نوه الأمير منصور بن خالد بن عبدالله الفرحان آل سعود سفير خادم الحرمين الشريفين لدى إسبانيا بالدور الكبير الذي تلعبه إسبانيا في مجال حوار الأديان والثقافات باعتبارها شريكا مؤسسا لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا. وأشار في لقاء خاص مع «عكاظ» إلى أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار وجدت ترحيبا عالميا كبيرا لما تحمله من رسالة إنسانية تنشر التسامح والتعاون والتقارب والتفاهم بين الدول والشعوب والمجتمعات. وأكد السفير على عمق علاقات الشراكة المتبادلة والصداقة التاريخية مع إسبانيا في المجالات كافة والتي أثمرت عن 13 اتفاقية ومذكرة تفاهم موقعة بين البلدين وحجم تبادل تجاري يقارب 5،7 مليار يورو خلال العام 2012م وإنشاء صندوق للبنى التحتية برأسمال مبدئي بمبلغ مليار دولار. وعبر الأمير خالد بن عبدالله عن اعتزازه باحتضان إسبانيا لأكثر من 006 طالب وطالبة يتلقون تعليمهم الجامعي والعالي في 81 جامعة إسبانية بمختلف التخصصات. وألمح سموه إلى قرب افتتاح ملحقية ثقافية بمدريد بعد أن تمت الموافقة السامية عليها. وعن أبرز الدلالات والمعاني لاختيار مدريد لعرض منهج الاعتدال السعودي قال سموه: إن اختيار العاصمة الإسبانية مدريد لتقديم ندوة علمية عن منهج الاعتدال السعودي يأتي تجسيدا للعلاقات التاريخية المتميزة بين المملكة العربية السعودية ومملكة إسبانيا، وإلى التعاون الوثيق والناجح بين المؤسسات العلمية والجامعات في البلدين وتحديدا بين جامعتي الملك عبدالعزيز والتي تشرف على كرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي وجامعة IE BUSINESS SCHOOL في مدريد، هذا بالإضافة إلى الدور الإيجابي الذي تلعبه إسبانيا في موضوع حوار الأديان والثقافات باعتبارها شريكا مؤسسا لمركز الملك عبدالله للحوار العالمي بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا. وفيما يلي تفاصيل الحوار: كيف تقيمون التوجه السعودي العالمي بشأن حوار الحضارات والثقافات والأديان ؟ لقد لقيت المبادرة الكريمة التي أطلقها سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (حفظه الله) للحوار بين أتباع الأديان والثقافات ترحيبا عالميا كبيرا لما تحمله من رسالة إنسانية نبيلة تهدف إلى نشر التسامح والتعاون والتقارب والتفاهم بين الدول والشعوب والمجتمعات الإنسانية كافة، مع التركيز على القواسم المشتركة والفضائل التي تجمع ولا تفرق وعلى أثر ذلك تأسس مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا الذي أصبح منبرا عالميا يكرس مبدأ الحوار ويبحث في القضايا والهموم والتحديات التي تواجه المجتمعات ويسعى للتخفيف من حدة الصراعات والتوترات، وهذه المبادرة الكريمة ذات البعد الإنساني تأتي ترجمة فعلية لمنهج الاعتدال السعودي الذي نشأ مع نشأة المملكة العربية السعودية، وأرى بأن توجه المملكة في دعم حوار الحضارات والثقافات سيكون له إن شاء الله نتائج إيجابية تعزز مكانة المملكة ودورها في العالم أجمع وتسهم في بناء المزيد من جسور الصداقة والتعاون والفهم المتبادل بين شعوب العالم ودوله. كيف تصفون العلاقات السعودية الإسبانية في مجال الشؤون السياسية وإلى أي مدى حققت أهدافها ؟ ترتبط المملكة العربية السعودية بعلاقات شراكة وصداقة تاريخية مع إسبانيا في كافة المجالات، وعلى المستوى السياسي تتميز بالعلاقات والروابط المتينة التي تجمع حكومتي البلدين الصديقين، وما تحقق من نجاح في هذا المجال يعود الفضل فيه للرؤية الحكيمة لقيادتي البلدين الصديقين ولعلاقات الصداقة التي تربط سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (حفظه الله) وجلالة الملك خوان كارلوس ملك إسبانيا وكذلك مع سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع مما كان له أثر إيجابي بارز أسهم في تقارب المواقف والرؤى والتعاون والتنسيق تجاه العديد من القضايا التي تهم البلدين. وقعت المملكة وإسبانيا في الرياض عام 2006م مذكرة تفاهم بشأن المشاورات الثنائية السياسية بين البلدين .. ترى ماذا تم بشأن هذه المذكرة وتفعيلها ؟ التواصل بين البلدين حول القضايا السياسية الإقليمية والدولية قائم ومستمر، وأسهمت مذكرة التفاهم بشأن المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية في البلدين في تأطير وتعميق هذا التفاهم والحوار والتشاور والتنسيق بين البلدين تجاه القضايا السياسية وبما يخدم مصالح البلدين والشعبين الصديقين. كيف ترون وجود المركز السعودي والإسباني للاقتصاد والتمويل الإسلامي والمخرجات المتوقعة منه ؟ المركز السعوي الإسباني للاقتصاد والتمويل الإسلامي كان ثمرة للتعاون العلمي والأكاديمي بين البلدين وخصوصا بين جامعة الملك عبدالعزيز وجامعةI E Business School الإسبانية في مدريد ويعتبر الأول من نوعه على مستوى العالم وأسهم في اجتذاب وتفاعل الباحثين والدارسين والمهتمين بمجال الاقتصاد والصيرفة الإسلامية وخلال عمره القصير الذي لم يتجاوز ثلاثة أعوام لعب دورا مهما في التعريف والتوعية بأسس وأهداف الاقتصاد الإسلامي والصيرفة الإسلامية. ما هي أبرز الاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية الموقعة بين البلدين وانعكاساتها على حجم التبادل التجاري ؟ من بين الاتفاقيات الهامة الموقعة بين البلدين تأتي الاتفاقية العامة واتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي. وفي هذا الإطار كان لي مؤخرا لقاءين مع كل من وزير الدولة لشؤون التجارة الإسباني ومع الرئيس الأعلى لمجلس الغرف التجارية والصناعية والملاحة في إسبانيا وجرى الاتفاق معهما على أن يقوم الجانب الإسباني بالإسراع في اختيار عدد من رجال الأعمال الإسبان البارزين كأعضاء في مجلس الأعمال السعودي الإسباني وخصوصا بأن الجانب السعودي قام باختيار عدد من رجال الأعمال البارزين في المملكة ممن يغطون قطاعات تجارية واقتصادية مختلفة كأعضاء في هذا المجلس، وقد أبلغت الأسبوع الماضي من قبل رئيس مجلس الغرف الإسبانية بأسماء رجال الأعمال الإسبان والشركات التي يرأسونها وهي شركات إسبانية كبرى تغطي عددا من القطاعات الحيوية. وتعمل السفارة حاليا على عقد الاجتماع الأول لمجلس رجال الأعمال السعودي الإسباني في مدريد خلال النصف الأول من شهر يونيه القادم وسيكون لهذا المجلس إن شاء الله دورا هاما في تعزيز وتقوية مجالات التعاون بين البلدين. وفيما يتعلق بحجم التبادل التجاري بين البلدين فقد بلغ العام الماضي 2012م ما 7.5 قارب مليار يورو ويميل الميزان التجاري لصالح المملكة بسبب الصادرات البترولية، وحجم التبادل التجاري هذا وضع المملكة في مرتبة الشريك الاقتصادي الخامس عشر بالنسبة لإسبانيا على مستوى دول العالم، كما وضع المملكة في المرتبة الثالثة بعد الجزائر والمغرب بالنسبة لدول العالم العربي. وبالنسبة لنوعية ومجالات التبادل التجاري فقد غطت مجالات عديدة منها منتجات الصناعة البتروكيماوية والمنتجات المعدنية والآلات واللدائن والمنسوجات والمعدات الطبية والمصنوعات الخشبية وفيما يتعلق بحجم الاستثمارات الأوروبية في المملكة تعتبر إسبانيا الدولة الأوروبية الخامسة في نسبة الاستثمارات والمشاريع المشتركة في المملكة باستثمارات بلغت قيمتها المتراكمة 1.3 مليار يورو. ماذا عن صندوق البنى التحتية الإسباني السعودي لغرض تمويل المشاريع بالمملكة ؟ صندوق البنى التحتية الإسباني السعودي جرى الإعلان عن إنشائه خلال الزيارة الرسمية التي قام بها سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (حفظه الله) إلى إسبانيا في العام 2007م وذلك بتمويل كامل من القطاع الخاص في البلدين بغرض الاستثمار في مشاريع البنية التحتية في المملكة وخصوصا في مجالات النقل والمياه والطاقة وتقنية المعلومات وبرأس مال مبدئي يبلغ مليار دولار، وقد قام الصندوق بعد تأسيسه بالمساهمة في عدة مشاريع في المملكة من أبرزها توقيع مذكرة تفاهم بين الصندوق وشركة إعمار المدينة الصناعية بمبلغ 200 مليون دولار بغرض الاستثمار في مشاريع تغطي مجالات الطاقة والمياه والنقل والموانئ. ولا شك أن مجلس رجال الأعمال السعودي الإسباني الذي تم تشكيل أعضائه مؤخرا سوف يسهم في تعزيز دور صندوق البنى التحتية وزيادة رأسماله ليشمل المزيد من المشاريع الحيوية المشتركة. ماذا عن التعاون في المجال الثقافي والعلمي بين البلدين وسبل تشجيع التعاون مع الجامعات وتسهيل الابتعاث ؟ التعاون في المجال الثقافي والعلمي ممتاز ومتنام، وهناك اتفاقية تعاون ثنائي بين وزارتي التعليم العالي في البلدين تغطي هذه المجالات. وقد أسهمت زيارة معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري إلى إسبانيا في العام 2010م على رأس وفد كبير ضم عددا كبيرا من رؤساء الجامعات السعودية في تعزيز العلاقات العلمية وفي مجال البحث العلمي بين الجامعات السعودية والإسبانية. وفيما يتعلق بالطلبة السعوديين المبتعثين ضمن برنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي فقد ارتفع عدد الدراسين السعوديين في إسبانيا إلى نحو 600 طالب وطالبة يتلقون تعليمهم الجامعي في 18 جامعة إسبانية وفي مختلف التخصصات وهذا العدد مرشح لأن يتضاعف خلال العامين القادمين، وخصوصا بعد أن لمست شخصيا اهتمام الجانب الإسباني بتقديم التسهيلات اللازمة وإزالة العقبات أمام الطلبة السعوديين الراغبين في مواصلة دراستهم في الجامعات الإسبانية وهذا ما عبر عنه معالي وزير التعليم والثقافة الإسباني عندما اجتمعت معه مؤخرا لبحث موضوع متابعة وتعزيز مجالات التعاون الثقافي والعلمي بين البلدين، حيث رحب الوزير الإسباني بوجود الطلبة السعوديين في الجامعات الإسبانية وحرصه لتقديم التسهيلات اللازمة لقدوم المزيد من الطلبة السعوديين للدراسة في الجامعات الإسبانية. ومؤخرا صدرت الموافقة السامية الكريمة على افتتاح ملحقية ثقافية سعودية في مدريد للعمل على خدمة الطلبة السعوديين ومتابعة مجالات التعاون مع المؤسسات والجهات العلمية والثقافية الإسبانية وتعزيز مجالات البحث العلمي، وهذا لا شك سيسهم في توسيع وتعزيز مجالات التعاون العلمي والأكاديمي والثقافي بين البلدين. المملكة وإسبانيا لديهما تعاون في مجالات عدة مثلا في المجال الصحي والسياحي والنقل الجوي إلى أي مدى وصل هذا التعاون ؟ لدينا حاليا 13 اتفاقية ومذكرة تفاهم موقعة بين البلدين يأتي من بينها اتفاقية التعاون في مجال النقل الجوي، اتفاقية التعاون في المجال الصحي، والبرنامج التنفيذي للتعاون في المجال السياحي وكلها أسهمت في توثيق علاقات الصداقة والتقارب بين البلدين وحققت الكثير من الفوائد والمنافع المشتركة، ومن المهم جدا متابعة تنفيذ وتفعيل بنود هذه الاتفاقيات وهذا ما تقوم به السفارة حاليا من خلال التواصل مع الجهات الإسبانية المختلفة. ومؤخرا تم توجيه الدعوة لسمو الرئيس العام للطيران المدني لزيارة إسبانيا ونتوقع أن يكون لهذه الزيارة مردود إيجابي على علاقات البلدين. وتقوم السفارة حاليا بالتواصل مع وزارة الصحة الإسبانية من أجل تفعيل لجنة التعاون في المجالات الصحية والتي نصت عليها اتفاقية التعاون الصحي بين وزارتي الصحة في المملكة وإسبانيا. وفيما يتعلق بالتعاون السياحي، ومنذ توقيع البرنامج التنفيذي للتعاون في المجال السياحي بين البلدين وفي إطار هذا الاتفاق جرى تنظيم العديد من الزيارات كان آخرها زيارة لإسبانيا نظمتها الهيئة العامة للسياحة والآثار لوفد سعودي ضم عددا من أمناء المناطق ورؤساء البلديات واستغرقت الزيارة سبعة أيام خلال الفترة من 1 إلى 7 من شهر مايو الحالي وخلالها تم الاطلاع على التجربة الإسبانية في مجال تطوير وتأهيل مواقع التراث العمراني وكيفية استثمارها اقتصاديا وسياحيا، وقد سعدت بالاجتماع مع الوفد السعودي الذي قيم بشكل إيجابي هذه الزيارة وخصوصا زيارتهم لإقليم الأندلس ومدنها التاريخية ذات الطابع العربي الإسلامي مثل أشبيلية وغرناطة وقرطبة وسرقسطة وتحدثوا عن إمكانية الاستفادة من هذه التجربة الإسبانية الرائدة لتطبيقها في مناطقهم.