وردك يا زارع الورد فتح ومال عالعود... كله فربيع الورد من ذا الجمال موعود وردك جميل محلاه فتح على غصنه.. لما الندى حياه نور وبان حسنه ومال يمين و شمال جميل وماله مثال قهوة الحليب التي يعدها عبدالعزيز المشري يرحمه الله لم أذق في حياتي قهوة مشابهة لها، ولا أعلم ما هو السر، لكن عبدالعزيز يعلم أن قهوته لا يضاهيها أي بيت أو مقهى! كما أن مرارة قهوة المشري لا تضاهيها عذوبة؟ هذه الأغنية كانت من الأغاني التي عشقها المبدع الراحل عبدالعزيز، وكنت ألاحظ ملامحه وانفعالاته في كل كلمة وكأنها تنحت في جوارحه.. وفي سياق غنائنا للأغنية على العود معا ننتقل إلى المقطع التالي، وكأن كلمات المقطع الثاني تعاتب الأول ويقول: وردك يميل ويقول من في الجمال قدي.. في سلوة المشغول في عيني وبخدي لحظات توقف وصمت ثم لا يستطيع عبدالعزيز صبرا، فيمد يده و يسحب العود مني ويحتضنه بحنان، ويقول: أنا ألبي إليك ميّال.. وننطلق معا في الغناء.. ثم يقول فجأة: كمل يا أخي!؟ بعد هذه الأغنية ننتقل إلى الأغاني اليمنية التي كانت تأسر المشري، ولا شعوريا يقوم بانفعال من مكانه ويقول: لا بد من كافي ثاني! كم هي الحياة جميلة وغنية بغنى الإنسان وليس غير ذلك.. كم هي جميلة ورائعة تلك اللحظات التي يصنعها الإنسان في البحث عن معنى جمالي أو إنساني أو عاطفي؟ حياتنا اليوم مع الأسف الشديد مشغولة في البحث عن قبح ممنهج! كما أتذكر محاولته الأولى في تأليف قصيدة مرتجلة يقول فيها بصوته الهادئ المتأني: أنا مش... في الدم.. أنا مش..... وأفضل ما شاهدته وتعلمته من الراحل المشري هو استخدام «أقلام الروترينج مع الحبر الصيني» في الرسم، وقد أهداني لوحة من أجمل أعماله (سلسلة العذراء) وكتابه الرائع (من رحيق الريشة) الذي يحتوي على لوحات رائعة للأسف لم تجد طريقها إلى النشر حتى على شكل «بوسترز» تعلق على الحائط ليتأملها الفنانون الصغار الواعدون، وتبقى ذكرى أعمال فنان ينبض بالإنسانية والسلام. سوف يبقى عبدالعزيز المشري ابن هذه الأرض الطيبة المعطاء حمل هويته الجنوبية الأصيلة بين جوارحه وزادها بريقا وجمالا في ما خط قلمه وخطت ريشته أينما ذهب حتى فارق عالمنا مبكرا.. ستبقى في قلوبنا يا عبدالعزيز..