يلجأ الشباب في منطقة عسير إلى «شبة النار» لإنجاز كثير من المهام، أثناء خروجهم للتنزه في البراري فهم يستخدمونها للطبخ، أو الترحيب بالضيوف والزوار، وإرشاد عابر السبيل، متوارثين هذه العادة الجميلة من الآباء والأجداد الذين اشتهروا بالكرم وإغاثة الملهوف وإطعام المحتاج. ويحرص شباب عسير خلال تجمعاتهم في عطلة نهاية الأسبوع على شبة النار وخصوصا بعد أن أخضرت الأرض بفعل الأمطار الغزيرة التي شهدتها المنطقة خلال الفترة القليلة السابقة، وباتوا يشكلون مجموعات متناثرة في مواقع برية ويفضل أن تكون مظلمة وخارج النطاق العمراني. وأوضح مشبب آل سعد (75 عاما) أن لفظة «الشبة» التي تعني التجمع لتناول القهوة، اشتقت من «شبة النار»، لافتا إلى أن البدو قديماً كانوا ينتقدون من يهمل هذا الجانب بقولهم: «بعض العرب في شبة النار يحتار يجي الشتاء ويروح ما شب ناره»، مبينا أنه على هذا الأساس أصبحت شبة النار تعتبر دلالة على الدعوة إلى الحضور وبالتالي يكون الاجتماع على القهوة حيث يرونها فاكهة السمر البري. وبين أن النار تعطي أثناء إيقادها نوعاً من الحركة للمكان وتكمل الأجواء البرية، التي تدخل فيها المؤثرات الأخرى مثل صوت النجر وسوالف الحاضرين، حيث تتسع النفس عندما يجتمع عليها السمار وتبتهج برؤية سناها في صورة رائعة ترى من خلالها ملامح ومزايا البيئة البرية ببساطتها وتواضعها. إلى ذلك، بين المواطن سعيد بن صالح (65 عاما) أن المشب والوجار هما اسمان مأخوذان من مصادر فعلها وهو مكان إيقاد النار وإعداد القهوة والشاي قديماً ومع الوقت فإنهم لم يهملوا تطويرها فأصبح يبنى في المجالس ويزين بالجبس عبر نماذج ومفردات شعبية وهو عبارة عن مكان توقد فيه النار وإلى جانبه رفوف توضع عليها دلال القهوة وأباريق الشاي والمباخر وأوان أخرى تستخدم لإعداد المزيد من المشروبات الساخنة كالحليب والزنجبيل والنعناع والحبق وغيرها. وذكر أنه يشيد باب صغير قرب الموقد لمستودع الحطب، لافتا إلى أن أبناء اليوم لم يهملوا الشكل القديم للمشب حيث تراهم يحرصون على وضع الرفوف (الكمار) ويزينونها ببعض الدلال والأباريق والأواني الأخرى، جوار النار يجتمعون لتناول القهوة وتبادل الأحاديث والأخبار وأحيانا المساجلات الشعرية.