد المطاعم كما رصدناهم عن كثب، اقتربنا من المطعم والتقينا أحد الزبائن «عمر الفهد» الذي يؤكد أن هؤلاء الأشخاص عملهم الوحيد هو التسول وأكثر من مرة رأيتهم هنا، ودفعني الفضول لمراقبتهم، وأؤكد لكم أنه يتم إنزالهم من سيارة واحدة، ويبدأون يجوبون الشوارع للتسول، ثم وقت العشاء يأتيهم من أنزلهم في نفس هذا المكان ويأخذهم إلى مكان آخر كي لا يراه الناس في الشارع وكل يوم على هذا الحال، كما أن الأسواق لا تخلو من وجود مثل هذه الفئة من المتسولين. خطر الحوادث ومشهد آخر يبعث على القلق، وقوف الصغار عند إشارات المرور، وعدم المبالاة بما يتعرضون له من خطر على هذه الطرقات مقابل الحصول على قوت يومهم، لأنه عندهم أهم من حرصهم على أنفسهم، وفي هذه الأيام يكثر التسول عند إشارات المرور، ولا يقتصر التسول عند الإشارات على الصغار وحدهم، بل حتى النساء، مما يعرضهن إلى الخطر. تحدث سالم الحبيب عن ما يشاهده عند الإشارت الضوئية في الشوارع، ويقول: لولا أنني تداركت صغير سن عند الإشارة، لم ينتبه أن الإشارة الضوئية فتحت لاصطدمت به، لولا ستر الله، ثم أنني منتبه لطريقي، وإلا لوقع ما لا تحمد عقباه. الحاجة الماسة التقينا في جولتنا «فوزية» التي تقود أبناءها كل صباح للخروج إلى الشوارع؛ كي تحصل على قوت يومها، تقول «فوزية»: أنا أم لثلاثة أبناء، أبوهم كبير في السن لا يتحمل العمل ولا يقدر على المشي ليجلب لنا لقمة العيش، وما يدفعني لجعل ابنائي يتسولون هو الحاجة الماسة. آلات الصرافة وفي كل نهاية شهر، وبالتحديد عند نزول الرواتب وازدحام آلات الصرافة، يزدهر سوق المتسولين الذين يستغلون هذه الفرصة عند آلات الصرافة، وتجدهم يتوسلون كل من يأتي لماكينة الصرف، وقبلات حارة على الكتف، يعطيها المتسول ليحصل على ما يريد بإلحاح عجيب وبلا كلل ولا ملل، حتى لو نهرهم البعض. المواطن ناصر سعد، يشير إلى أن المتسولين يكثرون في شهر رمضان الكريم، ويشكلون عبئا كبيرا علينا، وليس هذا فقط، فالكثير من الناس يستاءون من التصرفات التي يقوم المتسولون بها من تقبيل الرأس والكتف عنوة للحصول على النقود، ويتساءل مستغربا: لماذا لا يعمل ويكون عضوا فاعلا في المجتمع، لا عضوا يحمل المجتمع أعباء كثيرة؟، مضيفا أن كثيرا من هؤلاء يتم إنزالهم من سيارة واحدة كما نسمع ويجوبون الأسواق والشوارع بحثا عن النقود، هؤلاء تديرهم عصابات بالتأكيد. ومن جهته، يتذمر عبد الواحد الرشيدي - صاحب محل خضار - ويقول: هذه الفئة تتعبنا جدا، يدخلون المحل ويطلبون من زبائننا إعطاءهم النقود، حتى يمل الزبون ويخرج دون ان يشتري ومهما طردتهم فإنهم يعودون بلا حياء ولا خجل. وأما سالم الشمري، فيطالب بأن يكون هناك مكتب لمتابعة مثل هذه الظاهرة التي أصبحت منتشرة في منطقة حائل لأنها تزعج الآخرين، مضيفا: ولا بد أن تكون هناك توعية لهم، لأن المنع بالقوة لا يجدي مع هذه الفئة ويعتقد الشمري أن سبب التسول هو حالة نفسية، ويعتقد أنه ليس أكثر المتسولين يتسولون من قلة المال.