تسطع أحلام حراك النقل العام في الذاكرة الجمعية لأهالي المدينةالمنورة، ويتمنون إطلاق النقل العام في أنحاء المدينة، لا سيما وأن هذه الطريقة سوف تساهم في امتصاص الاختناقات المرورية في المحاور الرئيسة وخفض حوادث السير والتخفيف على المنطقة المركزية من زحام المركبات. وأضافوا أن آلية النقل العام تصلح لشوارع المدينة خاصة في موسمي الحج ورمضان، حيث تشهد الشوارع حركة مرورية على مدار الساعة. وبين الأهالي أن النقل العام حلم يراودهم ويتمنون أن يتحقق لما للنقل العام من أهمية باعتباره أحد أهم الخدمات التي يقاس بها تقدم الدول، وذلك لما له من فوائد جمة تنعكس بشكل إيجابي على المواطنين والمقيمين من ناحية وعلى الاقتصاد الوطني من ناحية أخرى، ولما للمدينة المنورة من أهمية بالغة لدى المسلمين جميعا حيث يتوافد عليها ملايين الزوار سنويا من خلال مطارها الدولي وأن الزيادة المضطردة في أعداد ساكنيها خلال السنوات الأخيرة يتطلب إيجاد آلية النقل العام لكون المدينةالمنورة مدينة عالمية. «عكاظ» استطلعت آراء عدد من المواطنين والمسؤولين حول هذا الموضوع فأجمعوا على أهمية إطلاق مشروع النقل العام. في البداية أوضح محمد العلوي (طالب جامعي) أنه لا يستطيع شراء سيارة وهو يتكبد خسائر يومية بسبب عدم وجود نقل عام يمكنه من الذهاب إلى الجامعة والعودة منها بشكل يومي وهو يقوم بالتنقل عبر سيارات الأجرة ويدفع أكثر من نصف مكافأته ثمنا للنقل. وأضاف أنه نتيجة للزحام اليومي فإنه يتأخر دائما عن اللحاق بالمحاضرات والتي تبدأ في الثامنة صباحا، وقال عن ذلك: لا بد لي من الخروج مبكرا حتى لا أعلق في الزحام مع طلاب المدارس والموظفين. من جهته، أوضح صالح الحربي أن فكرة الحافلات الترددية في رمضان والتي تقوم آلياتها على أن يترك المواطنون سياراتهم في مواقف كبيرة مثل الاستاذ الرياضي وتقوم تلك الحافلات بنقلهم للحرم النبوي لأداء صلاة التراويح تعد من الأفكار التي تخفف من زحام السير في رمضان. وتابع أن الفكرة لاقت نجاحا كبيرا ورواجا واسعا، مطالبا بالبدء في إنشاء شبكة محطات نقل عام تقوم على خدمة المواطنين بأسعار زهيدة لا تتجاوز الأربعة ريالات في الغالب. من جانبه، أشار ياسر العوفي إلى أنه لدى زيارته تركيا وجد لديهم نظاما مطبقا في النقل العام يسمى (المتروباص) وهو لا يحتاج لبنية تحتية ولا تكاليف طائلة، حيث يتم تخصيص مسار للحافلات ومناطق لتوقفها داخل الشوارع، داعيا إلى تطبيق فكرة مثل هذا المشروع هنا بحيث يكون الحرم هو المحطة الرئيسية تنطلق منها وتعود إليها عبر كل أحياء المدينةالمنورة لأن تطبيق فكرة إنشاء قطار للنقل داخل المدينة مكلف ويحتاج لدراسة مستوفية ووقت طويل وجهد كبير ونحن بحاجة ماسة لهذا الموضوع لأن كثيرين أصبحوا يستغلون عدم وجوده لنقل الزوار والمواطنين بأسعار عالية. وفي موازاة ذلك، أوضح رئيس لجنة السياحة بالغرفة التجارية عبدالغني الأنصاري أن النقل العام أصبح من الضروريات الملحة في حياة الإنسان ولا يمكن للإنسان أن يتخلى عنه مهما كانت الظروف وقد كفلت الدولة حق الخدمات الرئيسية للمواطنين وتوفيرها مثل النقل. واستطرد الأنصاري بقوله: عندما نريد توظيف مواطنين في أي عمل فإنه لا بد من توفير المواصلات لهم أو صرف بدل مواصلات بشكل إلزامي وإلا سوف يضطر الكثير منهم إلى ترك الوظيفة بسبب تكبدهم تكاليف إضافية وخاصة إذا كان الراتب محدودا. وعلى هذا الأساس فإنه لا بد من توفير آليات للنقل العام تفيد الموظفين من ذوي الدخل المحدود والموظفات، حيث إن أغلب الموظفات يتركن عملهن بسبب عدم توفر مواصلات أو ارتفاع تكلفتها، حيث يستغل سائقو سيارات الأجرة هذا الموضوع ويرفعون أسعار الأجرة عليهن. إن التطور في المدينةالمنورة يتطلب إطلاق النقل العام باستغلال الموارد المتاحة وذلك بتخصيص مسار خاص في الشوارع الرئيسية لحافلات النقل العام ويوضع لها محطات معلومة ومعروفة وخاصة في مسارات المواقع الخدمية مثل المطار، المستشفيات والجامعات وغيرها. وتابع الأنصاري: رغم الاحتياج لحراك النقل العام إلا أن كثيرا من الشوارع غير مهيأة لذلك، حيث إنه لم يكن هناك تخطيط من الأساس. وقال: شوارعنا الآن وصلت لمرحلة تجاوزت فيها عمرها الافتراضي وأصبحت غير صالحة للاستخدام ولا بد من تشكيل لجان من الجهات المختصة لدراسة الموضوع بشكل عاجل وتفعيله. وأضاف أنه لا بد للقطاع الخاص أن تكون له مساهمات فعالة في هذا المجال ولا يمكن لأي مشروع أن ينجح دون تكاتف من قبل جميع فئات المجتمع، حيث إنه توجد لدينا ألف حافلة معطلة طوال العام لا تستخدم إلا في فترة موسم الحج، مطالبا باستخدامها في عملية النقل العام. من جانبه، أوضح العقيد عمر النزاوي المتحدث باسم مرور المدينة أن تفعيل النقل العام يحل أكثر المشكلات المرورية، مؤكدا أنه الحل الذي اتبعته كل الدول المتقدمة في العالم والتي تعاني كثافة سكانية عالية وقال: من فوائد النقل العام أنه يسهل تنقل الأفراد داخل المدن وتقليل اعتمادهم على وسائل النقل الخاصة ويخفف الازدحام ويضيف المرونة على الحركة المرورية وتسهيل انسيابها ويرفع مستوى السلامة ويقليل مخاطر وقوع الحوادث وانعكاساتها السلبية على الفرد والمجتمع. وتابع العقيد النزاوي: إن النقل العام يساهم في تقليص التلوث البيئي والتخفيف من حدة المشكلات الناجمة عنه ويرفع كفاءة الطرق ومرافق وتسهيلات النقل الأخرى وتخفيض نفقات صيانتها وزيادة عمرها الإنتاجي ويحقق وفورات منظورة وغير منظورة في استهلاك الوقود والإطارات وقطع الغيار ويحسن استعمالات الأراضي وتخفيض نفقات تطويرها، حيث إن أغلبها مخصص كمواقف وكما يساهم النقل العام في إنعاش الاقتصاد والإسكان في الأحياء والمناطق العمرانية الجديدة الأمر الذي من شأنه أن يسهل التواصل الاجتماعي وينمي الروابط والعلاقات بين أفراد المجتمع ويرفع مستوى الإدراك بأهمية المرافق العامة، وبالتالي بالمحافظة عليها واستخدامها بكفاءة ويوفر فرص عمل كبيرة ومتنوعة في المجتمع. مخطط التطوير زهير كاتب مدير فرع النقل بالمدينةالمنورة أوضح أن مشروع النقل العام داخل المدينة من أهم المشاريع التي ستكون ضمن مخطط تطوير المدينةالمنورة الشامل، وبخصوص الحافلات بين أن الشركة المنفذة للمشروع تقوم حاليا بتشغيل عدد من الخطوط من الدعيثة والعزيزية ومن طريق تبوك ومن الجرف كلها تؤدي بخط متصل إلى الحرم النبوي، وحاولت الشركة المشغلة سابقا تشغيل خطوط أخرى من أحياء أخرى إلا أن تلك الخطوط أثبتت عدم جدواها اقتصاديا وتؤدي إلى خسائر كبيرة.